لجنة التحقيق بأحداث الساحل تكشف تفاصيل تقريرها بعد تسليمه لرئاسة الجمهورية
لجنة التحقيق: لم نتبلّغ بأي حالة خطف لنساء .. وتوصّلنا لأسماء 298 متهم بالانتهاكات

أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة المكلفة بتقصي الحقائق بشأن أحداث الساحل السوري أنها توصّلت إلى الأسماء الصريحة لـ 298 شخصاً تشتبه بتورطهم في الانتهاكات وقالت أنها بنت ذلك على الشبهة وليس على الدليل القاطع.
سناك سوري _ دمشق
وقال المتحدث باسم اللجنة “ياسر الفرحان” في مؤتمر صحفي اليوم أنه تم تحديد أفراد وجماعات ترتبط ببعض الجماعات العسكرية ويشتبه بارتكابهم انتهاكات، مبيناً أن اللجنة أحالت للنائب العام لائحتين بأسماء المشتبه بتورطهم في الانتهاكات، مضيفاً أن نص بيان المؤتمر الصحفي يشكل ملخصاً قابلاً للتداول ريثما تبت الرئاسة في كيفية التعامل مع باقي عناصر التقرير من النواحي الحقوقية والقضائية والأمنية والعسكرية والسياسية، وفقاً لما هو شائع في آليات وإجراءات التعاطي مع تقارير لجان التحقيق الوطنية والدولية.
وأضاف “الفرحان” أن اللجنة اعتمدت في أداء مهامها على الرصد العام والتقصي والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات المرتكبة ضمن إطار ولايتها مكانيا في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، وزمانياً للنظر في أحداث مطلع آذار وما يليها، وموضوعياً للبحث في الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الأحداث، وللتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، والاعتداءات على المؤسسات الحكومية ورجال الأمن والجيش، وتحديد المسؤولين عن كل منها، وإحالة من يثبت تورطهم إلى القضاء.
وتابع أن اللجنة زارت 33 موقعاً، وعاينت أماكن الوقائع، وكشفت على المقابر وأماكن الدفن المتعددة، ووصفت مشاهداتها بحضور المخاتير ورجال الدين وعدد من ممثلي العائلات، وعلى أرض الواقع عقدت اللجنة لقاءات عدة مع عشرات الشخصيات في كل من البلدات، واستمعت في جلسات منفصلة إلى الشهود من أفراد العائلات، ودونت عنهم 938 إفادة، منها 452 متعلقة بحوادث قتل و486 متعلقة بالسلب المسلح أو السرقة أو حرق البيوت والمحال التجارية أو التعذيب.
“الفرحان” قال أيضاً أن اللجنة أشركت في عملها بتدوين الإفادات سبع مساعدات قانونيات مختصات ينتمون إلى الشريحة المتضررة من الطائفة العلوية، إضافة لثلاث سيدات من عائلات الضحايا شاركن اللجنة جلسات الاستماع في الرصافة، واستمعت اللجنة كذلك إلى 23 إحاطة وإفادة من مسؤولين في الجهات الرسمية واستجوبت المشتبه بهم الموقوفين، واتخذت الإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى القضاء.
ولفت “الفرحان” إلى أن اللجنة تكتّمت على أسماء المتهمين المحتملين في الانتهاكات بناءً على المعايير الدولية وبعد مشاورات مع منظمات حقوقية دولية، وسلّمت اللوائح لرئاسة الجمهورية وللنائب العام، مؤكداً جدّية الدولة في إجراءات المحاسبة وفق حديثه، وقد لبّت الجهات الحكومية طلبات اللجنة للتعرف على هوية الأشخاص المشتبه في تورطهم، كما أن رئيس الجمهورية أكّد في أكثر من مناسبة أن لا أحد فوق القانون.
المتحدث باسم اللجنة أوضح أن في 6 آذار الماضي نفذ الفلول سلسلة عمليات عدائية واسعة، استهدفوا فيها بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مقرات الجيش والأمن العام، والحواجز والدوريات التابعة لها، وقطعوا الطرقات الرئيسية، وقتلوا حسبما توصلت له اللجنة 238 شاباً من عناصر الأمن والجيش في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، بعضهم قتلوا بعد أن ألقوا سلاحهم نتيجة لمفاوضات جرت بوساطة الوجهاء، وبعضهم قتلوا وهم جرحى يتلقون العلاج، وبعضهم قتلوا وهم أسرى، ودفن الفلول بعضهم في مقبرة جماعية، واستهدفوا الطرق العامة والمستشفيات، وأخرجوا 6 منها عن الخدمة، وقتلوا عدداً من المدنيين السنّة وفقاً لمعلومات تبلغتها اللجنة ولم تتمكن من تدوين بياناتهم وفقاً لمعاييرها .
