ماذا تبقى للسوريين من رفاهية المونة اليوم؟
بعد الغاز والمازوت والكهرباء.. أصناف المؤن الغذائية تختفي عاماً بعد عام
سناك سوري – دارين يوسف
عادةً ما تحتفي المطابخ السورية التي تعتبر من أهم المطابخ الشرق أوسطية، بمختلف أصناف المؤن المجففة، والقابلة للتخزين عدة أشهر، من بقوليات، وخضراوات، وفواكه، والكبيس (المخللة)، والمربيات، ومشتقات اللبن، التي بدأت تختفي بالتدريج عاماً تلو الآخر في السنوات الأخيرة.
منذ بدء الأزمة في “سوريا” عام 2011 ومارافقها من استنزاف مادي، واقتصادي، وتخريب للبنى التحتية، والممتلكات العامة، والخاصة وأسعار كاوية طالت مختلف الحاجيات الأساسية، والكمالية، ترك آثاره المدمرة على المجتمع، حيث عمّقت الفقر، وزادت من مستويات البطالة.
اقرأ أيضاً: منها العنبر وجرن الحنطة والرحى.. إرث الجدّات السوريات
كما انعكست آثار الأزمة على مصادر الطاقة من “مازوت وغاز وكهرباء”، بعد تدمير عدد من حقول النفط والغاز بسبب الحرب، والبنى التحتية المتعلقة بالكهرباء من محطات مولدات الطاقة التي حولت شتاءنا بلا دفء، وصيفنا خانق، والليالي أكثر ظلاماً، وثلاجاتنا إلى خزانة، أو “نملية” للعُلَب، والأواني الفارغة.
ساعات التقنين الطويلة في مختلف المحافظات السورية، وتأثيرها على المؤن المُثلّجة كانت أحد العوامل التي سببت رمي تلك المؤن في القمامة بعد تعرضها للتلف، لاسيما أن المؤن المثلجة كانت بمثابة مصدر معزز للأمن الغذائي لمعظم العائلات التي تعاني من ارتفاع أسعار الغذائيات من آونة لأخرى، مقارنةً مع ضآلة الرواتب الشهرية.
تلف المؤن المُثلّجة رافقه ارتفاع كبير بأسعار المؤن المجففة مثل البقوليات كالعدس والقمح والبرغل والفاصولياء والبازيلاء، وغيرها، والفواكه المجففة كـ “الزبيب والمشمش والتين”، والمربيات، ومشتقات اللبن منها “اللبنة والجبنة والشنكليش”.
خلال الأعوام الثلاثة الماضية، باتت الزيوت النباتية وفي مقدمتها زيت الزيتون كغيرها من المواد الغذائية التي ارتفعت أسعارها بشكل خيالي الأمر الذي عمّق من افتقار المطابخ السورية لمونة زيت الزيتون بالإضافة إلى الزيتون الأسود والأخضر الكبيس.
وما زاد الأمر سوءاً الحرائق التي أتت على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، والبساتين الغنية بأشجار الزيتون، والحمضيات، وأنواع أخرى من الشجر المثمر، والخضراوات في مناطق “الساحل السوري” و”حمص”.
اقرأ أيضاً: هل سيغيب المكدوس عن الموائد هذا العام؟.. البعض وجدوا حلاً
العوائق لم تعد متعلقة فقط بكوارث الطبيعة، أو التأثير السلبي لوباء كورونا على مستوى العالم، أو أزمة الكهرباء، وإنما يعود أيضاً إلى بعض القرارات التي ربما تصُب في مصلحة الاقتصاد الوطني كما يبرر صانعوها، لكنها تؤلم جيبة، ومعدة المواطن، وآخرها قرار تعليق استيراد عدة مواد منها غذائية كاللوز والجوز.
ويتميز المطبخ السوري بأنواع من المؤن التي يستحق أن ينال عليها براءة اختراع ولا تحتاج للتبريد منها “المكدوس” الصنف الأكثر شعبية على موائد العائلات، ويعد الجوز واللوز وزيت الزيتون من أهم مكوناته، ونظراً للظروف المذكورة أعلاه في مقدمتها الأسعار الكاوية يبدو أن هذا الصنف الغذائي التراثي في طريقه إلى الاختفاء أيضاً.
سبق “المكدوس” صنف غذائي شتوي سوري بامتياز وهو “الكشك”، من أنواع الشوربات التراثية المكونة من البرغل، واللبن، والملح المجففة بطريقة تقليدية تحت أشعة الشمس، وتُحفظ في مكان جاف لتُطبخ في الشتاء وتُطبخ شوربة مع الثوم أو جافة قليلاً كالمعكرونة مع البصل.
بالإضافة إلى أنواع أخرى من المؤن السائلة كعصير الليمون الحامض، والحصرم “العنب الحامض”، ودبس الرمان، والخل بأنواعه، والسماق حبوب جافة أو عصير، وأيضاً عصائر التوت الشامي، والورد الجوري، والعنب الحلو، وغيرها.
يأتي ذلك وسط مخاوف يعيشها المواطنين السوريين من المستقبل وما يُخبئِه لهم على خلفية المعاناة التي يعيشونها بسبب الأمن الغذائي المنهار، وغياب للخدمات الأساسية التي تزداد سوءاً من فترة لأخرى.
اقرأ أيضاً: الفورة.. طبق العائلة الديرية بالأيام الشتوية