الرئيسيةتنمويرأي وتحليل

لجنة مشتركة بين البرلمان والحكومة في مواجهة العطالة المؤسساتية

هل تتعارض اللجنة مع الدستور؟ وماذا حلّ بالبرنامج التنموي لـ سوريا ما بعد الحرب؟

خلصت جلسة الحكومة مع مجلس الشعب السوري التي انعقدت في 23 تموز الجاري  إلى تشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان والحكومة بهدف إعداد حزمة متكاملة من المقترحات العملية والفاعلة. للنهوض بالوضع الاقتصادي والمعيشي والمالي والنقدي وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف وتحسين الأوضاع المعيشية. على أن تقدم اللجنة مقترحاتها لمناقشتها ولإقرارها.

سناك سوري _ فراس سلمان

وأثار تشكيل هذه اللجنة المشتركة عدة تساؤلات أولها حول تعارضها مع طبيعة العلاقة الدستورية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. والتي تنص على الفصل بين السلطتين.

حيث حدد الدستور السوري فصولاً واضحة للسلطات في الباب الثالث منه. فأفرد الفصل الأول للسلطة التشريعية  والثاني للتنفيذية. كما حدد مهام كل منهما  وطبيعة العلاقة بينهما بحيث تخضع أعمال السلطة التنفيذية لرقابة مجلس الشعب.

يحق لمجلس الشعب أن يؤلف لجاناً مؤقتة من بين أعضائه. لجمع المعلومات وتقصي الحقائق في المواضيع التي تتعلق بممارسة اختصاصاته المادة 78 من الدستور السوري

 

ولم يغفل الدستور عن إشارات هامة لم تراعَ في تشكيل هذه اللجنة. حين نصت المادة 78 منه أنه يحق لمجلس الشعب أن يؤلف لجاناً مؤقتة من بين أعضائه. لجمع المعلومات وتقصي الحقائق في المواضيع التي تتعلق بممارسة اختصاصاته. ومن الواضح أن الدستور حصر صلاحية تشكيل المجلس للجان في أعضائه فقط وفي المواضيع التي تتعلق باختصاصه.

كما نص الدستور في المادة 128 المتعلقة باختصاصات مجلس الوزراء. البند الخامس بأن من اختصاصات المجلس إعداد خطط التنمية وتطوير الإنتاج واستثمار الثروات الوطنية وكل ما من شأنه دعم وتطوير الاقتصاد وزيادة الدخل الوطني.

فهل نحن أمام سابقة دستورية من حيث قيام مجلس الشعب بمشاركة مجلس الوزراء أحد اختصاصاته؟. أم أن الأمر لا يتعدى خطأً في فهم طبيعة السلطات واختصاصاتها كي لا نقول وصفاً أشد من الخطأ.

برامج كبيرة وعطالة أكبر 

بعد زلزال السادس من شباط المدمر شددت الحكومة على صعوبة الاستجابة للكارثة نظراً لعدم وجود البنية المطلوبة للاستجابة للكوارث. علماً أنه وبالتعاون مع الأمم المتحدة تم بناء منظومة لإدارة الكوارث قبل الأزمة السورية.

و رغم أن عذر الحرب قد ينفع مثلاً لتبرير تضرر غرف العمليات المجهزة التي أنجزها المشروع. كما ينفع في تبرير نقص المعدات والتجهيزات اللازمة. إلا أنه لا يبرر فقدان البنية التنظيمية والمعرفية التي بناها المشروع المذكور وبالتالي التخبط في القيام بالإجراءات المطلوبة.

كما أنه لا يبرر تصريح الحكومة بأن “سوريا” تفتقد لمنظومة إدارة الكوارث. و كأن الجهود والمبالغ الكبيرة التي بذلت لإقامة منظومة إدارية معرفية بالغة الأهمية تم نسيانها وكأنها لم تكن. حالها حال أي مشروع أو برنامج تطوير إداري تم إدخاله إلى المنظومة الإدارية هائلة العطالة. والتي يأبى القائمون عليها المساس بالبيروقراطية والشخصنة  والتفرد بالصلاحيات وغيرها من الأمراض الإدارية المستعصية.

التحول من الجمود التنموي الذي فرضته الأزمة. إلى إطلاق تدريجي لطاقات المجتمع والاقتصاد. وصولاً إلى النهوض بجميع مكونات التنمية الاقتصادية والمجتمعية أهداف البرنامج الوطني التنموي لـ سوريا ما بعد الحرب

 

وربما كان إعلان اللجنة المشتركة بين مجلسي الوزراء والشعب لتقديم مقترحات حول الوضع الاقتصادي أحدث مظاهر هذه العطالة الإدارية. نظراً لوجود برنامج إصلاحي تشاركي شامل هو البرنامج الوطني التنموي لـ”سوريا” ما بعد الأزمة. أقرته الحكومة السورية في شباط 2017 وجاء في مقدمته «يتخذ البرنامج الوطني التنموي لسوريا ما بعد الحرب النهج التشاركي من أجل تأطير جهود التخطيط و إدارة الأزمة وتبعاتها على الصعد كافة. وبلورة رؤى إعادة الإعمار ليس بالبعد الاقتصادي فقط و إنما بالبعد التنموي الشامل».

وقد جاء في أهداف هذا البرنامج ما يتجاوز أهداف اللجنة التي أعلن عن تشكيلها في اجتماع الحكومة مع مجلس الشعب مثل. «التحول من الجمود التنموي الذي فرضته الأزمة. إلى إطلاق تدريجي لطاقات المجتمع والاقتصاد. وصولاً إلى النهوض بجميع مكونات التنمية الاقتصادية والمجتمعية». لا بل أن لهذا النهج التشاركي مخرجات محددة تتضمن الرؤية الوطنية للاقتصاد والمجتمع السوريين، و الاستراتيجيات والخطط البعيدة المدى. و تتضمن سياسات وتدخلات كلية و قطاعية قصيرة و متوسطة وطويلة الأجل.

و بالتالي يكون السؤال. أين هي مخرجات هذا البرنامج التي شملت لجانه الوزارات والمؤسسات المختصة؟. كما أن فرق عمله “12 فريق عمل” شملت المختصين في كافة الوزارات و المؤسسات. أين هو النهج التشاركي؟ وأين إطلاق طاقات المجتمع و الاقتصاد؟ هل بدأت مع تشكيل لجنة مشتركة مع مجلس الشعب؟

العطالة المؤسساتية وأهداف العمل الحكومي والإداري

لا شك أن لكافة اللجان و البرامج والمشاريع الحكومية أهداف تسعى لتحقيقها بما يضمن انتظام عمل المؤسسات وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. وكثيراً ما يتم الإعلان عن أهداف طموحة للمشاريع الحكومية كما يتم الإعلان عن مراحل إنجازها. لكن المؤسف تحول الإعلان عن مراحل إنجاز المشاريع كإنجاز الإطار الناظم أو المصفوفة التنفيذية إلى مجال تندر للمواطنين الذين لا يلمسون فرقاً في الواقع الفعلي يميز ما بعد هذه البرامج والمشاريع عما قبله. وبالتالي يصبح السؤال عن العطالة المؤسساتية و أسبابها وحجم الضرر الذي تسببه أمراً بالغ الأهمية والإلحاح الأمر الذي يستدعي المزيد من البحث والدراسة.

زر الذهاب إلى الأعلى