وبحسب “الفرحان” فإنه من خلال إفادات الشهود من عائلات الضحايا وأهالي المنطقة والموظفين الحكوميين ومحاضر استجواب الموقوفين وبفحص الأدلة الرقمية وقرائن وأدلة أخرى، توصلت اللجنة إلى أسماء 265 من المتهمين المحتملين المنضمين إلى مجموعات المسلحين المتمردين الخارجين عن القانون المرتبطين بنظام الأسد والشائع تسميتهم بـ “الفلول” وممن توفرت لدى اللجنة أسباب معقولة للاشتباه بتورطهم في جرائم وانتهاكات جسيمة، وخلال ذلك وبعده سيطر الفلول بشكل كامل أو جزئي على المدن والبلدات والقرى والطرقات وأطبقوا الحصار على باقي المقرات الحكومية، بهدف فصل الساحل عن سوريا، وإقامة دولة علوية بتخطيط وتمويل وإعداد وتنفيذ من قبل مجموعات مدربة مترابطة ضمن هيكلية شاقولية وأفقية وفقاً لتحقيقات اللجنة.
وأشار “الفرحان” إلى أن اللجنة تحققت من أسماء 1426 قتيلاً، منهم 90 امرأة والبقية معظمهم مدنيون، وبعضهم عسكريون سابقون أجروا تسويات مع السلطات المختصة، وبالرغم من عدم استبعاد وجود عدد من عناصر الفلول بين القتلى، ترجح اللجنة أن معظم حوادث القتل وقعت خارج أو بعد انتهاء المعارك العسكرية.
ولفت المتحدث إلى أن الاعتداءات الطائفية كانت ذات طبيعة ثأرية، وقد تمّ سؤال الضحايا إن كانوا علويين أم لا، مبيناً أن الأفراد والمجموعات المشتبه بارتكابها انتهاكات في الساحل خالفت الأوامر الحكومية، وأن الدولة بذلت جهوداً حثيثة للحد من الانتهاكات وأحالت أفراداً من الذين شاركوا بارتكابها للعدالة، وأضاف أن الانتهاكات لم تشمل “العلويين” فقط بل تعرّضت عائلات سنية أيضاً لتجاوزات، موضحاً أن 1426 من الضحايا في أحداث الساحل من أبناء الطائفة العلوية.
رئيس اللجنة “جمعة العنزي” قال بدوره أن اللجنة أنهت مهمتها وجاء دور الجهات المختصة، مؤكداً قيام اللجنة بإحالة كل المشتبه بهم بأحداث الساحل إلى النيابة العامة.
وأضاف “العنزي” أن قائمة المشتبه بهم ضمت أشخاصاً من كل الأطراف سواءً كانوا مدنيين أو عسكريين، وأشار إلى أن اللجنة أصدرت قائمة توصيات تشمل إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، وإعادة النظر بقرارات تسريح الموظفين، وإيلاء مشاريع الحوار والسلم الأهلي الأولوية، المضي قدماً بشكل عاجل في تدابير العدالة الانتقالية وملاحقة المتورطين الفارين من العدالة من قيادات نظام الأسد السابق، ومواءمة القوانين الوطنية والنظام القضائي الموروث من العهد البائد مع الاتفاقيات الدولية المصدّق عليها، عملاً بنص الإعلان الدستوري، والتوقيع على اتفاقية منع الاختفاء القسري.
أما “الفرحان” فقال « تتواتر في إفادات الشهود أقوال حول السلوك المتباين للمجموعات وللأفراد ضمن المجموعة الواحدة، ففيما ارتكب بعضهم فظاعات مروعة، تعامل بعضهم باحترام، الأمر الذي يدعو مع أسباب أخرى معقولة اللجنة للاعتقاد بأن الانتهاكات رغم أنها واسعة لم تكن منظمة، وركزت اللجنة في تحقيقاتها على تقصي هوية الفاعلين وخلفيتهم بوسائل متعددة منها سؤال العائلات والاستماع لمئات الشهادات من ذوي الضحايا، وباستجابة وزارة الدفاع إلى طلب اللجنة في التعرف على الأشخاص في الصور والفيديوهات المحددة من قبلها، توصلت إلى معرفة 298 شخصاً بأسمائهم الصريحة من المشتبه بتورطهم في انتهاكات وهذا الرقم يبقى أولياً».
وقال “الفرحان” أن أحد القادة العسكريين تلقّى أمراً مباشراً من وزير الدفاع بالانسحاب من معركة مع “الفلول” بهدف حماية المدنيين، وسحب الذريعة من الفلول.
وأضاف أنه من خلال فحص الأدلة الرقمية وبمساعدة مميزة من وزارة الدفاع، توصلت اللجنة إلى تحديد أفراد ومجموعات يرتبطون ببعض المجاميع والفصائل العسكرية من مجمل القوات المشاركة، وترجح اللجنة بأن هؤلاء الأفراد والمجموعات خالفوا الأوامر العسكرية ويشتبه بارتكابهم انتهاكات بحق المدنيين.
ورداً على سؤال حول خطف النساء في الساحل، قال “العنزي” أن اللجنة استمتع لمئات الشهادات والإفادات، بما فيهم ذوي الضحايا، لكن اللجنة لم تتلقَّ أي بيان عن أي حالة خطف لأي فتاة سورية.