إقرأ أيضاالرئيسيةيوميات مواطن

متى تتحول مياه الأمطار إلى نعمة في سورية؟

الأمطار تغرق شوارع حلب ودمشق والسيول تشرد مئات العائلات في الحسكة

سناك سوري – فراس الهكار

وصلت نداءات المصلين الذين أدوا صلاة الاستسقاء في سورية إلى السماء التي استجابت للأكف المتضرعة بأمر وزير الأوقاف، وهطلت مطراً غزيراً بعد شهرين من أداء الصلاة. انهمر المطر وليس من صلاة تستطيع إيقافه، فغرقت شوارع في العاصمة دمشق وحلب ولا تفاصيل عن الوضع في باقي المحافظات.
لطالما سخر سوريون من المملكة العربية السعودية التي تغرق شوارعها مع كل مزنة عابرة، وقد وجدوا أنفسهم أخيراً يغرقون بمياه الأمطار التي لم تجد منافذاً لتصريفها، وتحولت الشوارع إلى برك مائية كبيرة سدت بعض الطرق، بينما نهر بردى لم يبقَ فيه سوى مياه المجارير التي تغذيه.
ليست كارثة الأمطار جديدة في سورية، إذ لا يمكن لأحد أن يعزوها للأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد والحرب الطاحنة المستمرة منذ سنوات، فقد دمرت مياه الأمطار التي ما تلبث أن تتحول إلى سيول جارفة حقول السوريين وبساتينهم وبيوتهم البلاستيكية غير مرة، فأزمة الأمطار المدمرة تعود لسنوات طويلة، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد الحلول المناسبة لها، رغم أن تلك الحلول بسيطة جداً ولا تحتاج أكثر من رغبة جدية في إيقاف المأساة السنوية التي يتعرض لها المزارعون السوريون.
دمرت الأمطار كثيراً من حقول القمح والقطن في محافظة الرقة قبل سنوات، وسبق أن غرقت عشرات البيوت بمياه الأمطار ونزح أهلها لكنها رغم ذلك لم تجعل الجهات الرسمية تتخذ إجراءات جدية من أجل إيقاف السيول المطرية.

كما شهدت محافظة الحسكة أمس فيضان نهر الخابور بسبب مياه السيول والأمطار مما أدى إلى نزوح عشرات العوائل التي تقطن على ضفتيه، في الوقت ذاته يعاني نهر الخابور من جفاف مياهه منذ سنوات، ولم يفكر أحد بعد باستثمار مياه السيول والأمطار التي تغذيه شتاءً بدلاً من ذهابها هدراً في نهر الفرات.

اقرأ أيضاً: شباب وصبايا الصحافة اليوم …. فراس الهكار
يمكن أن تتم الاستفادة من مياه الأمطار لري مساحات واسعة من الأراضي في سورية، ولن يكلف مثل هذا الإجراء الكثير من الأموال وحله بسيط بإنشاء سدود سطحية على بعض الأودية وحفر تجميعية لغرض تجميع المياه واستثمارها لاحقاً في فترة انحباس المطر بدل أن تذهب هدراً وتدمر الحقول والمزروعات والبيوت التي تقع في طريقها.
بدأوا مؤخراً في بلجيكا يستفيدون من مياه الأمطار في توليد الكهرباء المنزلية، عبر تركيب عنفات توليد طاقة منزلية صغيرة قادرة على تزويد البيوت بالطاقة الكهربائية من خلال مياه الأمطار، ونادراً ما تذهب قطرة من مياه المطر هدراً دون الاستفادة منها، فأغلب المنازل فيها صهاريج بلاستيكية يضعها المواطنون تحت المزراب لتصب فيها المياه ويُستفاد منها لاحقاً في السقاية، وبعض الاحتياجات المنزلية.
أما في سورية، فمياه الأمطار لا تذهب هدراً وحسب إنما تشكل سيولاً جارفة تدمر المشاريع الزراعية ولا تجد من يستثمرها أو على الأقل يوقف كوارثها، كان للكاتب والصحفي الراحل محمد جاسم الحميدي أبحاثاً مطولة في هذا الخصوص، نشرها في جريدة الثورة السورية، وكان يكتبها بعد جولات في عمق البادية السورية ومتابعة مجرى السيول في الأودية ثم تذهب مياهها باتجاه نهر الفرات وتدمر الحقول المزروعة على ضفافه قبل أن تذهب هدراً وتلوث مياه النهر وتزيد عكارته لأنها تكون محملة بالأتربة، إلا أن تلك الأفكار لم تجد من يحولها إلى واقع رغم أن كلفة إقامة مشاريع الاستفادة من مياه الأمطار أقل بكثير من الخسارة التي تسببها كل عام حين تتحول إلى سيول جارفة.

فراس الهكار – رئيس تحرير مجلة قلم رصاص الثقافية – المصدر سناك سوري

اقرأ أيضاً: صحيفة الثورة السورية تسقط في فخ إيفانكا ترامب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى