يعقد مجلس الشعب السوري غداً جلسة استثنائية لمناقشة الوضع الاقتصادي في سوريا وذلك بعد تدهور سعر صرف الليرة السورية بشكل غير مسبوق خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر تموز لعام 2023.
سناك سوري -بلال سليطين
الجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب رافقها حديث واسع على السوشال ميديا بين أحلام السوريين بتحقيق فائدة منها. وسخرية من عقدها وانتقاد مسبق لها. إضافة لنداءات واسعة بأن تكون علنية.
لماذا جلسة مجلس الشعب استثنائية؟
تأتي هذه الجلسة بالشكل العام في ظل ظروف استثنائية حيث سجلت الليرة السورية رقماً غير مسبوق في تاريخها مقابل الدولار الأميركي. إذْ حدد مصرف سوريا المركزي سعر الدولار مقابل الليرة السورية بـ9900 ليرة في نشرة اليوم 23 تموز 2023. بينما قيمة الدولار في السوق السوداء أعلى من ذلك لكن يحظر نشرها والإعلان عنها في وسائل الإعلام.
لكن بحسب نظام مجلس الشعب فإن استثنائية الجلسة تأتي من انعقادها في ظل عدم وجود دورة عادية أو اجتماع دوري للمجلس. والاجتماعات الدورية عددها 3 سنوياً تعقد بين كانون وآذار-ثم أيار وحزيران وتنتهي في أيلول وكانون الأول. وبالتالي كل انعقاد للمجلس خارج هذه الفترات يتم الدعوة له بشكل استثنائي.
وبحسب الفقرة 2 من المادة 65 في الدستور السوري فإنه «يجوز دعوة المجلس إلى دورات استثنائية بناءً على طلب من رئيس الجمهورية أو من ثلث أعضاء المجلس أو من مكتب المجلس».
يفتتح المجلس دوراته العادية والاستثنائية ويختتمها بالنشيد الوطني للجمهورية العربية السورية. الفقرة 5 من المادة 7 – النظام الداخلي لمجلس الشعب السوري
ما الذي يمكن لمجلس الشعب السوري أن يفعله في هذه الجلسة؟
نظرياً فإن مجلس الشعب السوري هو السلطة التشريعية وفقاً لما جاء في الدستور. لكن تبدو أدواره محدودة جداً تجاه السلطة التنفيذية ومبهمة غير موضحة في كثير من المواضع.
بالنص الدستوري فإن المادة 75 حددت 8 مهام لمجلس الشعب السوري بينها إقرار العفو العام وهو ما لم يفعله مجلس الشعب السوري منذ إقرار الدستور حتى اليوم. ومراسيم العفو جميعها جاءت من رئاسة الجمهورية المخولة بالصلاحية أيضاً بالدستور.
أبرز اختصاصات مجلس الشعب:«إقرار القوانين. مناقشة بيان الوزارة. حجب الثقة عن الوزارة أو عن أحد الوزراء. و إقرار العفو العام. قبول استقالة أحد أعضاء المجلس أو رفضها».
لكن في النظام الداخلي للمجلس المنشور عبر موقعه والذي يعود لعام 2017. فإنه يعرِّف دوره بمراقبة عمل الوزارة، وبالتالي فإنه وفقاً لما نص عليه الدستور والنظام الداخلي فإن أهم دورين للمجلس بعلاقته مع الحكومة وبظل الأزمة الحالية هما “مراقبة عملها، وحجب الثقة عنها أو عن أحد وزرائها”.
المادة 1 – يتولى مجلس الشعب السطلة التشريعية في الجمهورية العربية السورية ويراقب عمل الوزارة ويمارس سلطاته المحددة في الدستور ويقوم بمهامه وفقاً لأحكام هذا النظام. المادة 1 – النظام الداخلي لمجلس الشعب
هل المتحدثون في الجلسة معنيون بجريمة “المس بهيبة الدولة”؟
حظر المساس بهيبة الدولة يشمل أعضاء مجلس الشعب. وهو خطر واسع ومطاط وقابل للتأويل حيث لا يتم تحديد ماهية المساس بهيبة الدولة في الفقرة التي تشترط عليهم عدم المساس بها خلال حديثهم. أو في أي من بنود النظام الداخلي مايترك هذا الأمر خاضعاً للمزاجية كما يرى بعض الحقوقيين الرافضين لهذا المصطلح سواء في الحياة العامة أو في مجلس الشعب.
