أخر الأخبارالرئيسيةمؤتمر الحوار الوطني

مؤتمر الحوار السوري .. يبدأ ببيعة منفردة وينتهي بإجماع على خارطة طريق المرحلة الانتقالية

من التركمان إلى الكرد .. كيانات تهاجم المؤتمر وتعلن رفض الالتزام بمخرجاته

اختتم مؤتمر الحوار الوطني السوري أعماله ببيان ختامي تألف من 18 بنداً لخّصت مخرجات جلسات العمل التي أجريت اليوم، حيث حضر الرئيس المؤقت “أحمد الشرع” الجلسة الاختتامية بعد أن ألقى صباحاً كلمةً في افتتاح أعمال المؤتمر.

سناك سوري _ دمشق

ودعا البيان الختامي الذي تلته عضو اللجنة التحضيرية “هدى أتاسي” إلى الحفاظ على وحدة “سوريا” وسيادتها ورفض التقسيم وإدانة التوغّل الإسرائيلي في الجنوب السوري، والمطالبة بالإسراع بإعلان دستوري مؤقت وتشكيل مجلس تشريعي مؤقت ولجنة دستورية تعدّ دستوراً دائماً للبلاد.

هدى أتاسي تتلو البيان الختامي

كما دعا المشاركون إلى تعزيز الحرية كقيمة عليا في المجتمع، واحترام حقوق الإنسان ودعم المرأة وتفعيل دور الشباب في الدولة والمجتمع، وترسيخ مبدأ المواطنة، وتحقيق العدالة الانتقالية عبر المحاسبة واستعادة الحقوق.

البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني

كما دعا البيان لترسيخ مبدأ التعايش السلمي، وتحقيق التنمية السياسية وإطلاق عجلة التنمية الاقتصادية ورفع العقوبات عن “سوريا” وإصلاح مؤسسات الدولة، وإشراك منظمات المجتمع المدني في دعم المجتمع، وتطوير النظام التعليمي وتعزيز ثقافة الحوار في المجتمع السوري.

وأشار البيان الختامي إلى أن اللجنة التحضيرية ستصدر تقريراً تفصيلياً يعرض آراء ومشاركات الحاضرين في مؤتمر الحوار الوطني.

بداية المؤتمر

فاجأت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوريين بإعلان نهاية جلساتها في المحافظات بعد أسبوع واحد فقط أجرت فيه جلسة واحدة مع ممثلين عن كل محافظة، لتعلن بذلك نهاية مرحلة التحضير وتحديد موعد انطلاق مؤتمر الحوار.

المفاجأة الثانية أن جدول أعمال المؤتمر اقتصر على يومين فقط وخصّص اليوم الأول للتعارف فقط، فيما خصّص اليوم الثاني لجلسات العمل التي لم يتعدَّ وقتها 5 ساعات ونصف فقط، بعد توزيع المشاركين على 6 مجموعات عمل تتخصّص كل منها بمناقشة محور من المحاور التي حدّدتها اللجنة بعد جلساتها في المحافظات.

وسارع منظّمو المؤتمر لإرسال دعوات للحضور يوم الأحد أي قبل 24 ساعة من اليوم الأول، برغم وجود كثير منهم خارج “سوريا” والصعوبة البالغة في الوصول إلى البلاد في الموعد المحدّد ما أدى لاعتذار عدد من المدعوّين عن الحضور رغم رغبتهم بذلك، مثل اعتذار أستاذ القانون الدستوري “سام دلة” والناطق السابق باسم الخارجية السورية “جهاد مقدسي” والرئيس السابق لـ”الائتلاف” “جورج صبرا” عن الحضور لضيق الوقت بين الدعوة وانطلاق المؤتمر.

أما الانتقاد الأهم للمؤتمر فكان لناحية مخرجاته، إذ أكّد المتحدث باسم اللجنة التحضيرية “حسن الدغيم” أن المؤتمر سيخرج بتوصيات يتم نقلها إلى رئيس الجمهورية وفق حديثه الذي يعني أن ما يصدر عن المؤتمر مجرد اقتراحات غير ملزمة يطّلع عليها الرئيس لكنه غير مضطر للأخذ بها.

علماً أن “الدغيم” حاول لاحقاً تعديل الحديث للقول أن مخرجات المؤتمر ليست مجرد نصائح وشكليات بل سيتم البناء عليها من أجل الإعلان الدستوري والهوية الاقتصادية وخطة إصلاح المؤسسات وفق حديثه.

انتقادات كردية تركمانية آشورية

أصدر “المجلس الوطني الكردي” بياناً انتقد فيه التسرّع بعقد مؤتمر الحوار الوطني، وما وصفه بتهميش المكونات السياسية والقومية بما فيها المجلس الوطني الكردي في الإعداد والتحضير، وتوجيه الدعوات بشكل انتقائي وفردي.

