الرئيسيةتقاريرسناك ساخن

من درعا إلى طرطوس: النساء هدف سهل في بلد بلا محاسبة

تكرار جرائم القتل والخطف في أماكن عامة، وتصاعد العنف ضد النساء في ظل إفلات شبه تام من العقاب وتجاهل حقوقي وقانوني

منذ بداية تشرين الأول الجاري، تصاعدت وتيرة الجرائم التي طالت نساء في مناطق متفرقة من سوريا، في سياقات مختلفة، لكن جميعها يشترك في القسوة والغموض وغياب المحاسبة، فخلال أسبوعين، وثّق ناشطون خمس حالات قتل استهدفت نساء في حمص ودرعا وطرطوس ودير الزور، معظمها نفذ على يد مجهولين، فيما لا تزال دوافع معظم هذه الجرائم غير معروفة، وسط تكتم رسمي أو روايات متضاربة.

سناك سوري-دمشق

الضحايا تنوّعن بين معلمات وأمهات وسيدات لا تزال هويتهن مجهولة، وبينما باشرت الجهات الأمنية تحقيقاتها في بعض هذه الحوادث، إلا أن وتيرتها، وحدة العنف فيها، تطرح أسئلة جدية حول مؤشرات العنف القائم ضد النساء، وأسباب تصاعده، وتكرار نمط استهدافهن في أماكن عامة.

يوم أمس الجمعة نقلت صفحة تجمع أحرار حوران خبراً عن مقتل السيدة “خيرية محمد علي الفضيل ” جراء استهدافها بالرصاص من قبل مجهولين في مدينة نوى بريف درعا الغربي، بدون أي معلومات حول الجريمة.

قبل ذلك بيومين قال الصحفي “هيثم محمد” في منشور له بالفيسبوك، إنه تم العثور على جثة سيدة مقتولة ومرمية على كورنيش مدينة طرطوس، وكانت مكبلة اليدين ومجهولة الهوية.

“محمد”، قال إن الأمن الداخلي نقل الجثمان إلى المشفى الوطني، بينما بدأ الأمن الجنائي تحقيقاته لكشف ملابسات الجريمة، ومنذ يوم الأربعاء الفائت حين تم العثور على الجثة لا معلومات جديدة حول الجريمة التي هزت مدينة طرطوس.

وفي وقت سابق من شهر تشرين الأول الجاري، هزت جريمة قتل المعلمة “ليال غريب” في حمص أمام مدرستها “وليد النجار” بجب الجندلي الشارع الحمصي، حيث وبحسب المعلومات المتداولة فإن “ليال” أم لأربعة أطفال، وتعرّضت لإطلاق النار أثناء دخولها إلى المدرسة، فيما أشارت بعض المصادر إلى ارتباط جريمة قتلها بدوافع طائفية.

في غضون ذلك ذكرت صفحات محلية في دير الزور أن السيدة “عبير العايش” قتلت برصاص مسلحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في حي الضاحية، بينما أصيبت سيدة أخرى هي “سناء عبود الجدعان”، ومرة أخرى غابت المعلومات عن الجريمة التي قالت الصفحات إنها وقعت بداية تشرين الأول الجاري، فلا الفاعل معروف ولا السبب.

استهداف النساء لا يقتصر على القتل والرصاص، حيث تصاعدت حدة عمليات اختفاء النساء في مناطق الساحل السوري، الذي سجل عدة حوادث اختفاء لنساء عادت 3 منهن بعد أيام قليلة لكن دون أي توضيحات أو تقديم أي تفاصيل عما جرى معهنّ، مثل “نعمى ابراهيم” من “طرطوس”، و”هديل جداري” من اللاذقية والتي ظهرت في فيديو لم توضح فيه أي تفصيل باستثناء تأكيد خبر عودتها.

في المقابل عادت “سمر اسماعيل” كذلك إلى حضن عائلتها بعد 3 أيام من الاختفاء من دون أي معلومات أخرى، بينما تداول ناشطون في السوشيل ميديا صورة للسيدة التي يبدو أنها تعرضت لضرب شديد على مناطق متفرقة من جسدها.

الجناة والإفلات من العقاب

وفي شهر أيلول الفائت، تعرضت الشابة “روان” من ريف حماة، لاعتداء جنسي وعلى الرغم من أن القضية تحولت إلى قضية رأي عام، وأكدت الجهات المعنية أنها تتابع التحقيقات للوصول إلى الفاعلين، إلا أنه وحتى اللحظة لا جديد في الجريمة التي ربما تذهب طي النسيان كما لقيته جرائم عديدة ضد النساء في مناطق البلاد.

وترى ناشطات نسويات أن استمرار استهداف النساء سببه عدم وجود إرادة جدية في محاسبة الجناة، وغياب منظومة قانونية تحمي النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي، إضافة إلى الثقافة المجتمعية التي تميل إلى تبرير العنف أو الصمت عنه، سواء من باب الخوف أو العيب أو انعدام الثقة بالجهات المسؤولة.

ويؤكدن أن التعامل مع هذه القضايا غالباً ما يكون ظرفياً ومرتبطاً بضغط الرأي العام، لا بمنظور حقوقي مستدام، وهو ما يجعل الكثير من الجرائم تُطوى دون محاسبة أو عدالة حقيقية.

وكان شهر شباط الأقسى على النساء، حيث وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 37 امرأة خلاله، بينما بلغ إجمالي الضحايا المدنيين الذين قضوا نحبهم في أنحاء سوريا 222 مدنياً، وذلك حتى منتصف العام الجاري، وقد بلغ عدد الضحايا من النساء 194 من أصل 2818 مدنياً قتلوا في النصف الأول من العام، بينهم متحكمون مختلفون من القوى المشاركة في النزاع.

اللافت في هذه الحوادث، أنها لا تجري في الخفاء، بل في أماكن عامة وأحياناً في وضح النهار، ما يجعلها، إضافة إلى كونها جرائم قتل، بمثابة رسائل ترهيب مجتمعية، تستهدف النساء، وتؤكد هشاشة البيئة الأمنية التي يفترض أن تحميهن.

 

زر الذهاب إلى الأعلى