لماذا يخاف السوريون من مفاوضات جنيف؟
سناك سوري – نجيب الشوفي
لم يسجل الحل السياسي للحرب الدائرة في سوريا أي تقدم يذكر حيث اقتصرت كل الجهود على قرارات دولية واتفاقيات ضمنية بين الدول الراعية بقيت خارج التطبيق بشكل فعلي وحقيقي بل كانت في بعض الأحيان موضع شك حول السعي الفعلي من قبل المجتمع الدولي للوصول لحل لهذه الأزمة التي تسير إلى عامها السابع على التوالي.
لقد حمل لنا المؤتمر الأول من جنيف “مجموعة العمل من أجل سوريا” شهرين دمويين شهدا تصعيداً عسكرياً خطيراً في محافظات “حمص، إدلب، دير الزور، ريف دمشق، حماة، ريف اللاذقية”، وذلك مع اقتراب موعد انطلاق “جنيف” وعلى وقع إرسال بعثة المراقبين الدولين إلى سوريا.
وقد وضع المجتمعون في جنيف1 والذي غاب عنه السوريون مجموعة بنود ارتكز عليها الحل السياسي أعلن عنها المبعوث الأممي للسلام في سوريا “كوفي عنان” آنذاك.
اتسم التحرك الأممي في سوريا بتصعيد عسكري آخر مع اقتراح المبعوث الجديد “الأخضر الإبراهيمي” بجمع طرفي النزاع على طاولة التفاوض، ودخلت مناطق جديدة من سوريا في دائرة القصف الجوي والاشتباكات المباشرة “المناطق الشرقية من مدينة حلب، مناطق من ريف حلب” ولا ننسى تصعيد استخدام السلاح الكيماوي في مناطق من الغوطة الشرقية بريف دمشق فضلاً عن الهجوم الذي تعرضت له الرقة وأدى إلى سيطرة المعارضة عليها قبل أن تنقل سيطرتها لـ داعش.
حينها تم الإسراع في إقامة مؤتمر دولي يضم طرفي النزاع السوري وهذا ما حصل في مؤتمر جنيف 2 في كانون الثاني من العام 2014 وخرج عن المؤتمر بنود اتفاق استندت إلى بنود جنيف 1، ولكن المؤتمر لم يخفف من وتيرة التصعيد العسكري في سوريا موضحاً بشكل علني التباعد الكبير بين طرفي النزاع بسعي كل منهما إلى خط اللارجعة مع الآخر.
وتلازم “جنيف” مع ارتفاع مستوى العنف في سوريا وكلما اقترب مؤتمر جديد تزداد حدة التوتر، فإبان عقد مؤتمر جنيف 3 باشراف المندوب الأممي الجديد “ستيفان ديمستورا” والذي عقده في شباط من العام 2016 شهدت مناطق كثيرة من سوريا تصعيداً عسكرياً كبيراً ووقع ضحايا بالمئات قبل المؤتمر فتم تأجيله بسبب رفض الطرف المعارض المشاركة بالمؤتمر بحجة فرض الطرف الحكومي الحل عليه بعد تقدم القوات الحكومية في الشمال بدعم من سلاح الجو الروسي واعتبر أن هذا التقدم سيعطي الطرف الحكومي القوة في فرض الحل.
اقرأ أيضاً:وفد المعارضة إلى جنيف8: الجبير اتصل بنا ليطمئن صحتنا
وفيما دخل المؤتمرون اليوم الثالث من جنيف 4 في الـ 25 من شباط 2017 بتفجيرات تبنتها “المعارضة” لفرع الأمن العسكري ومحيطه في مدينة حمص وعقبه بساعات قصف سلاح الطيران الروسي حي الوعر في مدينة حمص، ولكن رغم ذلك تابع المؤتمرون جولاتهم التشاورية والتفاوضية وتم الاتفاق فيها على مقترح “السلال الأربع” (الدستور – مؤسسات الحكم – الانتخابات – الإرهاب).
وعلى وقع جنيف 5 استفاقت العاصمة دمشق على وقع سيطرة قوات المعارضة على مناطق مطلة على ساحة العباسيين وشلهم للحركة فيها وفي معظم شوارع العاصمة بما سمي وقتها بمعركة ” يا عباد الله أثبتوا”، ولكن المحادثات بالعموم لم تأت بجديد سوى بتمديد مهمة المبعوث الأممي “ستيفان ديمستورا”، فيما فقد تنظيم داعش الكثير من مواقعه في سوريا على أبواب جنيف 6 واستعادت القوات الحكومية السورية السيطرة على مناطق واسعة من البادية الشامية.
اقرأ أيضاً:المجلس المحلي في ريف دمشق: لا نعترف بوفد الرياض إلى جنيف
أما جنيف 7 فقد اتجهت الأنظار فيه إلى قصف التحالف والقوات الجوية الروسية اللذان تصدرا الشاشات من ناحية القوة التدميرية وعدد الضحايا بسبب القصف الجوي على المناطق الشرقية والشمالية من سوريا ولم يأت بجديد سوى تحديد موعد جنيف 8.
تـأتي اليوم مفاوضات جنيف 8 على وقع معركة حرستا “بأنهم ظلموا” التي أعلنتها فصائل المعارضة المسلحة وتصدر المشهد فيها حركة أحرار الشام، وقد انطلقت المعركة قبل حوالي 10 أيام من موعد المباحثات السورية وقد أعلن عن هدنة فيها مساء أمس.
8 جولات من المباحثات في جنيف ترافقت مع أعمال العنف والتصعيد ماجعل الشعور المرافق لهذا المؤتمر هو الشعور بالخوف وليس الأمل، وساهمت الجولات واحدة بعد أخرى في ترسيخ قناعة لدى غالبية السوريين أن طرفي النزاع مستمران في عدم قبولهما لبعضهما البعض ولا التوافق فيما بينهما معتمدان سياسة الإلغاء والعض على الأصابع.