المساس بهيبة الدولة جاء مربوطاً بحرية التعبير في المادة 6 من النظام الداخلي :«تكفل أحكام هذا النظام حرية التعبير عن الرأي والفكر لأعضاء المجلس كافةً، أياً كانت اتجاهاتهم أو انتماءاتهم السياسية أو الحزبية بما لا يمس هيبة الدولة».
وبالتالي على جميع أعضاء مجلس الشعب المتحدثين غداً أخذ هيبة الدولة بعين الاعتبار وعدم المس بها كل حسب تقديره.
أما تنظيمياً فلا يمكن لأعضاء مجلس الشعب الحديث دون إذن وهو ما تفرضه المادة 97 من النظام:«لايجوز لأحد الكلام إلا إذا أذن له رئيس المجلس». وبالتالي عليهم تسجيل طلب إذن للحديث: «يمنح رئيس المجلس الإذن بالكلام وفق تسلسل تسجيل طلب الإذن» المادة 98.
تكفل أحكام هذا النظام حرية التعبير عن الرأي والفكر لأعضاء المجلس كافةً، أيا كانت اتجاهاتهم أو انتماءاتهم السياسية أو الحزبية بما لا يمس هيبة الدولة المادة 6 نظام داخلي
كلام النواب محدد زمنياً أيضاً بثلاث دقائق ولا يحق لهم التكرار «ليس للمتكلم أن يتكلم في الموضوع أكثر من مرة واحدة لمدة ثلاث دقائق على الأكثر. إلا إذا أذن له رئيس المجلس بمتابعة الكلام أو منحه الإذن للتكلم مجدداً».المادة 99.
بينما يستثنى رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ورؤساء اللجان من هذا ولهم الحق في الكلام أثناء المناقشة في التقارير الصادرة عن لجانهم. الفقرة 2 من المادة 98.
حجب الثقة عن الحكومة أو أحد وزرائها
خلال الساعات الماضية كان موضوع حجب الثقة من أكثر المواضيع طرحاً سواء للدعوة له أو السخرية منه عبر مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا.
عملية حجب الثقة دستورية وبالنظام الداخلي أيضاً هي من صلاحيات المجلس الذي يستطيع القيام بها وفق محددات. وبحالة سوريا السياسية في هذه المرحلة تبدو العملية صعبة جداً لناحية حاجة المجلس للأغلبية من أجل حجب الثقة. وطالما أن الحكومة في سوريا مشكّلة من حزب البعث الذي يمتلك الأغلبية النيابية فإن تطبيق شروط حجب الثقة تبدو بعيدة المنال جزئياً أو كلياً. موقع سناك سوري.
كيف يمكن حجب الثقة؟
تمر إجراءات حجب الثقة عبر عدة مراحل الأولى هي الاستجواب والذي لم تعرفه سوريا إلا في حالات نادرة وغير علنية.
ولكي يستجوب المجلس الحكومة أو أحد وزرائها فإنه بحسب المادة 62 من النظام الداخلي يمكن للجان المختصة بمجلس الشعب أن تطلب عن طريق رئيس المجلس الدعوة للاجتماع بأحد الوزراء أو المحافظين أو رئيس أو مدير عام أية جهة عامة لبيان وجهة نظره والاستماع إلى ما يدلي به من إيضاحات متعلقة بالمواضيع المعروضة على اللجنة أو الداخلة في عملها.
حدث الاستجواب وإن كان نادر الحدوث فإن خياراته واسعة جداً إذ يوجد 17 لجنة في مجلس الشعب يمكنها دعوة الوزراء للاستجواب. كما يمكن لأي 5 أعضاء في مجلس الشعب الدعوة لاستجواب الحكومة أو أحد الوزراء. وجاء في الفقرة 1 من المادة 211 «لكل لجنة من لجان المجلس الدائمة أو لخمسة من أعضائه على الأقل أن يوجهوا استجوابات إلى رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم».