وتابع البيان أن قصر مدة التحضير للمؤتمر وعدم مراعاة ظروف المشاركين من داخل “سوريا” وخارجها ما يضعف فرص نجاحه.

ورأى المجلس أن أي حوار وطني حقيقي لا يمكن أن يحقق أهدافه إذا لم يضمن معالجة الحقوق المشروعة لكافة المكونات.

بدوره، اعتبر المجلس التركماني السوري أن عدم دعوته للمشاركة في المؤتمر شكّل حالة غير مقبولة لدى المكوّن التركماني.

الجلسة التحضيرية لمؤتمر الحوار لأبناء الحسكة

وأوضح بيان المجلس أنه تلقّى خلال اللقاءات مع السلطات في “دمشق” وعوداً بالمشاركة في المؤتمر، لكنه تفاجأ بعدم توجيه دعوة لـ”المجلس التركماني السوري” أو ممثليه للمؤتمر دون وجود مبررات مقنعة عن أسباب التهميش بحسب البيان.

لكن المجلس أكّد دعمه للعملية السياسية التي تقودها السلطات السورية وصولاً إلى ترسيخ بنى الدولة الجديدة، معرباً عن رفضه لنهج اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار وتهميش المكون التركماني الذي يمثّله المجلس على حد تعبير البيان.

مسؤول الحزب الآشوري الديمقراطي- فرع سوريا “وائل مرزا” انتقد طريقة تنظيم المؤتمر واعتبر أن القائمين عليه يكررون أساليب النظام السابق.

واعتبر “مرزا” أن المؤتمر كان يجب أن يصدر قرارات ملزمة وليس مجرد توصيات استشارية، وأضاف أن تغييب المكونات القومية ومنهم الآشوريون هو قفز عن الواقع وهروب من استحقاقات المرحلة التي لا يمكن تجنبها على حد تعبيره.

كما نقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم “قسد” “فرهاد شامي” والقيادية في “الإدارة الذاتية” “إلهام أحمد” أنه لم تتم دعوة أي من مسؤولي الجهتين لحضور المؤتمر.

الإدارة الذاتية أصدرت بياناً قالت فيه أن المؤتمر لم يشهد مشاركة الممثلين الحقيقيين للشعب وكان أقرب للإقصاء والتهميش.

وقالت “الإدارة الذاتية” أنها تعتبر أن المؤتمر لا يمثّل الشعب السوري، وتتحفّظ عليه شكلاً ومضموناً ولن تكون جزءاً من تطبيق مخرجاته.

الحوار ليس يوماً واحداً

وفي ردّه على عدم دعوة “قسد” صرّح المتحدث باسم اللجنة التحضيرية “حسن الدغيم” في أكثر من مناسبة أن المؤتمر ليس تفاوضاً عسكرياً وليس مع تنظيمات عسكرية، مضيفاً في تصريح اليوم أن الوصول إلى أهالي “الحسكة” و”الرقة” و”دير الزور” لا يستلزم المرور بكيان عسكري أو جناح سياسي تابع له، مؤكداً وجود تمثيل للمحافظات الثلاث وممثلين عن الكرد والآشوريين والسريان والعرب والعشائر ورجال الدين من مختلف الأطياف في مؤتمر الحوار.

مؤتمر صحفي للجنة التحضيرية _ انترنت

ورداً على سؤاله حول كفاية يوم واحد فقط للحوار، قال “الدغيم” أن هذا الأمر من النمطيات الغريبة فالحوار ليس يوماً واحداً حيث بدأ منذ سقوط النظام، إضافة لقيام اللجنة التحضيرية بإجراء حوارات مع كافة الأطياف السورية والتواصل الإلكتروني مع السوريين في الخارج وممثلي الجاليات المتواجدين في “دمشق”

الشرع: سوريا بحاجة قرارات جريئة ولو كانت مؤلمة

اليوم الأول من الحوار كان مقتصراً على جلسات التعارف والعشاء الرسمي في فندق “داما روز”، وشهد بحسب مشاركين تأخراً في حضور اللجنة التحضيرية عن الموعد الرسمي، بينما تم الإعلان عن تشكيل فريق من الميسّرين لجلسات العمل بقيادة الباحث “زيدون الزعبي” في وقتٍ لم تشارك فيه اللجنة التحضيرية بالتيسير.

أما اليوم الثاني من الحوار فبدأ بكلمة للرئيس المؤقت “أحمد الشرع” في “قصر الشعب”، وفي لحظة دخوله إلى القاعة بادره أحد الحاضرين بهتاف “بايعناك، بايعناك” إلا أن أحداً لم يردّد الهتاف وبدأ “الشرع” كلمته.

كلمة الرئيس المؤقت أحمد الشرع خلال الحوار

وقال الرئيس المؤقت إن “سوريا” كلٌّ متكامل لا تقبل القسمة والسلم الأهلي واجب على أبناء الوطن جميعاً، وأن الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف ما وتعرض نفسها الحامية المنقذة هي دعوات فارغة لا تنطلي على الوعي السوري.

