مراهقة مبكرة.. كيف تتصرف مع أطفالك حين يخبرونك أنهم واقعون بالحب؟
مرشدة نفسية: يجب الابتعاد عن التوبيخ والتعامل مع الطفل كراشد
سناك سوري – خاص
لم تبدِ “أم هادي” أية ردة فعل على حديث طفلها وهو بعمر عشر سنوات عن حبه لرفيقته في الصف الرابع الابتدائي، والتي يحمل إليها الهدايا يومياً ويخطط لخطبتها والزواج منها بعد أن يكبر إضافة لخطط أخرى واسعة عن منزل الزوجية الذي سيجمعهما مستقبلاً.
تقول “أم هادي” لـ”سناك سوري”: «فوجئت بكلامه ولم أعرف بماذا سأرد اكتفيت بالاستماع إليه وسؤاله عن كل مايتعلق بحالته وعن مواصفات حبيبته ومن هي وهل هي متفوقة أو لا؟، وأيقنت أنها مراهقة مبكرة والتعامل معها يحتاج لحذر كبير».
لا يختلف الحال كثيراً عند “داليا عبد الكريم” صحفية، حيث أتت طفلتها وهي في الصف الأول الابتدائي تخبرها أنها تحب صديقها “محمد” من الصف الخامس، تضيف: «كان محمد “البطل” الذي دافع عن طفلتي حين تعرضت للعنف من أحد زملائها، لتبدأ بعدها بالنظر إليه كبطل وتقرر أنها تحبه».
وتابعت: «أخبرتها أن في الحياة علاقات أخرى غير الحب مثل الصداقة والزمالة وغيرها، وشرحت لها معنى الاعجاب ثم طلبت منها أن تقرر طبيعة مشاعرها، شيئاً فشيئاً بدأت تدرك أكثر ماهية مشاعرها، والأهم عندي كان ألا أدع تفكير طفلتي ينشغل الآن بهذه الأمور، وألا تصر عليها لذلك شجعتها لدعوة محمد إلى منزلنا وحتى ذهبت إلى المدرسة وتعرفت عليه، هذه الحادثة جرت العام الفائت، واليوم هما صديقان مقربان».
أخبرت طفلتي أن في الحياة علاقات أخرى غير الحب مثل الصداقة والزمالة وغيرها، وشرحت لها معنى الاعجاب ثم طلبت منها أن تقرر طبيعة مشاعرها داليا عبد الكريم – صحفية
المراهقة عند الأطفال أمر شائع الحدوث أحيانا، والتعامل معه يستلزم الكثير من الحذر والتفهم من قبل الأهل، فالتعنيف أو المنع لن يجدي نفعاً، تقول المرشدة النفسية “جهينة ديب” أنه «من المتعارف عليه حسب تقسيمات علم النفس للمراحل العمرية للإنسان أن مرحلة المراهقة تبدأ من عمر ١٣عاماً وتمتد حتى عمر ١٨ عاماً، ولكن أصبحنا نلاحظ نتيجة التطور التكنولوجي الكبير والثورة الرقمية الهائلة التي عاصرناها مع بداية القرن الحالي أن مرحلة المراهقة أصبحت تشمل مرحلة عمرية أوسع، إذ أصبحت مرحلة المراهقة تبدأ من عمر ١٠ سنوات، وحديثاً أصبحنا نلاحظ أن الأطفال من عمر ٦ سنوات أصبحوا يظهرون مظاهر مرتبطة بالمراهقة».
الحديث عن المراهقة بعمر أقل من 13 عاماً لا يكون عن المراهقة المرتبطة بالبلوغ الجسدي وإنما بالبلوغ العقلي والنفسي، حسب المرشدة النفسية “ديب” والتي تقول: «نسمعهم يتحدثون عن الحب مثلاً وعن مشاعر تبدو ناضجة تجاه أحدهم، لذلك يتبادر للذهن سؤال عن أهم علامات المراهقة عند الأطفال (المراهقة المبكرة)، إذ يكون أهمها: التمرد، محاولة إثبات الذات، الندية، تصرفات نعتبرها أكبر من السن (سماع أغاني رومانسية، الكلام عن الحب والزواج)، نمو التفكير المنطقي والتحليلي، تكوين صداقات مقربة».
اقرأ أيضاً: أول كريك عاطفي في حياتي
الاحتواء الكبير والاعتراف بحق الطفل الطبيعي في المرور بهذه المرحلة العمرية جهينة ديب – مرشدة نفسية
أما بالنسبة لأفضل الطرق للتعامل مع الأطفال في هذه المرحلة تؤكد “ديب” على دور الاحتواء الكبير والاعتراف بحق الطفل الطبيعي في المرور بهذه المرحلة العمرية، عند الاعتراف فقط بهذا الحق نستطيع الحديث عن دور الحوار والمناقشة وخلق جو مليء بالأمان والثقة والتعاطف والتفهم الوجداني مع الطفل، والابتعاد عن التوجيه الحاد والتوبيخ، وإنما التعامل مع الطفل كراشد واحترام كلامه وكينونته الخاصة، والتعامل بهدوء وحكمة مع نوبات التمرد و الغضب من خلال الاحتواء والتركيز على ضم الطفل ومنحه جرعة من العطف والحنان والمشاعر الدافئة التي يحتاجها كثيراً في هذه المرحلة، إضافة إلى توظيف نمو الطفل المعرفي في هوايات يحبها من خلال التركيز على اكتشاف ميوله وتشجيعه وخلق الفرص المناسبة لتنميتها، وضرورة إعطاء الطفل مساحة خاصة للتعبير عن رأيه ومنحه حقه بالخصوصية من خلال تخصيص أغراضه ودرجه الخاص وخزانته الخاصة وغيرها.
يجب على الأهل الابتعاد عن التوجيه الحاد أو التوبيخ، والتعامل مع الطفل كراشد واحترام كلامه جهينة ديب – مرشدة نفسية
الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية، بحسب “ديب”، هو «الإجابة بوضوح عن كل أسئلة الطفل التي يسألها بطريقة صحيحة ومناسبة له لأن فضوله في هذه المرحلة سيدفعه دائما للبحث عن إجابات عن أسئلته بأي طريقة كانت، ولا شك أن من دور الأهل أن يكونوا حريصين جداً على تواجد الطفل في بيئة جيدة والتدقيق جيداً في نوع الأصدقاء الذين يقضي معهم وقته، كما هنالك أهمية كبيرة لضرورة الحفاظ على الأنشطة المشتركة مع الطفل مثل اللعب والمشي والرياضة فقضاء أوقات مشتركة معه في هذه المرحلة يعزز العلاقة والثقة والصحة النفسية لديه، إضافة لضرورة الاعتماد عليه في بعض المهام لإكسابه الثقة بالنفس وتعزيز الاستقلالية لديه».
التعامل العنفي مع الأطفال في هذه المرحلة العمرية له مخاطر كثيرة وفقاً للمرشدة “ديب” (فالعنف لا يولد إلا العنف)، لذلك لن يحصد الأهل إلا التمرد وخروج الأمر عن السيطرة ولجوء الطفل إلى خارج المنزل، مما قد يعرضه للانحراف والانخراط في مجموعات من رفاق السوء.
وأنتم هل واجهتم مثل هذا الأمر، وكيف تعاملتم معه؟.
اقرأ أيضاً: أنا ابن الآنسة…. الجملة التي أساءت لمدارسنا وخلفت أثراً عميقاً في نفوس بعض الطلبة