معتز العفيف.. يرسم أسعار الخضار ويعوض فقدانه القدرة على التحدث والسمع
معتز العفيف.. ابتدع طريقة فريدة للتعامل مع الزبائن
يتناوب الشاب “معتز العفيف”، بين عمله الحكومي بمديرية الصحة، وعمله الآخر كبائع خضار في محله بمدينة “السويداء”، والذي سبق أن أسسه بمبلغ بسيط، لتدبير احتياجاته، ويعرف بأمانته الكبيرة وسبق أن تم تكريمه في مكان عمله عدة مرات على أمانته، بعد أن وجد نقوداً وأعادها لأصحابها، إخلاصا منه لتربية نالها من أبويه، اللذان حرصا على تعليمه وشقيقته في معهد الأمل للصم والبكم في “دمشق”، وحصل على شهادة التعليم الأساسي متجاوزاً فقدانه القدرة على السمع أو التحدث.
سناك سوري-رهان حبيب
الشاب من مواليد 1984، قرية “الثعلة” لأبوين كافحا كثيرا لرعاية أربعة أولاد منهم ثلاثة ولدوا فاقدين للنطق والسمع “معتز” أكبرهم وتعود على العمل لكسب لقمة عيشه واختبر عدة أعمال قبل الحصول على وظيفة في مديرية الصحة منذ ١٨ عام.
الشاب الذي يقف اليوم مستقبلا الزبائن يرسم أسعار الخضار على الجدار، ويقرأ بشكل جيد طلبات الزبائن ويستعين بالميزان لتوضيح المبلغ المطلوب بهدوء، تعود عليه أهالي قريته وطريقة بات الجميع يتقنها أثناء زيارته في متجره الصغير الذي يقبل عليه الأهالي بشكل كبير.
“العفيف” وصف لسناك سوري بالإشارة أنه يحب العمل ليأكل من عرق جبينه من محل خضار بسيط، جمع رأس ماله بتعب الجبين وهو الأب لثلاثة أولاد أكبرهم لم يدخل المدرسة بعد.
يتنقل الشاب يومياً إلى مدينة “السويداء”، التي تبعد 12 كم عن قريته، عند الـ7 صباحاً، لينتظر سيارات الخضار في سوق المدينة ويختار ما يفي بحاجة محله لأنه يعجز عن إيجار سيارة نقل أو دفع أجور لمن يوصلها لمحله، فاستعان بعربة مصممة بطريقة بدائية يصف عليها الصناديق وينقلها بهدوء ووقت أطول إلى بلدته.
اقرأ أيضاً: هدى .. درّست ابنتيها بلغة الإشارة وحازت على ماجستير بالدعم الاجتماعي
الشاب الذي أحبه أهالي قريته وبمجرد وصوله عند التاسعة بعد رحلة مرهقة، يجد الزبائن بإنتظار خضاره الطازجة ويبدأ بالمبيع والإجابة على أسئلة الزبائن بطريقته الفريدة.
يكتب السعر على يده ويوجه الزبون بإشارات معينة أن هذا الصنف جيد وذلك أقل جودة، ويرفع يديه لله شكرا إذا سألته مثلا عن البطاطا، وقد نفذت كل الكمية، ويخبرنا بحركة يديه أنه اشترى عددا كبيرا من الصناديق ونفذت.
ولأنه يعرف القراءة والكتابة يستفيد من الميزان الرقمي، ويساعده بالمبلغ المطلوب ومن بعدها يستعين بالآلة الحاسبة ليجمع المبالغ متابعا إدارة عمله بآلية قد يستغربها البعض، لكنها وسيلة مكنته من إيجاد فرصة عمل جيدة لكفاية أسرته رغم وقت العمل الطويل والمرهق.
في أحيان كثيرة وللحصول على بعض الراحة يتابع شقيقه “زكريا” وهو مثل وضعه عمل المحل، والبيع بذات الطريقة ليحصل على ساعات قليلة للراحة في تعاون ومحبة كبيرة.
بأسلوبه الفريد يخبرنا “العفيف” أنه يعمل ليل نهار وأنه لايحب الكسل فالحياة جميلة ويجد السعادة مع أسرته وأهله وأهالي قريته المحبين، وأنه يحاول الاهتمام بالسعر مع هامش ربح بسيط جعل زبائنه مرتاحين لأسلوبه ويرضى بما قسم له.
وفق الزبائن فهناك فارق كبير بين أسعاره وأسعار المدينة، يخبرنا “كرم مظلومة” أحد زبائنه، أنه لايزوره تعاطفا أو لمساعدته فإلى جانب أسلوبه ولطفه فإن أسعاره مدروسة وهذا ما يزيد الإقبال عليه وكذلك محبة الناس له.
اقرأ أيضاً: مختصة توضح كيف يتم التعامل مع الضغوط النفسية