المغترب يحلم بتجربة مغامرات السوريين اليومية الجديدة
سناك سوري – خاص
لا يعرف المواطن السوري “مهاجر الغربتلي” سبب الضيق المفاجئ الذي انتابه أثناء متابعته صفحات الفيس بوك من إحدى المدن الأوروبية البعيدة عن بلاده لكنه اكتشف السبب فجأة كأن تفاحة “نيوتن” سقطت عليه.
فكّر “الغربتلي” أن لا أحد يفهمه هنا، لا أحد يفهم أحلامه وذلك لأنها غير تقليدية، حيث لم تعد تعنيه الحياة الهادئة الباردة في مدينة أوروبية بالتكرار الروتيني والتطور المتسارع وما إلى ذلك من يوميات القارة العجوز، بل يحلم بتلك الإثارة والمغامرات اليومية التي يتنعّم بها أبناء بلاده هناك في “سوريا”.
بدأ “الغربتلي” يكتب قائمة أحلامه الفريدة، إنه يحلم بتجربة “البطاقة الذكية” لا بل المبدعة والمفرطة الذكاء، والتي تفتّق عنها العقل السوري الخلّاق بعيداً عن جمود عقليات الأوروبيين، يحلم كيف يقدّم بطاقته لموظف “السورية للتجارة” فيعطيه حصته من السكر والرز عبر البطاقة، ويذهب بها إلى الفرن ليأخذ مخصصاته من الخبز عبرها، ثم ينعطف إلى محطة الوقود لشراء مخصصاته من خلالها، كل شيء مدروس عبر تلك البطاقة المبدعة وحكومة البلاد لا تترك الحبل على الغارب كما تفعل الحكومات الأخرى.
أثناء ذلك يلمح “الغربتلي” مؤشر البطارية على هاتفه المحمول، منذ زمن لم تفرغ بطاريته دون أن يجد لها مصدراً للكهرباء، يحاول أن يتذكر آخر مرة قطعت عنه الكهرباء دون جدوى، لكنه يشعر بحنين غريب إلى تلك الأيام السورية الأصيلة حيث تقنين الكهرباء يخلق تلك الرومانسية والأجواء العائلية ويعيد الإنسان إلى الطبيعة الأولى حيث لا أجهزة إلكترونية ولا انترنت ولا ضوء كهربائي، يقول في سره «سقى الله أيام الفانوس».
اقرأ أيضاً: في عتمة التقنين ..وزارة الكهرباء تقبل عتب المواطنين
يقلّب “الغربتلي” بين صور طوابير البنزين في “سوريا” المنتشرة على الانترنت ويفكّر لماذا يشتكون من تلك الطوابير؟ يراها طوابير جميلة طويلة تجمع المواطنين وتقرّبهم من بعضهم ويقيمون على هامشها سهراتهم، وتتعزز فيها روابطهم الاجتماعية ويشكّلون صداقات جديدة، لماذا يشتكون؟
إنهم لا يعرفون نعمة المغامرات والأكشن التي يعيشونها يفكّر “الغربتلي” في سرّه متخيّلاً نفسه في ذلك الحفل الغنائي للمغنّي “وديع الشيخ” والذي شهد إطلاق نار وطرد أحد الحاضرين بالقوة وعودته لاحقاً مع جماعته، فيما كان “الغربتلي” يتحسّر عن حضور كل تلك الإثارة والأكشن السوري الفريد.
تتعاظم هموم “الغربتلي” وحسرته على أحلامه الضائعة، ويقرر أن يحسم أمره ويعود إلى البلاد، هناك حيث ستستقبله المنافذ الحدودية بقرار صرف /100/ من دولار الامبريالية وتحويله إلى الليرة السورية، سيعود إلى وطن المغامرات اليومية والقرارات الحكومية الإبداعية سيحقق أحلامه جميعها، لكنه يتذكر أن المطارات مغلقة بسبب كورونا ولا طائرات من أوروبا إلى “سوريا” يهدأ قليلاً .. ثم يحمد الله أنه لم يتسرّع.
اقرأ أيضاً: مسيرة حافلة في تخدير الشعوب عفواً الأوجاع – شاهر جوهر