يُبلِّغ رئيس المجلس رئيس الجمهورية بطلب الاستجواب فور وروده ويحدد موعد مناقشته بعد 15 يوما التالية لتبليغه. الفقرة 6 من المادة 211 للنظام الداخلي في مجلس الشعب
لكن وفق معطيات المجلس الحالية وتوزع النواب سياسياً فإنه يوجد كتلة واحدة في مجلس الشعب السوري هي التي يقودها حزب البعث. بينما لا يشكل المستقلون في المجلس أي تكتل وبالتالي من الصعب توفير اجتماع 5 نواب على استجواب وزير. مالم يكن حزب البعث راغباً في ذلك ووجه نوابه بهذا الاتجاه.
الاستجواب يمر عبر رئيس الجمهورية أيضاً حيث تنص الفقرة 6 من المادة 211 أنه يُبلِّغ رئيسُ المجلس رئيسَ الجمهورية بطلب الاستجواب فور وروده ويحدد موعد مناقشته بعد 15 يوماً التالية لتبليغه.
ماذا لو غاب الوزير عن الاستجواب؟
إذا لم يحضر الوزير المطلوب استجوابه جاز اللجوء إلى طلب حجب الثقة وفق أحكام هذا النظام. المادة 211.
تنفيذ حجب الثقة
يأتي خيار حجب الثقة بعد الاستجواب وليس قبله وللاستجواب كما أشرنا أعلاه إجراء يحتاج قرابة 15 يوماً لتنفيذه وبالتالي استجواب الحكومة أو الوزراء مقارنة مع تاريخ الدعوة للجلسة الاستثنائية غداً يعد خياراً مستبعداً. موقع سناك سوري.
وفق المادة 215 من النظام الداخلي «إذا أصرّ المستجوِبون على عدم الاكتفاء بعد الانتهاء من استجواب المستجوَب فإنه يحق لهم اللجوء إلى طلب حجب الثقة».
لكن تقديم طلب حجب الثقة لا يعني حدوثه فهو يحتاج أغلبية مطلقة أي نصف المجلس +1 وهذه الأغلبية لا يملكها إلا حزب البعث الحاكم كما سبق وأشرنا.
وحجب الثقة لا يتم في الجلسة ذاتها التي يتم فيها الاستجواب فهو يحتاج لإجراءات أخرى أيضاً. فبحسب المادة 216 «يقدم طلب حجب الثقة عن الوزراء أو عن أحد أعضائها من خُمس عدد أعضاء المجلس على الأقل إلى رئيس المجلس الذي يثبت أسماء وتواقيع مقدميه وعددهم».
يبلغ رئيس المجلس الطلب فور تلقيه إلى رئيس الجمهورية ويدرج في جدول أعمال أو جلسة تعقد بعد يوم من تقديمه ولرئيس الجمهورية طلب التأجيل مدة لا تتجاوز 4 أيام من تقديمه المادة 217 من النظام الداخلي لمجلس الشعب
المرحلة الثانية هي انتقال الطلب من المجلس إلى رئاسة الجمهورية التي يحق لها تأجيل محدود الزمن للإجراء.
تقول المادة 217 من النظام الداخلي:«يبلغ رئيس المجلس الطلب فور تلقيه إلى رئيس الجمهورية ويدرج في جدول أعمال أو جلسة تعقد بعد يوم من تقديمه ولرئيس الجمهورية طلب التأجيل مدة لا تتجاوز 4 أيام من تقديمه».
يصدر المجلس قراره بحجب الثقة بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه المادة 217 نظام داخلي
المرحلة الثالثة هي الخطوة العملية التي تطلب التصويت عليها من قبل الأغلبية المطلقة في المجلس والتي نصت عليها الفقرة 2 من المادة 217. « يجري التصويت على حجب الثقة عن الوزارة أو عن أحد أعضائها بشكل علني وبطريقة المناداة على الأعضاء بأسمائهم. ويعرب الأعضاء عن رأيهم بكلمة “ثقة – أو حجب الثقة- أو ممتنع”».موقع سناك سوري.
أما الخطوة الرابعة فهي اتخاذ القرار والتي جاءت بالمادة ذاتها أيضاً :«يصدر المجلس قراره بحجب الثقة بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه».
طبعاً هذه الإجراءات تنطبق على حجب الثقة عن الحكومة كلها أو عن أحد أعضائها. وفي حال تم حجب الثقة فإن المادة 218 تنص على أن هذا الإجراء يوجب على الحكومة أو الوزير المعني تقديم استقالته/هم لرئيس الجمهورية.
