
“رفيق، بيت خالتك، الشوئسمو” مفردات خرجت تقريباً من التداول اليومي في المجتمع السوري عام 2025 وحل مكانها مفردات ومصطلحات سوريا الجديدة “الشيخ، فلول، تزحلق بقشرة موز”.
سناك سوري- رحاب تامر
مع سقوط نظام بشار الأسد، بدأ السوريون يحدثون قاموسهم الشعبي، فاسبتعدت كلمات من قاموس التداول اليومي وحضرت كلمات ومصطلحات جديدة لم تكن حاضرة من قبل، فما هي أبرز المصطلحات والمفردات التي خرجت من التداول وبماذا استبدلت في عام 2025؟.
لم نفتقد كثيراً لمفردة المؤامرة فما تزال تذكر بين الحين والآخر لكن في سياق مختلف عما كانت تستخدم به في روايات نظام الأسد. إلا أننا افتقدنا لعبارة النظام العالمي الجديد
مفردات انقرضت
قبل أن يدخل السوريون عصر السؤال المباشر “أنت شو؟”، كانوا يعيشون في عصر الشيفرات اللفظية والبقدونس السياسي، لم يكن أحد يقول “دولار” بصوته الكامل، بل يتمتم بكلمات مثل “النعنع” و”الشوئسمو”، وكأن الاقتصاد مجرد وصفة تبولة أمنية، أما إذا قرر أن يفتح قلبه أكثر، فعليه أن يتفحص الحيطان أولاً، فـ”لها آذان”، وقد تملك قدرة خارقة على التبليغ.
وإذا قال أحدهم: “راح على بيت خالته”، فهذا لم يكن خبراً عائلياً عابراً، بل إعلاناً رسمياً عن زيارة مجانية إلى أحد الفروع الأمنية، غالبا دون عودة محددة، ومن كان “خطه حلو”، لم يكن موهوبا في التخطيط بقدر ما كان بارعاً في كتابة تقارير أفقية عن الجيران وزملاء العمل والمارة العشوائيين.
وبالطبع، لا يمكن نسيان “الشباب الطيبة”، لقب كان يطلق على القادمين فجراً وفي أي وقت، لا ليحضنوا المواطن، بل ليأخذوه في رحلة استكشافية إلى المجهول، تبدأ بعبارة “الدبان الأزرق مارح يعرفلك طريق”.
ولا يمكن أن ننسى الصفة الأكثر تداولاً على مدى قرابة 60 عاماً “رفيق”، فالرفاق اختفوا في يوم وليلة ولم نعد نسمع ذكرهم.
كما غاب عن المشهد مصطلحات تدل على أحداث مثل “اجتماع حزبي” أو تسميات كالجبهة الوطنية التقدمية.
لكننا لم نفتقد كثيراً لمفردة المؤامرة فما تزال تذكر بين الحين والآخر لكن في سياق مختلف عما كانت تستخدم به في روايات نظام الأسد. إلا أننا افتقدنا لعبارة النظام العالمي الجديد وحتى جماعة هذا النظام العالمي الجديد ماعدنا سمعنا حسهم.
كل هذه المفردات رحلت برحيل الجهة التي كانت تملك الحق الحصري في استعمالها.. وبدأ العهد الجديد على وقع مفردات لم تطل كثيراً في الظهور..

مفردات ومصطلحات سوريا الجديدة 2025
أكثر الكلمات تداولاً في عام 2025 هي “الشيخ” وهي ليست دلالة عن رجل دين في الجامعة، وإنما شخص موجود في كل مؤسسة حكومية تذهب إليها، ليست مهمته إدارة المصلى وإنما إدارة المؤسسة دون أن يديرها. وكلما صعبت على موظف مشكلة يقول لك شوف الشيخ.
“لبّت لبّت”، على سبيل المثال، ليست صرخة قبلية، بل تقنية تعبئة ذاتية تستخدم في حالات الطوارئ العائلية، الفزعات الفصائلية، أو عندما يكتب أحدهم رأياً غير وطني على فيسبوك، النداء مباشر، والردّ أسرع، والدم أحياناً خيار لغوي لا يمكن تجنبه.
وإذا قتل شخص غير مصنّف في خانة “معنا”، فلا حاجة لتحقيق أو حتى سؤال يخرج عليك الناشطون الحقوقيون وعرابهم ويقول لك “تزحلق بئشرة موزة”، وينتهي الأمر.
أما الجملة الأشهر على الإطلاق، فهي “أنت شو؟”، اختبار دم سريع يستخدم قبل الحب، الصداقة، المناقشة، وحتى تقديم الإسعافات الأولية. وبالمناسة عزيزي القارئ “انت شو؟”.
“أيتام الأسد”، فهم تيار متجدد، لا يشترط أن يكونوا قد أحبوا الأسد سابقاً، بل يكفي أن يقولوا جملة من نوع “ما بصير نقتل بعض” ليُصنفوا تلقائياً في خانة اليتامى الذين لم يتربّوا عند الخطاب الوطني الجديد.
وفي حال عبّرت عن رأي، فكن مستعداً لاستلام تهمة “فلول”، وهي جريمة فكرية يدان بها كل من يلوم رئيس البلدية على إهمال تزفيت الشارع، أو ينتقد “هداك الوزير” لأن بيحب “الشو”.
ومنوصل للتكويع، وليس المقصود به “لف على الكوع”، إنما من كان أمس يصفق ومازال يصفق، وهي تهمة جاهزة لكل من تسول له نفسه انتقاد “رئيس البلدية” إياه.
أما “أيتام الأسد”، فهم تيار متجدد، لا يشترط أن يكونوا قد أحبوا الأسد سابقاً، بل يكفي أن يقولوا جملة من نوع “ما بصير نقتل بعض” ليُصنفوا تلقائياً في خانة اليتامى الذين لم يتربّوا عند الخطاب الوطني الجديد.
ورغم كل هذا التحديث اللغوي الجبار، هناك مفردات ما زالت متمسكة فينا بإصرار، كلمات تجاوزت الزمن والأنظمة دون أن تهتز شعرة من مكانها.
على سبيل المثال “العشيقة” أو “الصاحبة”، مايزال اسمها “أبو أحمد السباك” أو “أبو فتحي الكهربجي”، حرصاً على مشاعر الزوجة، التي يجب ألّا تعرف أن زوجها “عشقان عليها”، بل تظن أنه فقط شديد الولاء لأعمال الصيانة الطارئة.
ولا ننسى المثال الأبلغ، كل بلدان العالم عندها اسم واحد، يقال في العلن دون ارتجاف، أما نحن، فلدينا اسمان، واحد رسمي يستعمل في الأخبار العاجلة، وآخر نستخدمه عند الحاجة “هونولولو”، وكل عام وأنتم بخير من قلب “الهونولولو”.







