“منهاج التربية الزراعية”.. الطلاب زرعوا بأيديهم وتذوّقوا منتجاتهم داخل مدرستهم
معلمة تنجح في كسر نمطية التعليم عبر تجربة ناجحة لتطبيق منهاج “التربية الزراعية”
سناك سوري – سها كامل
«صناعة مربى العنب.. تخليل الزيتون.. تخليل الفليفلة.. صناعة خل التفاح.. تحضير عصير البرتقال.. زراعة السبانخ و الفول والعدس والحمّص و البقدونس»، كلها تمت بأيادي الطلبة الصغيرة، عبر تطبيق “منهاج التربية الزراعية” من داخل غرفة “الزراعة” في ثانوية “علي حسن بدور” للتعليم الأساسي، في قرية “الهنادي” بريف اللاذقية.
تقول المعلّمة “راما الحايك” مدرّسة منهاج التربية الزراعية في المدرسة لـ”سناك سوري”: «يهدف هذا المنهاج إلى تشجيع المجتمعات الريفية على الاهتمام بالزراعة، بالتالي تشجيع أبناء الريف على تطوير منطقتهم، وزيادة مردود القطاع الزراعي، ومناقشة المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها المزارع وكيفية حلها، كما يشجع على استخدام الزراعة العضوية لما لها من أهمية في الحصول على منتج زراعي صحي ونظيف في ظل ثورة المواد الكيميائية المضرة».
يُشترط أن تكون المدارس ريفية لسهولة تطبيق الأنشطة العملية، وفق “الحايك”، تضيف: «يتم تدريسه لصفوف الرابع والخامس والسادس، يتضمن وحدات تعليمية لكل صف، و يشرح التهيئة الزراعية الجيدة لتلافي الأمراض التي قد تصيب النبات، وأيضاً طرائق زراعة بعض المحاصيل مثل الخضروات التي تختلف زراعتها عن زراعة القمح، كما يتحدث المنهاج عن تربية بعض الحيوانات كالأغنام والماعز والدواجن والنحل والأرانب، و فائدة هذه الحيوانات وكيفية العناية بها».
تُطبق أنشطة المنهاج ضمن غرفة اسمها “غرفة التربية الزراعية” داخل المدرسة، بإشراف المعلمة المباشر، وبالتعاون معهم يتم إحضار الأغراض اللازمة لكل نشاط.
اقرأ أيضاً: سوريا: مدّرسة تشرح منهاج اللغة الفرنسية بطريقة تفاعلية تجذب الطلبة وتمنع الملل
نشاطات
تضيف «بدأنا بتطبيق نشاط زراعة البصل، كل تلميذ أحضر كيس صغير فيه تربة، و بصلة واحدة، ثم بدأنا بزراعتها داخل التربة، عندما أصبح البصل ناضجاً، طلبت من كل تلميذ أن يحضر رغيف من الخبز، وقام كل التلاميذ بنشاط قطف البصل الذي زرعوه واعتنوا به، و جهزت لهم سندويشات من البصل والزيت»، تضيف مبتسمة: «تناولوا إنتاج أيديهم بكل حب ومتعة».
مُتعة المعلّم تكمن في تطبيق منهاج تربوي مع تلاميذه عملياً تقول “حايك” وتضيف: «قمنا بنشاط تخليل الزيتون وتخليل الفليفلة وصنع خل التفاح، وزرعنا السبانخ والفول والعدس والحمّص و البقدونس، بالإضافة إلى تحضير عصير البرتقال في “غرفة الزراعة” و اعتنى التلاميذ بمزروعاتهم بأنفسهم».
وعن الفائدة من منهاج “التربية الزراعية” تقول “الحايك”: «نحن بحاجة إلى الخروج من دائرة نمطية التعليم المعتادة، وكسر روتين التعليم المُمل، الذي يعتمد على السرد والحشو، هذا المنهاج مثالي لهذه الغاية، والتلاميذ كان تفاعلهم مدهش مع المنهاج».
ماذا قدّم المنهاج للمعلّم والتلميذ؟
ترى المعلّمة أن «المنهاج وضع التلاميذ في اختبار عملي مباشر، و علّمهم أهمية التعاون والعمل الجماعي والتشارك مع الآخرين في إنجاز العمل، زرع في نفوسهم الثقة بأنهم منتجين وفاعلين، بالإضافة إلى زرع الحس بالمسؤولية في نفوسهم من خلال مسؤوليتهم عن مزروعاتهم وسقايتها والعناية بها».
بينما ترى في تدريسها للمنهاج «تجربة مهمّة، استمتعتُ بها، كوني شخص يعشق الزراعة، خاصة زراعة الورود، وشجعت التلاميذ على زراعة ورود في أحواض صغيرة وإحضارها لنجمّل بها غرفة الزراعة».
هل من معوقات؟
“المعوقات الأعظم”، كما وصفتها المعلّمة، هي العدد الكبير للتلاميذ الذي قد يصل إلى 50 طالب في بعض الشِعب الصفية، حيث «يصعب علينا تطبيق النشاط، ويسبّب إرهاق للمعلّم، بالإضافة لأنه يمنعنا من الزيارت خارج المدرسة مثل زيارة الحقول والمناحل ومعصرة الزيتون وغيرها، كما أن الوضع اللوجستي للمدارس بشكل عام لا يسمح بتوفير وسائط النقل تتسع لهذه الأعداد، لكن في المرحلة القادمة سنحاول القيام بزيارات خارجية للمناطق القريبة التي لا تحتاج لوسائط نقل».
نشاطات مستقبلية
تختم المعلّمة “راما الحايك” حديثها لـ “سناك سوري”، بعدد من الرؤى والأمنيات، تقول: «في المرحلة القادمة سنتعلم تصنيع الجبن وتطعيم الأشجار وطرق تجميل بيئتنا بالأزهار، ونتمنى أن نرتقي بمدارسنا لتستخدم التطبيق العملي أكثر من الحشو والسرد، وتبتعد عن النمطية وتلجأ إلى هكذا مناهج تحقق الغاية المرجوة».
اقرأ أيضاً: سوريا: قرية ريفية تؤمن الكتب لأبنائها الذين يتبادلونها بين بعضهم البعض