في حال حجب الثقة عن الوزارة يجب أن يقدم رئيس مجلس الوزراء استقالة الوزارة إلى رئيس الجمهورية. وفي حال حجب الثقة عن أحد أعضاء الوزارة يقدم العضو الذي حجبت عنه استقالته إلى رئيس الجمهورية المادة 218 نظام داخلي
مرة أخرى وبناء على المعطيات المتوفرة حتى الآن فإن المجلس يعقد جلسة استثنائية ولم يطرح في تقديمه لها إعلامياً عبر وكالة سانا أنه سيستجوب الحكومة. وبالتالي فإن إمكانية حجب الثقة حتى تقنياً تبدو غير واردة في جلسة الغد إلا إذا كانت هناك مفاجآت وهو أمر غير متوقع فالتجارب التاريخية تقول إن “الأمور تدار بطريقة لا مفاجآت فيها”.
صلاحيات وأدوار نظرية لمجلس الشعب
فعلى سبيل المثال يمكن للجنة الاقتصادية في مجلس الشعب أن تدعو وزير الاقتصاد ويمكن لزميلتها لجنة القوانين المالية دعوة وزير المالية وغيره من المسؤولين عن الاقتصاد في البلاد إلى المجلس لتقديم إيضاحات.. لكن وفق النظام الداخلي لعمل المجلس أو الدستور لا يوجد أي سلطة لهذه اللجان على عمل الوزارات حيث لم يورد أي توضيح ماذا تفعل اللجان في حال لم تستجب الجهات التنفيذية لملاحظاتها أو اعتراضاتها مثلا؟.
وتبدو صلاحية اللجان وأدوارها محدودة جداً في التأثير على السلطة التنفيذية. حيث جاء في المادة 45 من قانون المجلس «تختص لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بالنظر في المواضيع المتعلقة بشؤون وزارات الاقتصاد والتجارة الخارجية والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والصناعة والكهرباء والنفط والثروة المعدنية وما يتبع لهم».
على الجهات العامة أن تجيب على طلبات مجلس الشعب بالمعلومات والإيضاحات خلال مدة لا تتجاوز 15 يوم.. المادة 63 نظام داخلي
بينما في المادة 43:«تختص لجنة القوانين المالية بالنظر في المواضيع المتعلقة بشؤون وزارة المالية ومايتبع لها». وكلمة “بالنظر” الواردة في المادتين غير مفسرة بالنظام الداخلي ضمن المفردات وبالتالي من غير الواضح كيف يمكن ترجمتها وبالتالي هي خاضعة للتفسير والتأويل ويمكن “مطمطتها” حسب الظروف ورغبة السلطة التنفيذية والتوجيهات….إلخ .موقع سناك سوري.
وهذا الغموض في مسؤوليات الحكومة أمام المجلس خارج إطار سحب الثقة يكتنف أيضاً البند 4 من الفقرة 194 والذي جاء فيه أن الوزارة مسؤولة عن تنفيذ البيان الوزراي أمام مجلس الشعب. لكن لايوجد أي فقرة توضح كيف تكون هذه المسؤولية أمام المجلس؟.
الوزارة مسؤولة عن تنفيذ البيان الوزاري أمام مجلس الشعب. فقرة 4 المادة 194 من النظام الداخلي لمجلس الشعب
وعلى سبيل المثال جاء في البيان الوزاري لحكومة رئيس الوزراء حسين عرنوس الأولى عام 2021 أنها ستعمل على استقرار الأسعار ومواجهة الارتفاع الكبير في الأسعار، عبر التركيز على التدخلات التي تؤثر تأثيراً مباشراً أو غير مباشر في الحفاظ على القوة الشرائية لليرة السورية، ولا سيما السياسات النقدية، ودعم العملة الوطنية. وأن الحكومة تجهد لتوفير احتياجات المواطن من الغاز المنزلي والمازوت والبنزين، وتخفيض ساعات تقنين الكهرباء إلى الحد الأدنى الممكن، وتحقيق عدالة التوزيع بين المناطق المختلفة.
