سناك سوري – خاص
«مضافة الهويدي من أقدم مضافات الرقة، فيها ذكريات وقصص بحجم الرقة وجمالها وعظمتها وبطول عمرها البالغ 100 عام فقد بنيت خلال الاحتلال العثماني»، بهذه الكلمات وبكثير من الحنين بدأ الشيخ “بوزان بشير الهويدي” حديثه لـ “سناك سوري” مستذكراً مضافة الرقة.
يضيف “الهويدي” وهو نازح من الرقة إلى القامشلي: «أنشأها جدي المرحوم الشيخ علي الهويدي، حيث تعتبر المضافات من التراث الاجتماعي في المنطقة الشرقية، لذلك حافظنا عليه طيلة السنوات الماضية، إلى أن جاءت الحرب ووصل “داعش” إلى الرقة حيث لم نعد نعرف إذا كانت مضافتنا بما تحمله
من إرث قد نجت من تدمير داعش للتراث الإجتماعي أو من غارات التحالف التي دمرت الرقة».
صمت “الهويدي” قليلاً.. غلبته دمعة أراد أن يداريها.. لم ينجح.. لقد سقطت وسقط معها الكثير من الذكريات والحنين والشوق، بعد برهة تابع يحدثنا فقال: «في السابق كانت مضافتنا عبارة عن خيمة بدوية (بيت الشعر) كما يقال، مع مرور الزمن رفضنا أن تسرقها الحداثة، فغيرناها إلى بناء اسمنتي عبارة عن غرفة كبيرة بطول 200 متر وعرض 8 أمتار، تغير الشكل ربما لكن المضافة بقيت مفتوحة لكل من يقصدها، حتى من أشقائنا العرب الذين كنا نستضيفهم بها أثناء حضورهم لمهرجان العجيلي الثقافي، بالكثير من الحفاوة العربية التي نتقنها كثيراً في الرقة».
زوار المضافة الذين يقدرون بعشرات الآلاف جميعهم أكلوا من خيرها فهذا طقس اجتماعي لابد منه في الرقة ويدل على الكرم والجود،يقول “الهويدي”: «من يدخل المضافة لابد أن يأكل إنها عادة رقاوية، والأكل يجب أن يكون حصراً من الذبائح التي تذبح على شرف ضيوفها».
كان للمضافة دور آخر في عقد الصلح بين المتخاصمين خصوصاً في قضايا الدم والقتل، يقول “الهويدي”: «كثيرة هي المشاكل التي حلتها مضافة الهويدي، ياليتها تستطيع اليوم حل مشاكل الرقة كلها، مهما كلف الأمر من نقود كان لابد من عقد الصلح بين المتخاصمين فلا يجوز أن يقال خرجوا من مضافة الهويدي دون نتيجة».
يؤكد الشيخ الهويدي أن المضافة سترجع تماماً كما سترجع مدينة الرقة إلى سابق عهدها، لقد نذر على نفسه إعادة بنائها من جديد، واستقبال ضيوفها من سوريا ومن خارجها، فأهل الكرم لا تغيرهم الحرب مهما اشتد سعيرها.