كورونا والسوريون في أوروبا.. النحس ملازمنا!
يوميات طالبة سورية في أوروبا مع فيروس كورونا – سناء علي
سناك سوري – سناء علي
«من سوريا» … تعيد المسؤولة عني في العمل، جوابي على استفسارها عن بلدي، بصوت خائف، مبتعدة عني خطوتين على سبيل المزاح، في اليوم الأول بعد إعلان حالة الطوارئ هنا في “هنغاريا”، بما يوحي بشعورها بالخطر باعتباري قد أكون ناقلاً لفيروس”الكورونا”، قبل أن تنفرج أساريرها، عندما علمت أنني لم أغادر المدينة منذ أكثر من شهرين.
«لا كورونا في سوريا حتى الآن، بينما وصل الفيروس إلى هنغاريا»، أرد عليها بلغتها، ونضحك سوياً، بينما أدعو في سري أن يكون ما قلته صحيحاً، وأن عدم تسجيل إصابة حتى الآن، بحسب تقارير وزارة الصحة، قد يكون بارقة أمل أن “سوريا” ستنجو من محنة العصر التي وصفها رئيس الوزراء البريطاني “جونسون” بأنها أسوأ كارثة صحية في هذا الجيل، بما قد يشبه المعجزة الحقيقية.
إغلاق للحدود بين الدول المتجاورة، إلغاء كافة النشاطات العامة، إيقاف نظم التعليم التقليدية، والتحول إلى التعليم عن بعد .. وغيرها الكثير الكثير من الإجراءات التي قد تصل إلى حد إنزال الجيوش وقوى الأمن إلى المدن التي سجلت إصابات لديها، لفرض إجراءات حظر التجوال على الناس، وفق ما تذكر وسائل الإعلام في تلك البلدان، ومنها “هنغاريا” التي يتواجد فيها عدد من الطلاب السوريين الذين يكملون دراستهم في جامعاتها وبينهم أنا، حيث طبقت علينا كما غيرنا إجراءات حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة منذ الأسبوع الماضي، ومنها إيقاف الدراسة والحض على عدم السفر للخارج لأكثر من شهر تحت طائلة خسارة الراتب المخصص من قبل المنحة الهنغارية.
كطلاب سوريين نعايش هذا الواقع، التزمنا بتعليمات الحكومة هنا، ونحاول ممارسة الرياضة في الحدائق القريبة، في استغلال للعطلة القسرية، بعد إيقاف جميع الأنشطة الأخرى، إضافة إلى رحلة البحث عن أنواع “الديتول” و المعقمات والكمامات التي اختفت فجأة من المولات والمحلات، والتفنن بطبخ بعض المأكولات السورية، إضافة إلى الدراسة عن بعد..
الطلاب السوريون هنا تميزوا عن غيرهم بحس السخرية، «النحس ملازمنا وين ما رحنا» يعلق أحدهم، «كنا عايشين بأجواء الحرب والحصار، جئنا إلى هنا، فجاء حصار من نوع ثاني ..وسكرت أوروبا»، بينما يخفف آخر من حدة الخوف بعد كل الأزمات التي أصابت الشعب السوري في السنوات الأخيرة.
«يعني معقول نفدنا من الحرب وما متنا، ونموت هون »، تعلّق طالبة أخرى، بينما تقول زميلتها: «انشالله يكون السفر مسموح مع نهاية الفصل لكي أعود إلى سوريا»، في حين يسود الضحك عندما تسخر ثالثة قائلة: «عأساس كنا عم نروح كل يوم على بلد، مو كتير فرق». في إشارة منها للوضع المادي لمعظم الطلاب السوريين.
اقرأ أيضاً: ترامب يرجو تعاون الحكومة السورية .. وحظر تجول بسبب كورونا
الأخبار القادمة من “سوريا” تحظى باهتمام معظم الطلاب أيضا خاصة مع تعرضهم لأسئلة كثيرة حول صحة عدم انتشار المرض حتى الآن في البلد، لتختلف الإجابات بين شخص وآخر، مع الأمل والتضرع بأن تتجنب البلاد هذه الكأس المرة بعد كل ما تجرعته من كؤوس الموت، بينما أفكر هل لا تزال المعارك مشتعلة هناك، هل يمكن أن تتوقف قليلاً بسبب الكورونا، هل يمكن لتلك الدول التي تلعب بمصيرنا أن تلهو عنا قليلاً بالفيروس الذي يجتاح العالم وتحاول أن تسخر إمكانياتها لإيجاد علاج له، بدلاً من أن تسخرها لتزيد من آلامنا، دون أن أجرؤ على التأمل بأن تبادر الدول الغربية إلى إلغاء العقوبات المفروضة على الشعب السوري، فالعالم لا تحكمه قوانين الإنسانية، و”كوفيد 19″ خير دليل على ذلك.
هل تكون الحرب هذه المرة سبباً للحياة؟، حيث انعدمت السياحة وقلت بشكل كبير أعداد المسافرين من غير السوريين، إنها مفارقة عجيبة، أفكر في سري.
* ملاحظة كتبت هذه المادة قبل اكتشاف أو حالة إصابة في سوريا.
اقرأ أيضاً : طبيب سوري يقدم خلاصة تجربته في التعامل مع مصابين بوباء كورونا في ألمانيا