أخر الأخبارالرئيسيةسناك ساخر

مواطن سوري يتخلّى عن صفة “عادي” وينضم لجيش المنظّرين والفلاسفة

بين الصراع الأموي ونقاش الفيدرالية .. هل تعرفون كم بلغ سعر كيلو البطاطا؟

أنا مواطن سوري عادي، وأعرف تماماً أن صفة العادية باتت نادرة وعملة صعبة ففي بلد الـ 25 مليون نبي وفيلسوف وقائد، سيكون العثور على مواطن عادي أمراً صعباً.

سناك سوري _ مواطن عادي

أنا مواطن عادي جداً، وأقل من العادي إن شئتم وحين أفتح عيناي صباحاً أول ما أفكر به هو طبخة اليوم وثمن الخضار التي يجب أن أشتريها وكم تبقى من راتبي ومواردي الضئيلة.

وبصراحة، فإن وصول سعر كيلو البطاطا إلى 7 آلاف ليرة يهمني ويؤثر في حياتي أكثر بكثير من الصراع الأموي مع بقية أبناء “عبد شمس”، وسعر اللحمة التي أشتريها بـ”الأوقية” أهم عندي ألف مرة من نقاش إيجابيات اللا مركزية وسلبيات الفيدرالية.

أعرف حجمي الحقيقي تماماً وتصالحت منذ زمن بعيد مع الفكرة، لن أغيّر الكون ولن أشقّ البحر ولن أمشي على الماء، لكن الكارثة أن أهلي السوريين الذين يرون في أنفسهم محور الكون لم يتصالحوا بعد مع حقيقة أن بلدهم أصغر من مشاكلهم، الأمر يشبه أن طفلاً في الخامسة من عمره يحاكم بقضية تزوير أوراق رسمية، ولا أحد يريد الاقتناع أن حجم التهمة لا يناسب مقاسه.

185 ألف كيلو متر من الأزمات، 185 ألف كيلو متر من النظريات والعنتريات والجذور التاريخية، لكل مواطن نظرية يعجز ديكارت عنها، ولكل 5 أشخاص تجمع يفوق في صراخه الحزب الجمهوري الأميركي، لدينا مليون رؤية ومليون ثائر ومليون شهيد ومليون نازح ومليون مظلوم ومليون ظالم، ملايين على مد عينك والنظر.

مقالات ذات صلة

لا أحد في بلادنا يهمه سعر كيلو البطاطا إلا المواطن العادي من أمثالي، الكل يريد الحديث عن شرعية السلطة ونظرية الحكم ودستورية الانتخابات واتفاقات السلام، ولا أحد يلتفت إلى لقمة الخبز التي تغيّر حياة ملايين المواطنين.

وبعدما عجزت عن الحفاظ على “عاديتي” قررت أن أنضم إلى أهل بلدي وأخوض غمار “التنظير المجاني” وتجاهلت أنني لا أملك ثمن وجبة طعام ورحت أكتب عن النزعة البونابرتية لدى الحكام العرب، وتأثير الناصرية على المجتمعات الشرق أوسطية في الستينيات، وأسباب انهيار الاتحاد السوفييتي، واقتنعت بعبارة “إذا جن ربعك عقلك ما يفيدك”.

زر الذهاب إلى الأعلى