لأني بنت.. أوتستراد المزة كان أولى عقباتي
أنا اليوم "بنت وقدرت تحقق كل يلي بدها ياه بأقل الخسائر"
كانت عبارة “لأنك بنت” سبباً بتحويل الغصة لاندهاش، أثناء زفاف صديقة الطفولة، عندما استحلفتني إحدى السيدات قائلةً: (إيدي عراسك أنت مو عم تبكي لأنك لساتك بنت وما اجا نصيبك).
سناك سوري _ في منتصف الثلاثين
منذ أن أتممت الثلاثين كان السؤال الأول (ليش ما اتجوزتي لهلق؟)، والآن أتتمت الرابعة والثلاثين وما يميز هذه المرحلة امتناعهم عن طرحه. (ملوا ملوا)
لم يكن هذا الموقف الأخير الذي صادفته أخف مما سبقه، (فلأني بنت) بعيداً عن لزوم الارتباط، اعترضتني جملة من المواقف التي قيدت لساني قبل تفكيري.
أولها والأكثرها حضوراً في ذاكرتي كان في أيلول عام 2007، بزيارتي الأولى لجامعتي على اوتستراد المزة في “دمشق”، كفتاة خارجة من منطقة صغيرة إلى العاصمة. (ولأني بنت) حسب ما نصحوني به كان واجبي هو الحذر الشديد.
اقرأ أيضاً:قبل العقد الثالث.. شابات يعشنَ رحلة مع أوجاع المفاصل
لم يكن حذري بمكانه للأسف، وكان تقييدي الحرفي بكلمة (انتبهي)، كفيلاً أن أبقى مدة 3 ساعات على الاوتستراد. أفكر كيف سأقطعه بهذا الكم الهائل من السيارات عليه. لأدخل لكلية الآداب.
وكان الخوف صديقي المدلل، ولم أجرؤ على سؤال أحدهم عن حلٍ مباشر (بلكي دلوني عطريق غلط وانخطفت). إلى أن رأيت الناس يخرجون من تحت الأرض، ليدفعني فضولي لسؤال ٱحدى الفتيات (ماهذا المكان).
اقرأ أيضاً:طالبات في المدينة الجامعية تشاركنّ تكاليف إصلاح وتنظيف الحمامات
نعم هو “نفق الآداب” المشهور ويسلكونه للوصول للجهة الثانية، ولطالما عجز دماغي أن أتجاوز فكرة (لأني بنت، ومالازم اسأل أي شخص غريب عن طريق).
وهنا بدأتُ أدرك الفرق بين الغوص بغباء الإصغاء، وبين الحذر بمعناه الفعلي. إلا أن اليوم ذاته وبعد انتهائي من التسجيل اقترفت فعلاً أحمقاً. عندما نزلت من السرفيس مع أول دفعة ركاب على أبواب منطقة “جرمانا” خوفاً من أن يخطفني السائق لو بقيت وحدي. ما أجبرني على السير ما يقارب النصف ساعة لأصل المنزل.
حماقات عدة اقترفتها خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من عام 2007، لأقرر البدء بالعام الجديد بعقلية جديدة وأبحث عن حلول تنجيني من رعب العاصمة. بشكل متوازنٍ أحفظ به شخصيتي وأبتعد عن شبح (لأني بنت).
اقرأ أيضاً:داليا الأسمر: مضيفة الطيران ليست فتاة بابتسامة خلابة وكعب عالي
كانت التغييرات التي تطرأ على أفكاري وسلوكي تروق لي، حينها كنت أجدها تميزاً عن صديقاتي ممن يخشين التغيير.
وتمكنت بزمنٍ قياسي تخلله صراعات متفاوتة القوة أن أقنع كل من حولي وصولاً لعائلتي بفكرة (حتى لو أني بنت، هالشي ما لازم يلغي إني بدي ساوي يلي بحبو وشايفة فيه مصلحتي).
معارك التدخين، العلاقات الغرامية، أصدقائي الشباب، كلها لم تكن ورغم بساطتها أمر مطروق بمحيطي الاجتماعي، وليس المقصود بهذا التباهي بالقوة أو التمييز، إلا أنه نوع من إرضاء الذات. أنني تجاوزت ما يراه البعض عقبة ومعضلة.
و رغم يقيني أنهم أصابوا بتحذيراتهم ببعض الحالات، إلا أنني أجد نفسي (بنت وقدرت تحقق كل يلي بدها ياه بأقل الخسائر).