مريض الزهايمر يحتاج الحب والطمأنينة.. الرعاية السلوكية أهم من الدواء
في اليوم العالمي للزهايمر.. غيداء عاملت والدة زوجها كطفلة طيلة 4 سنوات

تعيش عائلة مريض الزهايمر ظروفا مختلفة عن أي عائلة أخرى، تبعا لواقع صعب يفرضه وجود المريض والاحتياجات الصحية والنفسية. التي تتطلب اهتمام ورعاية خاصة مرهقة جسديا وماديا بالخدمات والأدوية التي قد تخفف من أعراض المرض لكنها لا تؤدي للشفاء.
سناك سوري-رهان حبيب
استغنت “غيداء” ٣٨ عاما من “السويداء” وزوجة ابن مريضة زهايمر، عن الخروج من المنزل والتزمت عدة سنوات برعاية والدة زوجها بعد أن ظهرت عليها أعراض غريبة. كأن تفتح حنفية الماء وتنسى إقفالها وتكرار حديث أو سؤال عدة مرات دون الانتباه. لذلك ونسيان أسماء الأبناء والأحفاد والتعرف عليهم.
وتضيف لـ”سناك سوري”: «والدة زوجي المعلمة الهادئة والشخصية القوية ربت خمسة أولاد. وبنت أسرة مميزة ظهرت عليها أعراض النسيان ووفق تفسير الطبيب فإن ذلك عائد لقصة عائلية سابقة فقد أصيبت أختها ووالدتها من قبلها».
عاشت “غيداء” وعائلتها 4 سنوات مرهقة جداً قبل أن تتوفى والدة زوجها قبل فترة قريبة. خلال تلك الفترة كانت تتحاشى إخبار والدة زوجها عن نسيان بعض التفاصيل. لأنها انتبهت مدى الحزن الذي كانت تشعر به المعلمة الراحلة مع تكرار إخبارها بنسيانها التفاصيل من قبل أفراد العائلة.
تغير نمط حياة مريضة الزهايمر بالكامل، خصوصاً خلال تناول الطعام، واختلف ذوقها ببعض المأكولات. حيث كانت تتناول البوظة أحياناً خمس مرات في اليوم الواحد ولا تشعر بالاكتفاء من تناول الطعام.
تصف “غيداء” السنوات الأربعة بالمرهقة مادياً ومعنوياً. وتصف والدة زوجها الراحلة بأنها تحولت لطفلة ينبغي مساعدتها للقيام بكل الأعمال سواء احتياجات النظافة أو النوم بمفردها، كما أنها رفضت الاستحمام وأصبحت تخاف من المياه، حتى حين تعرضت لحروق كبيرة، لم تكن تشعر بأي ألم.
اقرأ أيضاً: ألمانيا: باحثة سورية تحقق إنجازاً يساعد بعلاج الزهايمر
أعراض الزهايمر
الكثير من القصص والتفاصيل المشابهة تعيشها عوائل المصابين بالزهايمر، والذي يصادف يومه العالمي اليوم الأربعاء 21 أيلول. حيث يتطلب العناية بالمرضى الكثير من الحب والاهتمام.
الدكتور “أيهم أبو خير” طبيب نفسي، قال لـ”سناك سوري”، إن المرض يبدأ من عمر 50 وحتى 60 عاماً. علماً أن ليس كل حالة فقدان ذاكرة تعني زهايمر، ربما يكون السبب الإصابة بالشيخوخة.
أولى الأعراض تبدأ بضعف التركيز والشرود وأعراض الكآبة واضطراب النوم، كذلك التعب وتراجع النشاطات والشكايات الجسدية. إلى جانب تراجع الأداء الوظيفي وتبدلات بالروتين الحياتي اليومي. والأهم تراجع الذاكرة القريبة والمباشرة كون المريض يحتفظ بالذكريات القديمة ويفقد الذكريات الأقرب. وفق “أبو خير”، لافتاً أن الحالة من الممكن أن تتطور لدرجة عدم التعرف على الأولاد والأقرباء.
ويضيف الطبيب: «قد لا يتمكن المريض من العودة للمنزل ويفقد مهارة العمليات الحسابية. وتبدأ الحالات صغيرة وتتطور كون العلاجات الدوائية لم تثبت نجاعتها لغاية هذه المرحلة مع الأسف».
وجود المريض بين افراد عائلته ضروري جداً للمساعدة وتخفيف الأعراض، وفق الطبيب. مضيفاً أن العلاج السلوكي أكبر من العلاج الدوائي، كما يجب وقف تأنيب المريض على نسيانه التفاصيل، وعلى العكس ينبغي التواصل والتحدث معه وتسليته لتعزيز الطمأنينة والأمان والحنان داخله. كما ينصح الطبيب أهل المريض بمساعدته على ممارسة رياضة المشي.
يولي الطبيب أهمية كبيرة للعناية بنمط الغذاء، عبر تكثيف الوجبات مع الانتباه لنوعيتها لتحتوي مضادات الأكسدة الاوميغا 3 مثل الخضراوات والفواكه مع مراعاة الحالة المرضية. وهذا لايمنع تطبيق تمارين لتنشيط الذاكرة مثل الألعاب والعمليات الحسابية وتمارين عقلية كلها تلعب دور جيد بتنشيط الذاكرة.
أخطر مافي المرض وفق “أبو خير” أن العلاج الدوائي لا يشفي لكنه يخفف تدهور الحالة. وكل ما تقدمت الحالة أصبحت أكثر حاجة لوجود شخص مرافق للمريض يقوم بكل الواجبات عنه. حيث يصبح المريض مثل الطفل، يضيف الطبيب: «في مرحلة الاستعراف يفقد المريض ذاكرته. ومعرفة كل من حوله أي يصبح بحاجة لرعاية من نوع خاص فيها كثير من الجهد العضلي والفكري. ونعلم جميعا أن قضاء ساعات طويلة بظل هذه الظروف وتأمين أكل وشرب ونوم هادئ ولباس ليس سهلا. وفي بعض الحالات نلاحظ الهياج النفسي والحركي وحالات شرود خارج المنزل وأعراض ذهانية مثل قلة الحاجة للنوم وتدهور الصحة وتتضاعف حاجة المرضى لبيئة آمنة».