مرسم متواضع يفتح آفاق الفن أمام جيل الشباب في دوما
تجربة حالمة في دوما .. دعم لشخصية المتدربين وبحث عن كسر الصورة النمطية
ضمن مكان متواضع في شارع “خورشيد” بمدينة “دوما” يجتمع عدد من شباب/ات المنطقة بشكل يومي ضمن مساحتهم الخاصة لتطوير مهاراتهم بفن الرسم والريزن وتعلم أساسياته وتقنياته المختلفة.
سناك سوري _ ديالا البحري
تحكي “آمنة عبد الدايم 21 عاماً” لسناك سوري تجربتها بتعلم فن الرسم منذ سنتين ونصف. عندما قادتها المصادفة للتسجيل بالمرسم لتجد نفسها مهتمة ومحبة لهذا المجال. علماً أنها لم تكن تمتلك أي موهبة سابقاً ولكن استمراريتها وتدرّجها بالمستويات المتتالية أوصلها إلى مستوى متطور جداً لم تكن تحلم به بحسب قولها.
وتضيف “آمنة” «تعلّم هذا الفن أثّر على شخصيتي للأفضل. أصبحتُ أنظر للحياة بعين الرسام وقادرة على أن ألحظ الجمال وأميزه عن غيره وهنا أقصد الجوهر وليس الشكل».
الرسم حاجة من الحرف إلى الجامعات
يقول مؤسس المرسم الفنان التشكيلي “مهند النعسان” إن فن الرسم اليوم يغطي شريحة كبيرة من المجتمع فهو يدخل في العديد من المهن والحرف وكذلك الجانب التعليمي لكثير من الجامعات والمعاهد.
“محمد أبو عيشة 28 عاماً” أحد المتدربين تطلب عمله في الزجاج معرفة بفن الرسم وأساسياته إذ يحتاجه للرسم على الألواح الزجاجية مما دفع به للتوجه وقصد المرسم لتطوير مجال عمله.
يقول “محمد” وهو يقلّب بين اللوحات التي رسمها: «لم أكن أعرف الرسم مطلقاً. ولكن أحببت هذا المجال جداً بعد أن تعلمت نمط رسم الوجوه “البورتريه”. ووجدت نفسي به كما أنني أسعى لتعلم كل أنماط الرسم وخاصة الزخرفة الهندسية وتوظيفها في مجال عملي».
شخصية المتدرب محور الاهتمام الأول
يعير الفنان “مهند النعسان” أهمية كبيرة لجانب المتدربين/ات الشخصي إلى جانب الاهتمام بتعليمهم تقنيات الرسم وأدواته. إذ يحرص على تقوية شخصية المتدرب وتعليمه كيفية التعامل مع الزبائن وتحصيل قيمة أتعابه المادية. مشيراً إلى أن صعوبة تحصيل الأتعاب المادية أحد الأسباب التي تعيق استمرارية الكثير من الشباب بالرسم.
كما يهتم “النعسان” بالتركيز على مساعدة المتدربين لتطوير أنفسهم باستمرار والتعامل مع أي انتقاد سلبي يمكن أن يطال فن الرسم عموماً أو عملهم على وجه الخصوص. إلى جانب تنمية قدرتهم للتعامل مع الحياة والمجتمع بنظرة فنية خاصة ومختلفة.
الموهبة ليست عاملاً أساسياً
وعن أبرز المهارات المطلوب توفرها فيمن يرغب بتعلم الرسم. يشدّد “النعسان” لـ سناك سوري على أن الشغف والاستمرارية والالتزام هي أهم العوامل المطلوب توفرها في شخصية المتدرب للوصول إلى مراحل متقدمة بالرسم.مشيراً إلى أن الموهبة تشكل عاملاً مساعداً بنسبة 20 إلى 30 بالمائة وليست هي العامل الأساسي.
صورة نمطية عن الرسم
ترى المتدربة “مياس غبيس 16 عام” أن الصورة النمطية عن الرسم في المنطقة إحدى أكبر الصعوبات التي تواجه الشباب الراغبين بتعلم فن الرسم. إذ يرى البعض أن الرسم يقتصر على الأشخاص الفارغة.
وتسعى “غبيس” برفقة زملائها وزميلاتها إلى تغيير هذه الصورة من خلال تعريف المجتمع بضرورة الرسم في الحياة. وأنه حاجه ملحّة لمختلف المجالات مضيفةً: «يعاني بعض الشباب من عدم معرفة استثمار مهارة الرسم على المدى البعيد. إلا أننا تعلمنا خلال التدريب كيفية تلافي هذه المشكلة من خلال ربط مهارة الرسم بحرفة أو دراسة أو شيء يفيد المجتمع».
الريزن فن تحويل الفكرة لواقع ملموس
يعد الريزن أحد الفنون التي يقصد شباب/ات المرسم لتعلمها. وهو عبارة عن مادتين ذات قوام سائل تعطي نتيجة خلطها مادة صلبة يضاف لها لمسات فنية وجمالية.
حيث تقول “غزل حيدر 20 عاماً” لسناك سوري «اخترت تعلم فن الريزن لأنني وجدت فيه القدرة على تحويل الأفكار التي تخطر ببالي لأشياء حقيقية وملموسة مضيفة لها لمستي الخاصة».
وتتعدد مجالات استخدام الريزن مثل كفرات الجوالات، الصواني ، ستاندات الخطوبة وغيرها.
إقبال على تعلم الرسم من مختلف الأعمار
لا يقتصر تعلم فن الرسم على شريحة عمرية دون غيرها. إذ يشهد المرسم إقبالاً من مختلف الشرائح العمرية حيث يقول “ربيع محجوب 40 عاماً” أن تعلم قواعد الرسم الأساسية أضاف تطوّراً ملحوظاً في مجال عمله بالزجاج.
ويتابع “ربيع” «قصدت تعلم الرسم لصقل موهبتي وتطويرها. إذ كنت أعتمد على الموهبة فقط سواء بالرسم على الألواح الزجاجية أو تجاربي برسم لوحات جدارية. ولكن بعد تعلم القواعد الأساسية بالرسم تطوّر عملي بشكل كبير وأصبح أكثر جودة وإتقاناً».
ويلقى تعلم فن الرسم إقبالاً كبيراً لدى أهالي المنطقة بحسب “مهند النعسان” الذي كشف عن مرحلتهم المقبلة بالانتقال إلى مكان أوسع بعد أن أصبحت مساحة المرسم الحالي لا تكفي لعدد المتدربين/ات الذي يزداد باستمرار.