
في الوقت الذي ترافق فيه تشكيل الحكومة الجديدة بتصريحات رسمية تؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون لـ”خدمة المواطن وضمان حقوقه”، تطرح حادثة تعرضت لها المواطنة السورية “غالية الكاري” تساؤلات جدية حول قدرة المؤسسات على حماية المواطنين، وفعالية الوعود الحكومية في وجه ممارسات تقع على النقيض تماماً منها.
سناك سوري-دمشق
“الكاري” نشرت عبر صفحتها الشخصية على “فيسبوك” تفاصيل ما وصفتها بـ”القضية المستمرة منذ خمسة أشهر”، والمتعلقة باستيلاء مجموعة مسلحة على منزل والدتها في دمشق، رغم وجود أوراق ملكية رسمية لتصدر المحافظة قرارها بإعادة العقار للعائلة.
تقول الكاري إن «قصة بيت الوالدة الذي تم الاستيلاء عليه ما زال المسلسل مستمراً منذ خمسة أشهر»، مشيرة إلى أنه وبعد تقديم كل الثبوتيات الرسمية، أعادت محافظة دمشق البيت للعائلة، واعتُبر ذلك خطوة أولى نحو إنصافها، لكن الفرحة لم تدم طويلاً، إذ جاء، بحسب روايتها، «فصيل مدجج بالسلاح ليتم كسر الباب والاستيلاء عليه مجدداً، ضاربين عرض الحائط بقرار المحافظة».
وأضافت أن الفصيل المسلح لم يكتفِ بذلك إنما جرى الاعتداء على منزل شقيقها الموجود بالطابق ذاته، وسرقة جهاز الـDVR لكي يطمسوا ما قامت به الكاميرات من توثيق للإقتحام و التعفيش، على حد تعبيرها.
فصيل تابع لوزارة الإعلام!
ووفقاً لما نشرته الكاري، فإن الفصيل الذي اقتحم المنزل عرّف عن نفسه بأنه تابع لوزارة الإعلام السورية، هذه المعلومة دفعت العائلة إلى اللجوء مباشرة للوزارة لتقديم شكوى، أملاً بالحصول على إجابة رسمية ووضع حد لما يجري.
لكن محاولتهم، كما تروي، لم تلقَ الاستجابة المتوقعة: «توجهنا اليوم لوزارة الإعلام لتقديم شكوى، فتم رفض دخولنا لمكتب الوزير، والحجة أنه يجب أخذ موعد عن طريق الواتساب».
بعد تعذر مقابلة وزير الإعلام، تقول “الكاري” إنها توجهت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، على أمل أن تقوم الوزيرة “هند قبوات” بإيصال صوتهم إلى الجهة المعنية، إلا أن محاولة الدخول باءت بالفشل أيضاً “بحجة أنها في اجتماع”.
وتختم منشورها بما وصفته بـ”العبرة من كل هالبوست الطويل”، أن «الحكومة الجديدة التي تدعي أنها وجدت لخدمة الشعب.. وعندما تحتاج أحد القائمين عليها، عليك أن تبحث عن واسطة لإيصال صوتك عن حقك المنهوب».
وفي منشور لاحق، أوضحت “الكاري” أن طلبها لمقابلة وزير الإعلام قوبل بالرفض أيضاً، وأن الرد الرسمي كان: “عليكم التوجه للقضاء”.
مشكلة “غالية” تبرز بوضوح أهمية أن يقوم الوزراء بتحديد يوم في الأسبوع لمقابلة المواطنين والمراجعين والاطلاع على شكاويهم واحتياجاتهم، وهذا لا يبدو معقداً جداً بحال تم الاستغناء عن البيروقراطية في التعامل مع الناس.
أما الأمر الآخر الذي تبرزه مشكلة المواطنة السورية فهو يتعلق بالجانب القانوني، حيث أن اقتحام منزل تملكه العائلة بموجب “طابو أخضر” صادر عن الدولة والاستيلاء عليه رغم صدور قرار رسمي من المحافظة بإعادته لهم، يمثل مخالفة واضحة لقرار جهة إدارية رسمية، وهو ما يجب أن يُقابل بتدخل حاسم من الجهات المعنية لفرض سيادة القانون، لا بإحالة الشكوى إلى مسارات طويلة ومعقدة يصعب على المواطن العادي أن يخوضها دون دعم.