لماذا تتم مكافحة الفساد سراً وترفع الشفافية علناً؟
هل سمعتم عن محاكمة مسؤول بتهمة فساد؟
سناك سوري _ زياد محسن
لم يكن مفاجئاً ما ورد في التقرير الصادر مؤخراً عن منظمة “الشفافية الدولية” والذي وضع “سوريا” في المرتبة قبل الأخيرة حول العالم على سلم “مكافحة الفساد”.
14 درجة من 100 نالتها البلاد على مستوى مكافحة الفساد وفق معايير المنظمة العالمية، لكن ذلك لم يبدُ مستغرباً لا سيما للسوريين الذي يعرفون الفساد شخصياً ويعاينون آثاره في حياتهم اليومية وربما يجد كثيرون منهم أنفسهم مشاركين فيه سواءً عن اضطرار أو اختيار.
الواضح أن مصطلح “الشفافية” مرتبط بما لا يدع مجالاً للشك بعملية “مكافحة الفساد”، الأمر الذي يغيب في “سوريا” عن معظم مراحل هذه العملية.
فعلى سبيل المثال، سمعنا خلال العام الماضي كثيراً عن عملية مكافحة الفساد تجري في أروقة المؤسسات الحكومية، وخرجت عدة قرارات بإعفاء مسؤولين من مناصبهم، كما صدرت قرارات أخرى عن وزارة المالية فرضت بموجبها الحجز الاحتياطي على أموال وأملاك عدد من رجال الأعمال لأسباب مختلفة أبرزها التهريب من أجل عدم دفع الرسوم الجمركية على البضائع، ثم صدرت لاحقاً بعض القرارات لرفع الحجز عن بعض رجال الأعمال الذين حجزت أموالهم سابقاً.
اقرأ أيضاً:منظمة مُغرضة تتهم سوريا بعدم مكافحة الفساد!
لكن كل ما جرى بقي في الخفاء ولم يصل إلى العلن منه إلا القليل والقرارات النهائية دون أي توضيح أو تفسير، فلا يوجد لدينا رواية متكاملة لكل ما كان يجري حيث لا نعرف هل إعفاء هذا المسؤول أو ذاك سببه قضايا فساد أم لا؟ وإذا كانت كذلك هل يجري التحقيق معه أو محاكمته مثلاً؟ لأننا لم نسمع شيئاً من هذا القبيل بشكل رسمي معلن.
في الوقت الذي يتحول فيه بوست على فايسبوك لصحفي/ة أو لناشط/ة أو لمواطن/ة بحال تناولهم ملف الفساد، إلى سبب لتوقيفهم بتهمة “وهن عزيمة الأمة” أو “نشر أخبار كاذبة”، ويصبح المتحدث عن الفساد موضع اتهام بدل المتورط فيه.
فرغم أن “الشفافية” هي العدو الأول للفساد والوسيلة الرئيسية لمحاربته وفضح المتورطين فيه، إلا أنها تغيب لدينا عن قضايا رئيسية تشغل الشارع دون أن يصدر بشأنها أي توضيحات رسمية، بينما يقتصر حضور “الشفافية” على خطابات وتصريحات المسؤولين الحكوميين.
الخطابات ذاتها، تتحدث في كثير من الأحيان على الفساد والفاسدين ومحاربتهم، لكنها تتناول الفساد بوصفه كائناً أسطورياً لا يرى بالعين المجردة ولا يلمس باليد، رغم أن قضايا الفساد هي أكثر أنواع الجرائم تركاً للأدلة خلف فاعليها وبالإمكان توثيق كل صغيرة وكبيرة في أي قضية فساد وتقديم تلك المعلومات للرأي العام، لتكون عملية المحاسبة متكاملة وشفافة ومعلنة في عدالتها ومصداقيتها، حينها لن يهمنا مرتبة “سوريا” في جداول المنظمات العالمية وسيكون كافياً للسوريين أن يروا الفساد بأعينهم موضع اتهام ومحاسبة لا مجرد أسطورة خطابية من الشعارات.
اقرأ أيضاُ:نائب مُنع من الحديث أمام الحكومة: لدي ملفات فساد كبيرة