هذه التعهدات من الحكومة السورية أمام مجلس الشعب كيف ألزمت الوزارة بتنفيذها أمام المجلس. فالكهرباء لم تتحسن وتقدر ساعات التقنين يومياً 4 ساعات ونصف قطع مقابل ساعة ونصف وصل متقطع. وفيما يتعلق بالسياسة النقدية فإن قيمة الليرة السورية بحسب نشرة المركزي في تشرين الأول 2021 أي بعد قرابة شهر من تولي حكومة عرنوس 2512 ليرة مقابل الدولار. بينما في نشرة اليوم 23 تموز فهو 9900 ليرة سورية.
لا يجوز حجب الثقة إلا بعد استجواب موجه إلى الوزارة أو إلى أحد الوزراء، ويكون طلب حجب الثقة بناء على اقتراح يقدم من خُمس أعضاء مجلس الشعب على الأقل، ويتم حجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء بأغلبية عدد أعضاء المجلس المادة 77 من الدستور السوري
شفافية عمل مجلس الشعب وتغطية وسائل الإعلام للجلسة الاستثنائية
نظرياً فإن كل جلسات المجلس يجب أن تكون علنية لكن عملياً فإنه لم تنقل جلسات المجلس على الهواء مباشرة منذ سنوات طويلة باستثناء جلسة أداء القسم.
علنية الجلسات جاءت بنص واضح وصريح في المادة 90 من النظام الداخلي:« جلسات المجلس علنية».
تغطي وسائل الإعلام جلسات المجلس بإذن من رئيسه ويحق لأي عضو أن يطلب تصحيح أي خطأ ورد فيها. المادة 272 من النظام الداخلي
وكذلك جلسات اللجان المختصة متاح لوسائل الإعلام تغطيتها «يجوز لوسائل الإعلام تغطية اجتماعات أية لجنة بناء على إذن من رئيسها». لكن جلسات اللجان عملياً تفتقد للشفافية والعلنية ولا تتم إذاعتها ويمكن لرئيسها تحديد من ومتى وكيف يمكن التغطية.
إلا أن سرّية الجلسات محفوظة قانوناً «يجوز لرئيس المجلس أو لعشرة أعضاء على الأقل أو للسلطة التنفيذية طلب عقد جلسة بصورة سرية لبحث شؤون معينة». لكن مايحدث حالياً أن السرية أو تغييب التغطية الإعلامية يسري على كل جلسات المجلس منذ سنوات طويلة. حيث لا يتم بث هذه الجلسات مباشرة على التلفزيون الرسمي أو صفحة مجلس الشعب على فيسبوك. ويقتصر الأمر على تقرير قصير يبثه التلفزيون الرسمي وتشاركه منصات المجلس على السوشال ميديا.
حتى تقرير الجلسة يجب نشره في الجريدة الرسمية وفق المادة 110:«ينشر محضر جلسة مجلس الشعب في ملحق الجريدة الرسمية ولمحضر الجلسة الأولوية في الطباعة والنشر في الجريدة الرسمية».
لكن هذه المادة غير مفعلة إذ لا تنشر أو توزع الجريدة الرسمية هذه الجلسات مع أعدادها الدورية. وآخر جلسة تمت طباعتها ونشرتها كانت من عام 2009 وتم نشرها عام 2021.
وهو مايجعل مصير جلسة الغد ضبابياً لناحية هل سيتم بثها أم ستبقى بعيدةً عن الأضواء.
تشكل جلسة الغد حالة كبرى من الترقب لدى السوريين لناحية ماذا ستضمنه وكيف سيتم تقديمها. فهي إما ستُعبِر عن استمرار المجلس في أداء دوره التقليدي؟ أو أنه سيقدم على خطوة تغييرية تعبر عن نهج جديد في مؤسسات الدولة وتحقق صدمة إيجابية للمواطن المنتظر بصيص أمل في ظل عتمة مفرطة يعيشها منذ سنوات. وسيناريوهات مكررة في التعاطي مع الأزمات.
لكن تبقى الأسئلة الجوهرية هل سحب الثقة من الحكومة يحل المشكلة؟. هل يمكن تجاوز المشكلة بتغيير حكومي أم أن البلاد بحاجة تغييرات جوهرية في المنهجية وطريقة الإدارة والتخطيط والتعاطي مع الأزمة التي تعصف بالبلاد والحلول المتاحة لها.