وخاطب “الشرع” الحاضرين بالقول “سوريا دعتكم جميعاً لا لتختلفوا بل لتتفقوا، دعتكم للتشاور في مستقبل بلدكم وأمتكم والأجيال اللاحقة بكم”. داعياً إلى مراعاة أن البلاد تمرّ بمرحلة إعادة بناء الدولة من جديد وهي مراحل ذات خصائص حرجة، مبيناً أن وحدة السلاح واحتكاره بيد الدولة ليس رفاهية بل واجب وفرض.

وأكّد الرئيس المؤقت أن “سوريا” بحاجة لقرارات جريئة تعالج مشكلاتها علاجاً حقيقياً ولو كانت مؤلمة وصادمة، فقد تراجعت عن محيطها الإقليمي والدولي وعليها أن تسارع للحاق وينبغي أن تتخذ الخطوات المناسبة لذلك.

وزير الخارجية “أسعد الشيباني” قال خلال كلمته في افتتاح المؤتمر أن “سوريا” عملت بعد التحرير وفق سياسة خارجية متزنة تقوم على الانفتاح والحوار والدبلوماسية الفاعلة، مرتكزة على مبادئها الثابتة باحترام السيادة الوطنية والتعامل مع الآخرين على أساس المصالح المشتركة.

وأضاف “الشيباني” أن “سوريا” التي واجهت التحديات وصمدت، قادرة اليوم على إعادة بناء علاقاتها بما يحقق مصالح شعبها ويعيد لها دورها الريادي في المنطقة.

أما رئيس اللجنة التحضيرية “ماهر علوش” فاعتبر أن مؤتمر الحوار الوطني هو استكمال لمؤتمر النصر، مضيفاً أن اللجنة وضعت خطة لعقد مؤتمر الحوار بحضور شخصيات وطنية ذات كفاءة عالية تقوم على مسارين: الأول رسم خارطة الاستماع للسوريين لتحديد الأفكار الأساسية، والثاني وضع المعايير التي سيتم على أساسها تمثيل ألوان الطيف السوري.

وأوضح “علوش” أن اللجنة استمعت إلى 4000 رجل وامرأة من كافة المكونات وأجرت حوارات استمعت خلالها لأكثر من 2000 مداخلة واستلمت أكثر من 700 مشاركة مكتوبة وفق حديثه.

غياب الشفافية

ساد المؤتمر غياب واضح للشفافية سواءً في معايير اختيار المدعوّين أو في إصدار قائمة واضحة بأسمائهم لتبيان خلفياتهم ومدى تمثيلهم لمجتمعاتهم ومحافظاتهم، فضلاً عن أن غياب مثل هذه القوائم حال دون التمكّن من قياس نسبة حضور النساء والشباب وتمثيل فئات مثل “ذوي الإعاقة” وحتى قياس مراعاة وجود حاضرين من ذوي الشهداء والمعتقلين والمختفين قسراً و الناجين من الاعتقال.

كما أكّدت مصادر متقاطعة أن منظّمي المؤتمر أبلغوا المشاركين بضرورة عدم إدخال الهواتف المحمولة إلى الجلسات ما يمنع التصوير أو توثيق المداخلات، في ظل منع وسائل الإعلام كذلك من تغطية الجلسات بشكل مباشر ومصوّر.

استدراك تغييب محافظتين عن الحوار

الصفحة الرسمية لمؤتمر الحوار الوطني أعلنت عن رابط لاستقبال مشاركات مكتوبة من السوريين في داخل البلاد وخارجها كجزء من الحوار.

لكن رابط التطبيق أظهر في البداية غياب خيار الإقامة في محافظتي “الحسكة” و “الرقة” ما أثار انتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي سرعان ما أدت إلى استدراك الخطأ وإضافة المحافظتين إلى قائمة الخيارات.

خلاصة متوقعة

انتهى الحوار في نهاية اليوم كما كان متوقّعاً له ببيان ختامي أرسى عموميات سبق للسلطة الحالية الحديث عنها، وشكّلت خارطة طريقها للمرحلة الانتقالية.

إذ بدأت الخارطة بمؤتمر النصر الذي أعلن تسمية “الشرع” رئيساً للجمهورية ومنحه الصلاحيات المطلقة بعد حلّ الدستور والبرلمان، ليقوم بنفسه بإصدار إعلان دستوري مؤقت وتشكيل مجلس تشريعي -بالتعيين بطبيعة الحال- وتشكيل لجنة دستورية كذلك لتكتب دستوراً دائماً، لتنتهي معه المرحلة الانتقالية وتجرى حينها انتخابات نيابية ورئاسية.

زر الذهاب إلى الأعلى