مبادرة شبابية لإغاثة مناطق الساحل المنكوبة .. الخبز والدواء أولاً
شابٌّ رقّاوي في طرطوس يقود المبادرة .. مساندة الساحل توحّد هوية السوريين

سارع الشباب السوري للتحرك وتقديم المساعدة للأهالي المنكوبين في الساحل السوري بعدما شهدته المنطقة من أعمال عنف ومجازر على أساس طائفي.
سناك سوري_ هبة الكل
يقول المهندس “أحمد العلي” وهو ناشط في المجال المدني والإنساني لـ سناك سوري «بعد أن صحوت من الأزمة الدامية، قررت أن أفعل شيئاً وأساهم ولو بشيء بسيط، فتواصلت مع مجموعة من أصدقائي المقربين، وجمعنا بعضاً من المواد الإغاثية وقمنا بإرسالها إلى القرى المنكوبة في بانياس».
وأوضح “العلي” بأن فكرة المبادرة التطوعية ابتدأت حين كتب منشوراً عبر صفحته على فايسبوك لجمع التبرعات العينية، حيث بدأت المساعدات تتدفق في اليوم التالي، وتواصل معه أشخاص آخرون كانوا يفكرون بالأمر ذاته.

وتابع: «بدأت مجموعة من الأفراد المبادرين بالاندماج معاً حتى وصلنا إلى المرحلة الحالية خلال أيام قليلة».
إثر ذلك قرّر “العلي” التواصل مع محافظ طرطوس لتنسيق إيصال تلك الاحتياجات بشكل آمن إلى القرى المنكوبة، نظراً لأن الطرقات لم تكن آمنة حينها وفق قوله.
من مبادرة فردية إلى جماعية
يضيف ” العلي” بأنه وفريقه قرروا الانضمام إلى مبادرة “كن عوناً”، والهدف كما يقول إيصال المساعدات كحالة إسعافية ريثما تستطيع الجمعيات والهيئات الأكثر تنظيماً القيام بدورها عندها قد يتحول هدفها إما للتركيز على جمع المساعدات والتنسيق مع المنظمات، أو تتجه نحو العمل لإعادة تأهيل المناطق المنكوبة اجتماعياً أو من ناحية دعم البنية التحتية.
وبالرغم من أنه ليس عضواً في ” كن عوناً” إلا أن مبادرته الفردية والكثير ممن أطلقوا مبادرات مثله، فتحت آفاقاً لمبادرات محلية وأهلية.
فيقول لسناك سوري: « كانت مجموعة مبادرات فردية، ثم تطورت حتى أصبحت مبادرات أهلية، وليس فقط في طرطوس وإنما في اللاذقية وغيرها من المدن والمحافظات السورية».إلى أن أصبح في كل حارة من حارات طرطوس لجنة تقوم كل يوم بجمع التبرعات كون الطريق صار آمنا نوعا ما وفق قوله.
تحديات.. ولكن فعلناها
وعن التحديات التي واجهها الفريق يقول “العلي” «خوف وذعر الأهالي نتيجة الصدمة المؤلمة وفقد ذويهم وجيرانهم، إلا أنهم وبعد أول زيارة أصبحوا أكثر شجاعة وقاموا باستقبالنا بمحبة وامتنان».
حرص فريق ” العلي” على البحث عن أشخاص موثوقين ضمن المناطق المنكوبة، كان من جملة التحديات أيضاً، من أجل تنسيق استقبال وتوزيع المساعدات بشكل عادل.
ويضيف: «عانينا أيضاً من صعوبة إيصال المساعدات لجميع المنكوبين، حيث كنا مرغمين على الخيار الصعب أثناء انتقاء المناطق المستهدفة، مما يعني حرمان مناطق أخرى من المساعدة».
بينما بدأت حالياً دراسة عمليات التنسيق بين مختلف المبادرات لتوسيع مساحة التغطية لتشمل جميع المناطق دون استثناء.
ويشير إلى نسبة نجاح مبادرته بالقول : «نحن قادرون على فعل ما هو أفضل لكننا غير منظمين مثل “الهلال الأحمر” وغيره، لأننا عبارة عن أفراد متفرقين، ونسبة نجاحنا حالياً بين 80 إلى 85% من الاحتياجات المطلوبة».
الأولوية للغذاء والدواء
وعن خطة “العلي” الحالية : « إيصال الغذاء والدواء كحالة إسعافية، علماً أن الأدوية يتم تسليمها حصرا للصيادلة والأطباء في المناطق المنكوبة».
أما عن المستقبل، فيرى ” العلي” أن الخطة تتغير حسب الاحتياجات، وأن العمل سيستمر حتى عودة الاستقرار، حينها سيتم النظر في تنظيم المبادرة لتأخذ أدوارا أخرى.
وحدة السوريين لمساندة أخوتهم
ويضم الفريق بحسب “العلي” متطوعين من مختلف المكونات والأعمار، بما في ذلك أطفال يساعدون أهلهم أثناء العمل على توضيب المساعدات، وكبار سن يتواصلون لشراء المواد من تجار الجملة، أو طلب مساعدات مالية من أصحاب رؤوس الأموال لتأمين الخبز والأدوية.
وأشار إلى الحضور اللافت لفئة الشباب ذكوراً وإناثاً والذين يعملون على تجهيز المساعدات وتنسيق العمل الإغاثي.
“العلي” المنحدر من “الرقة” والمقيم في “طرطوس” منذ 5 سنوات، يوضح أن المتطوعين لم يكونوا من أبناء الساحل فقط، بل كانت هناك نسبة جيدة من محافظات ومدن أخرى مثل “الرقة وحمص وسلمية ودير الزور ودمشق واللاذقية”، وقد تواصل أصدقاء من كافة المحافظات لتقديم المساعدة وفق حديثه.
هذا التواصل أثمر مساهمات مادية، حتى أن البعض أحضر المعلبات الغذائية من المنزل، رغبة منهم في المشاركة مهما كانت صغيرة لمساعدة إخوتهم وأخواتهم المنكوبين كما يقول.
وأضاف: «قدمت امرأة مسنة علبة فول ومبلغاً صغيراً جداً بعيون دامعة، معتذرة أن هذه قدرتها، وطلبت منا أن نطمئن أهالينا في المناطق المنكوبة أن الجميع قلوبهم معهم».
فيما قدّم أحد التجّار عرضاً للفريق حيث يقدّم لهم مقابل أي مادة يشترونها منه كميةً مساوية لها مجاناً مهما كانت قيمتها.
يرى ” العلي” أن فزعة السوريين اليوم تعبر حقاً عن الوجه الحقيقي للسوريين، الذي شوهته سنوات الحرب والانقسام والعنف الطويلة التي عشناها، ويرى أنها تجربة تعكس صورة المجتمع السوري الحقيقية بصفات الكرم والتسامح والتعاون.