الرئيسيةيوميات مواطن

مرحباً بالفضيحة وتباً لمكان لا حمامات فيه – عفراء بهلولي

الجدران ألواح المجانين والجدران في بلدنا حمامات عمومية

سناك سوري – عفراء بهلولي

على جدران كثيرة تصادف عبارة موحدة تقريباً ( لاتفعلها هون ياحمار )، أقول بيني وبين نفسي “اي ولله حمار” من يفعلها على الجدران ومن يلحقه ليقضي حاجته على نفس الجدار ونفس المكان.

كنت أتمنى عندما أرى أحدهم يفعلها دون حياء على جانب الطريق، أن تعضه حشرة ما ليعرف الجميع أنه تبول في العراء، قمة الغضب عندما أجد سيدة ما تسقط سروال ابنها الداخلي ليفعلها في الطريق ( عادي ولد صغير) أجن… (كيف عادي بكرى ابنك هاد رح يعملا ع شي حيط ورح يكون الحمار اللي كاتبينلو لا تعملها هون .. كيف رح تقنع مجتمع بضرورة التربية الجنسية والأم عم تنزل تياب ابنها قدام الكل).

كنت أكيل المسبات والشتائم… ألعن في سري وفي العلن، حتى واجهت نفس الموقف تقريباً، فقد كنت في زيارة العاصمة “دمشق” وفي إحدى المرات كنا قد انتهينا من التسوق أنا وصديقتي عندما بدأت مثانتي تعطيني إنذاراً من أجل التخلص من حمولتها، سألت صديقتي فاقترحت أن نجلس في الحديقة وأن ألهي نفسي عن التفكير بالحاجة للدخول إلى الحمام لأنه وبحسب خبرتها لا حمامات عمومية وإن وجدت فهي مقرفة جداً، الحل لم يجدي نفعاً فكل جسدي بدأ يتوتر ودماغي يصر على تذكيري بإلحاح ( حمام.. حمام.. رح تنفجر مثانتك) أصبح كمؤقت قنبلة تك تك ،صرخت بصديقتي أريد الدخول إلى الحمام أو سأفعلها في ثيابي.

أشارت علي فتاة جلست على نفس المعقد أن أتجه إلى أول سوق الصالحية فهناك يوجد حمام عمومي، تركت صديقتي والأشياء واتجهت مسرعة في طريقي صادفتني صبية أعرفها منذ زمن بدأت بالسلام والسؤال عن حالي وتبدل أحوالي، وبدأت بسرد ما حصل معها في عملها السابق، بدأ وجهي يحمر ولم أعد أسمع صوتها فتركتها وبدأت بالمشي سريعاً صرخت بي من الأول كنت قول عنك نفسية ( احكي اللي بدك ياه احسن من الفضيحة حدثتها بيني وبين نفسي).

اقرأ أيضاً: أكره الرطوبة والبحر والصيف – عفراء بهلولي

أخيراً وصلت إلى الحمام المنشود الكثير من السيدات والأطفال بانتظار دورها بالحمام، كاد يغمى علي نساء وأطفال تباً لا يوجد حمام بهذا البلد وبدأت أعتذر بيني وبين نفسي من جميع من تبول على جدار، من تبول خلف شجرة، جمعيكم معذورون، بدأت أتذكر العزيز “ماسلو” وهرمه المصون وبحسب هرم “ماسلو” للاحتياجات فإن احتياج الإخراج بقاعدة الهرم وهو أساسي مثل الجنس والطعام والشراب، بل إن الشعور بالمتعة حسب علم النفس أثناء عملية الإخراج لا تقل أهمية عن تحقيق باقي الرغبات، لو سكنت في بلدنا ياعزيزي “ماسلو” كنت تبولت على جدار ما وخرجت بنظرية جديدة.

لا اعتذار ولا تذّكر ولا تطميني لنفسي بأن الفرج بات قريبا، استطاع أن يصبرني، بدأت دموعي بالانهمار لن أسمح لمثانتي بالانفجار مرحباً بالفضيحة وتباً لمكان لا حمامات فيه.

تنتبه سيدة كبيرة وتصرخ بالجميع فوتوها حرام عم تبكي بدأ جسدي يرجف عندما سمح لي بالدخول بشق الأنفس، استطعت فك أزرار بنطالي نعم نجحت، خرجت متشكرة الجميع ولو أني حصلت على جائزة من سيربح المليون لم تكن سعادتي أكثر.

أثناء عودتي لصديقتي كدت أبكي كيف يقضي كبار السن حاجتهم، وكيف يستطيع مرضى السكري أن يستمتعوا بنزهة ما، هي تفاصيل لن نشعر بقيمتها إلا إذا مررنا بتجربة مماثلة، هل تستطيع أن تجبر طفلاً على حبس نفسه لوقت العودة للمنزل، محزن جداً أن تفكر بالكثير من كبار السن، ومرضى السكري الذين قد يفضلون الجلوس بالمنزل وعدم الخروج منه فقط لعدم توفر حمامات عمومية.

حقيقة ما زلت أشمئز من منظر الكتابات على الجدران وأحبس أنفاسي في الكثير من الحارات، ولكن صرت أعذر من يفعلها، أحس بأني أفقد احترامي لنفسي فحتى الأمور التي كنت أعتبرها من المحرمات، وكنت أفلسف أبعادها النفسية كسلوك للمجتمعات صرت أقدم تبريرات لها وهذا أكثر ما يزعج، أن تتحول شيئاً فشيئاً لشخص يتقبل ما لايجب تقبله وتقدم أعذار، الجدران ألواح المجانين… الجدران في بلدنا حمامات عمومية.

اقرأ أيضاً: دورات المياه أزمة نسائية وحق مهمش… في اليوم العالمي لها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى