أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

مجلس الشعب السوري خلال 4 سنوات .. خيبة حجب الثقة وامتناع رفع الحصانة

المجلس يتجاهل طلبات وزير العدل .. ويقرّ للشارع قانون جرائم المعلوماتية

يعيش مجلس الشعب السوري الحالي أيامه الأخيرة بعد تحديد موعد الانتخابات في تموز المقبل بعد ولاية شهدت محاولة برلمانية لحجب الثقة عن الحكومة وفضيحة كبرى ارتبطت باسم أحد أعضاء المجلس.

سناك سوري _ هبة الكل

في البداية دخل 1656 مرشحاً سباق التنافس على المقاعد الـ250 بينهم 200 امرأة وهبطت نسبة المشاركة في انتخابات 2020 إلى 33.17%. بعد أن كانت 56% في انتخابات 2018 التي وصل عدد المرشحين فيها إلى 11341 مرشحاً ما يظهر التدني الهائل في عدد المرشحين والناخبين.

نسبة التمثيل النسائي وقفت عند 11% مع دخول 28 سيدة إلى المجلس. علماً أنها نسبة منخفضة مقارنة بمتوسط التمثيل العالمي 26.5% وفقاً لتقرير النساء 2023م في السياسة التابع لهيئة الأمم المتحدة. 

كما وصلت نسبة النواب الجدد إلى 62% مع 156 عضواً جديداً في المجلس مقابل بقاء 94 عضواً من النواب القدامى في مقاعدهم.

البعث يحافظ على أكثريته

حافظ حزب “البعث” على أغلبية المجلس مع نجاح 166 مرشحاً من أعضائه بالدخول إلى البرلمان. جنباً إلى جنب مع 17 نائباً من مرشحي أحزاب “الجبهة الوطنية التقدمية”. ليشكلا معاً غالبية الثلثين التي يحتاجها المجلس للقرارات الكبرى. فيما ترك حصة الثلث للمستقلين والأحزاب الناشئة.

جلسة استثنائية بلا نتائج

وفقا للمادة الثامنة من النظام الداخلي للمجلس فإنه يجوز دعوة المجلس إلى دورات استثنائية وهو ما فعله المجلس في أواخر تموز  2023. حين استدعى الحكومة تحت قبته لمناقشة الوضع المعيشي والواقع الاقتصادي وسعر صرف الليرة السورية في ظل انهيارات اقتصادية متلاحقة وعجز حكومي متزايد.

تصاعدت آمال الشارع السوري حول قدرة المجلس على محاسبة الحكومة. ووصلت التوقعات إلى إمكانية حجب الثقة عنها رداً على أدائها غير الفعال في القضايا المعيشية. لا سيما وأن 27 نائباً قدموا طلباً خطياً لاستجواب الحكومة تمهيداً لحجب الثقة عنها بسبب عدم التزامها ببيان الحكومة المقدم إلى مجلس الشعب وتدهور سعر صرف الليرة السورية. وتدهور الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطن.

وتحت قبة البرلمان خرج رئيس الحكومة “حسين عرنوس” ليقول أن البعض قد يظنوا انعقاد الجلسة استثنائياً لأمر خطير لكن الواقع يقول إن الخطورة هي الحالة الدائمة والسائدة منذ أن شنّ الأعداء حربهم على “سوريا”.

حسين عرنوس مجلس الشعب
رئيس الحكومة أمام مجلس الشعب _ فايسبوك

وبدلاً من محاسبة الحكومة على التراجع في مساندة المواطن ودعمه. فقد لوّح “عرنوس” حينها برفع الدعم كلياً حين قال أن استمرار الدولة في سياسة الدعم يكلفها أعباءً مالية كبيرة ويرافقه هدر بسبب الفساد. بالتوازي مع ارتفاع عجز الموازنة لدرجة تمويل الدعم بالعجز وما يعنيه من مخاطر على الاقتصاد الوطني.

وحمّل “عرنوس” تكاليف الدعم مسؤولية ضعف القدرة على تأمين المحروقات ونقصها الذي ينعكس على الكهرباء والإنتاج. قائلاً أن ما تفعله حكومته يندرج تحت عنوان القناعة والعقلانية. لترفع الجلسة أعمالها دون حجب للثقة كإجراء للمحاسبة بل تم الاتفاق على تشكيل لجنة من النواب واللجنة الاقتصادية في رئاسة الحكومة لإعداد حزمة مقترحات عملية للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي والمالي والنقدي وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف وتحسين أوضاع موظفي القطاع العام. على أن أخبار هذه اللجنة اختفت منذ ذلك الحين.

لا حجب للثقة رغم فضيحة فساد

شكّلت قضية إهدار 300 ألف ليتر مازوت في إحدى محطات الوقود بحلب تجنباً لضبطها على يد الجمارك فضيحة من العيار الثقيل مطلع العام 2022. وزاد ثقلها حين تبين أن المحطة تعود للنائب “فؤاد علداني”. في وقتٍ كان فيه السوريون يعانون شحّاً في وصول المازوت إلى منازلهم في أوج الشتاء بينما يهدر نائبهم كمية كبيرة كهذه في أرض زراعية.

بعد ذلك طلب وزير العدل من المجلس الاستماع لأقوال النائب تمهيداً لرفع الحصانة عنه. وجرى ذلك إلا أن مكتب المجلس أحال الملف إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ليغط في سبات عميق وتمتنع محاسبة النائب حتى الساعة.

ولم يكن هو النائب الوحيد. حيث نقلت صحيفة “البعث” في آذار 2023 عن مصدر لم تسمّه في وزارة العدل قوله أن الوزير أرسل خلال الأشهر الماضية عدة كتب تطلب الإذن بالملاحقة القضائية لعدد من أعضاء مجلس الشعب لارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون لكن المجلس لم يتخذ أي إجراء ما أدى لإعاقة عمل السلطة القضائية.

قوانين جديدة من جرائم المعلوماتية إلى وزارة الإعلام

أقرّ مجلس الشعب الحالي خلال دورته التشريعية على مدار 4 سنوات جملة من القوانين لعل أبرزها عام 2022 لمشروع قانون الجريمة المعلوماتية. الذي تحوّل إلى نصّ يقنّن تكميم الأفواه وقمع عمل الصحفيين بتهمة ارتكاب جريمة إلكترونية.

وصادق البرلمان مؤخراً على قانون إحداث وزارة الإعلام بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1961. في حين بقيت قوانين أخرى مثل قانون الإعلام الجديد وقانون المنظمات غير الحكومية وغيرها تائهة في أدراج المجلس بانتظار الفرج.

كما غاب التمثيل الشبابي الحقيقي عن المجلس باستثناءات رمزية مثل النائبين “زين الدين عباس” و”مريم المتراس” اللذان كانا أصغر الأعضاء سناً. ما يظهر أهمية الحاجة لدور فاعل للشباب في المجالس المقبلة بينما يطالب ناشطون بتحديد “كوتا” قانونية للشباب في البرلمان. لضمان وصول نواب شباب يعبرون عن قضايا جيلهم ويدافعون عنها ويخلقون توازناً في التشكيل العمري للمجلس ليكون أكثر تعبيراً عن كل فئات المجتمع وأجياله. لا سيما وأن كل جيل شاب يعتبر جيلاً قائداً في المستقبل ما يستدعي منحه فرصة التمثيل والممارسة السياسية.

في النهاية. لم يكن المجلس الحالي مغايراً إلى حد بعيد في أدائه عن المجالس السابقة. وكانت انتخاباته وطريقة تشكيله ممهداً واضحاً للنتائج التي ستخرج عنه. وفي وقتٍ لم تتغير فيه معطيات التجربة فإن كثيرين لا يرون أملاً في تغير النتائج في المجلس القادم ليأخذ دوره كسلطة تشريعية مهمتها المحاسبة والمساءلة والمراقبة لكل ما تقوم به السلطة التنفيذية ممثلةً بالحكومة.

زمالة سناك سوري 2024

إشراف: محمد العمر

 

زر الذهاب إلى الأعلى