منذ منتصف التسعينات فقدت “سوريا” لوناً من ألوان طيفها وخسرت “مرح جبر” حبيبها اليهودي!
سناك سوري – عمرو مجدح
“لو بيصح لنا بيت برا ما منترك بيتنا هاد مع انو هون كثير مهرهر ” هكذا رددت السيدة “ماري” أقدم سكان البيت العربي في إحدى أحياء “دمشق” القديمة فهي تسكن هذا البيت منذ ٤٠ عاماً مع عائلات من مختلف النسيج السوري وبعد أن عرفتنا على جاراتها مدام “لولو ونينا زليطة وايزيت لاطي” ” اليهوديات ” أشارت إلى الجارات الأخريات قائلة : «هون المدام مسلمة فلسطينية ، والست مسلمة نبكية سوريّة وأنا مسيحية وكلنا هون عايشين”.
هذا كان شكل المجتمع حسب ما صوره الوثائقي الذي بثه التلفزيون العربي السوري عام ٩٣ بعنوان ” يهود سوريا ” وهو يتناول الطائفة “الموسوية” ويصور مدى ترابط المجتمع السوري بكافة طوائفة وماهي إلا سنوات قليلة تلت ذلك الوثائقي حتى بدأ اليهود بالإختفاء من “سوريا” ليقدر عددهم في السنوات الأخيرة بأقل من عشرين شخصاً من النادر أن تصادف أحداً منهم وهم يخفون هويتهم بسبب الربط الدائم بين اليهودية والصهيونية.
تناولت الكثير من الأعمال الدرامية والسينمائية “يهود الشام” لكن قليلة هي التي أظهرتهم بعيداً عن تلك الصورة النمطية التي رسخت وتوارثتها أجيال متعاقبة بمجرد أن تسمع كلمة يهودي تربطها بكلمة خائن لا إرادياً!
عام ٢٠١٣ قدمت الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل ” حدث في دمشق ” بطولة “سلاف فواخرجي” وإخراج “باسل الخطيب” المأخوذ عن رواية ” وداد من حلب ” نموذج عن المرأة السورية اليهودية وهي ترفض وتحارب الفكر الصهيوني وتدافع عن سوريتها مخاطبة إحدى الشخصيات الصهيونية قائلة : «يا موردخاي أنا شامية مدموغة بدبغة شامية ولدت بالشام بدمشق و “دمشق” مثل “القدس” مثل أي مدينة عربية بفلسطين شو بدك قلك كمان أنكم سرقتوهم إي نعم سرقتوهم هيك وبكل بساطة أنتو سرقتو وطنهم بتفهم شو يعني سرقتو وطن ؟، يعني سرقتو بيوتهم شوارعهم ملاعب أطفالهم قهاوي رجالهم سرقتو ذكرياتهم وأحلامهم سرقتو الجيران وسرقتو الحيطان سرقتو الشباك اللي عم توقف عليه الصبية وهي بتستنى حبيبها سرقتو عتبة الدار اللي كانت تقعد عليها هي وصغيرة وستها بتسمعها أول غنية ».
اقرأ أيضاً:الزواج المدني في الدراما السورية- عمرو مجدح
من أجمل الحالات التي قدمتها السينما “هالة بنت ألبير اليهودي” التي باح لها والداها وهما في صالة الإنتظار بالمطار أن ” نبيل حنا بشارة ” حبيبها ” المسيحي ” الذي اختفى منذ ٢٠ عاماً في حرب “لبنان” مازال على قيد الحياة ولم يمت كما كانت تعتقد فتبدأ رحلة طويلة بحثاً عنه تجوب فيها المدن والقرى السورية دون أن تعي حقيقة هدف والدها الذي مثّل دوره باقتدار “خالد تاجا ” وهو يحاول الإبقاء على أحد أفراد العائلة في “دمشق” بعد أن هاجرت أغلب العائلات اليهودية منذ منتصف التسعينات وفقدت “سوريا” لوناً من ألوان طيفها.
“هالة” الشخصية الرئيسية في فيلم “دمشق مع حبي” ٢٠١٠ للمخرج “محمد عبد العزيز” والتي تقوم بدورها “مرح جبر” لا يمكن إلا أن تأسرك في ثوان تلك الفاتنة التي تقرر إلغاء رحلتها إلى “إيطاليا” وتغادر المطار وفي الخلفيه صوت فيروز مغرداً (يا طير يا طاير ع طراف الدني).
أظهر الفيلم اليهودي بشكل طبيعي ضمن النسيج السوري مع المسلم والمسيحي والأرمني بعيداً عن الأجندات والكليشيهات التقليدية التي تضعه دائماً في دائرة الخائن والعميل، ولا يمكن أن نغفل تلك القواسم المشتركة بين الفيلم وقصة الحب الملتهبة التي عاشتها نجمته “مرح جبر” مع شاب يهودي وكانت حديث المجتمع والصحف في التسعينات خاصة بعد أن أطلق اسم “مرح” على محلات مجوهراته وكما الفيلم كان هناك فراق ومطار وهجرة فقد هاجر الشاب مع عائلته إلى “أمريكا” وحدث كما يحدث دائماً أن قصص الحب العظيمة لا تكتمل لسبب أو لأخر!.
منذ عدة أشهر أعادت قناة BBC العربية الأنظار نحو يهود “سوريا” من خلال تقرير مصور مع عدد من السوريين اليهود القلائل الذين مازالوا مقيمين في “دمشق” ورافقت “ألبير وراشيل قمعو” اللذين بلغا العقد الثامن من العمر إلى “كنيس الشماع” راويان الكثير من الحكايا والتفاصيل عن زمن قريب.
اقرأ أيضاً:شبكة عالمية تقدم مسلسلاً عن جاسوس “إسرائيلي” في سوريا