
في ظل الأحاديث المتصاعدة عن دخول الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا وإعادة إنعاش الاقتصاد بعد سنوات الصراع والدمار، يرى الاقتصادي “خالد البيطار”، أن المرحلة المقبلة ستكون معقدة وحساسة، إذ لا تقتصر على النشاطات والاستثمارات فحسب، بل تتعداها إلى إعادة هيكلة الاقتصاد السوري والانتقال من اقتصاد مخطط إلى سوق مفتوح وتنافسي، وفق ما صرحت به الحكومة في أكثر من مناسبة.
سناك سوري – متابعات
وفي مقال لـ” البيطار” نشره على موقع ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، حذر من أن الشعارات التي ترفع عادة في البداية مثل تأمين فرص العمل ومحاربة البطالة، قد تتحول إلى كارثة إذا لم ترافقها سياسات منع احتكار صارمة وسياسات حماية اجتماعية واضحة تحمي الفئات الهشة من الاستغلال وظروف العمل القاسية، في ظل غياب شبه كامل للضمانات الاجتماعية والصحية منذ عقود.
ويشير إلى أن صياغة قانون عمل جديد يجب أن تتضمن قضايا أساسية أبرزها، تحديد حد أدنى للأجور بالساعة، وضبط عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية، كذلك ضمان الإجازات السنوية والمرضية المدفوعة، والحق في الإضراب والاتفاقات الجماعية، وشروط السلامة المهنية.
إضافة إلى الحماية من الفصل التعسفي بعد فترة التجربة، وحماية الفئات الهشة مثل النساء الحوامل وذوي الإعاقة، وإلزامية العقود المكتوبة ودفع الرواتب بآلية واضحة، وأخيراً، قوانين تأمينات اجتماعية تشمل البطالة والصحة والتقاعد وإصابات العمل.
ويستشهد “البيطار” بتجربة ألمانيا حيث يتم تنظيم علاقة العمل عبر أكثر من 15 قانون منفصل يختص كل منها بجانب محدد، ما يمنح المشرع مرونة أكبر ويجعل الحقوق والواجبات أكثر وضوحاً وقابلية للتطبيق.
الحاجة لنقابات حرة
كما يؤكد أن انفتاح الاقتصاد وتدفق الاستثمارات سيضع العمال في مواجهة قوة رأس المال والشركات الكبرى، وهو ما يتطلب نقابات حرة ومستقلة قادرة على الضغط والدفاع عن حقوقهم، ويرى أن استقلالية هذه النقابات تستلزم، حرية التشكيل والانتخاب والإدارة بعيدًا عن التدخل الحكومي والحزبي، وضمان حق الإضراب وتنظيمه بقوانين واضحة.
كذلك، القدرة على التفاوض الجماعي مع الشركات وأصحاب العمل، وتوفير الدعم القانوني والاستشارات للعمال، إضافة إلى تمويل مستدام عبر اشتراكات الأعضاء أو أنشطة مشروعة لضمان الاستقلالية.
ويضيف أن منظمات المجتمع المدني لها دور حيوي في مراقبة الانتهاكات وتوثيقها، ونشر الوعي بالحقوق العمالية، وتقديم الدعم للعاطلين عن العمل أو غير المنظمين في نقابات، إضافة إلى ممارسة الضغط الإعلامي والسياسي لتحسين بيئة العمل، وتسهيل التواصل مع الجهات الحكومية.
ويخلص البيطار إلى أن تمكين هذه المنظمات بقوانين تضمن استقلاليتها وحرية عملها هو شرط أساسي لتحويل جهودها من نشاط رمزي إلى تأثير حقيقي في حماية العمال وصون حقوقهم في سوريا الجديدة.