مكافحة الفساد.. حملات موسمية أم برامج جدية – أنس جودة
أمور لابد منها لمحاربة الفساد
سناك سوري – أنس جودة
كثر الحديث عن محاربة الفساد في الفترة الماضية ولكن بدون أي نتائج واضحة وملموسة سوى إجراءات اعتيادية روتينية بحق بعض المسؤولين السابقين، وحملات إعلامية الكترونية غير معروفة المصدر، تستهدف شخصيات يُخيل للمتابع كما لو أنها اكتشف حديثا بينما هي معروفةٌ تماماً للشارع السوري ومعروفٌ حجم فسادها وشراكاتها منذ سنين.
مكافحة الفساد ليست شيئاً مستقلاً بذاته ولايمكن تحقيقها إلا ضمن إطار برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي متكامل، ولكن حتى يمكن اعتبار أن البدء بالعمل جدي ومستمر وليس موضة موسمية تنتهي بعد قليل فإننا بحاجة، على الأقل، وبكل وضوح وجدية للأمور التالية:
1- وجود إعلام حر وصحافة استقصائية محترفة، بسقف مفتوح قادر على تناول أي شخص وأي موضوع دون خوف من اعتقال أو توقيف عن العمل، طبعاً ضمن ضوابط القانون وبعيداً عن التشهير غير المبني على أدلة.
2- منظمات وقوى مجتمع مدني متخصصة، تعمل ضمن شبكة قوانين مرنة وحديثة تلائم حاجات المجتمع وتطوره، تحمل قضايا وطنية ومحلية تكون شريكة بصناعة القرار والمشاركة بتنفيذه والرقابة عليه.
3- قضاء فعال، مستقل تماماً عن السلطة التنفيذية، موضوعي وجريء، يعمل بظروف مادية ومعنوية تكفل له القدرة على اتخاذ القرارت المفصلية.
اقرأ أيضاً: فرصة التقارب الروسي الفرنسي- أنس جودة
أما غير ذلك من تناول أسماء وشخصيات بعينها كانت ومازالت تعمل بكل حرية وعلى أعين الجميع ولم يكن مسموحاً حتى الهمس بإسمها وتحميلها اليوم كل المصائب ضمن حملات غير معروف كيف تبدأ وكيف تنتهي ومن تستهدف ومن تؤجل، هو عبارة عن بهرجات إعلامية فارغة من المضمون. بل إنها تحمل نتائج عكسية تؤثر سلباً على اقتصاد البلاد، فعندما لاتكون هناك عملية قضائية شفافة، ولايكون معلوماً بموجب إجراءات قضائية، لماذ يتم استهداف هذا الشخص أو ذاك وماهي الملابسات التي أدت للتحرك والتحقيق معه، سيؤدي ذلك عملياً لهروب كل رؤوس الأموال المتبقية ومن كان يفكر بالاستثمار، والانتظار حتى تنتهي هذه الموجة غير معروفة الملامح والتوجهات.
مانحتاج إليه فعلا هو تغيير جذري في إدارة العلاقات ضمن المجتمع قائم على الشفافية والثقة بأن القرارات والخطط تأتي ضمن برامج واستراتيجيات مُمَأسسة واضحة ومعروفة، تمت صناعتها بالتشارك مع القوى المجتمعية والمدنية القادرة على لعب دور الرقيب والشريك المحاسب، أما بقاء الأمور على حالها، ضمن حملات رأينا مثلها الكثير في السنوات السابقة وانتهت كلها إلى لاشيء، اللهم إلا استفحال الفساد والتخريب، فهو مجرد تخدير موضوعي يُفقد الأحساس بالألم لفترة قصيرة بينما يستمر الورم في إلتهام ماتبقى من الجسد المريض.
اقرأ أيضاً: هل نحن محكومون بالاختيار من نفس السلة الفاسدة؟