كورونا…لماذا تدهورت إيطاليا التي تمتلك آلاف غرف العناية؟
إجراءات هامة وضرورية يجب اتخاذها… رؤية من إيطاليا “أنس عنجريني”
سناك سوري – أنس عنجريني
ماهو الوضع الراهن في إيطاليا؟
شهدت إيطاليا يوم أمس السبت 21 آذار فقط تسجيل 6557 إصابة جديدة، و 793 حالة وفاة، وهذا يعكس حجم المأساة والمعاناة التي لم تعرف إيطاليا مثيلاً لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
نظام الرعاية الصحية في إيطاليا يتدهور على الرغم من قوته فقد كان يخدّم أكتر من 60 مليون شخص بالماضي، لكن نتيجة الضغط الهائل بأعداد الإصابات بذات الوقت .. أصبح هناك طوابير طويلة على غرف العناية المشددة (يعني تخيّلوا مريض بحاجة عناية مشددة عم ينتظر دوره لعدة أيام .. علماً أنو ايطاليا بتملك قرابة 5 آلاف سرير للعناية المركزة)
لمشاهدة فيديو من داخل المشافي في الشمال الايطالي اضغطوا هنا
إيطاليا كلها الآن تحت الحجر الصحي (يعني ممنوع الطلعة من البيت إلا بشروط استثنائية)، معاينة الطبيب عن طريق التلفون، الضرر الاقتصادي كبير والخسارات هائلة، وأكيد القلق والذعر منتشر بين الناس إلا أنو التفاؤل والأمل موجود كمان عبر مظاهر حياتية عديدة كتحديد ساعة محددة لتطلع الناس على البلاكين وتغني النشيد الوطني وبعض الأغاني الوطنية.
حتى تاريخ كتابة هالمعلومات، عدد الإصابات المسجلة في إيطاليا تجاوز 42 ألف شخص، وعدد الوفيات تجاوز 4800 شخص، وعدد حالات الشفاء تجاوز 6 آلاف حالة. المصدر: وزارة الصحة الإيطالية.
ليش وصلت إيطاليا لهالحالة المأساوية؟
– عدم أخذ الفيروس على محمل الجد من قبل الناس
على الرغم من حملات التوعية الكبيرة اللي قامت فيها وزارة الصحة الا أنو الناس ما كانوا ملتزمين بشكل كافي واستمروا بأنشطتن الاعتيادية ولا كأنو في شي .. وهاد كان سبب رئيسي لتضاعف الأرقام لاحقاً بعشرات المرات
التأخر في إتخاذ إجراءات الوقاية
أول إصابة تسجلت في ايطاليا كانت في آخر شهر كانون الثاني من عام ٢٠٢٠ لسائح صيني وتم علاجه ورجع لحالته الصحية بعد شهر .. وبوقتها اكتفت الحكومة بقيود على السفر من وإلى الصين وحملات التوعية عن المرض وبعض القرارات الخجولة .. أما الإجراءات الصارمة، فصدرت في 10 آذار بعد ما دق ناقوس الخطر والغرق في معظم المشافي (التأخر كان حوالي 40 يوم)
ارتفاع نسبة كبار السن في إيطاليا
تقريباً ربع السكان أعمارهم أكتر من 65 سنة، وأغلبن عندن سجلات طبية سابقة وأمراض مزمنة مما جعلن عرضة للإصابة الأكتر خطورة والوفاة.
شو هي التوصيات اللازمة لمواجهة حرب الكورونا؟
الحجر الذاتي واجب
خليك بالبيت والتزم بإجراءات النظافة والوقاية .. إن كان معك كريب أو لأ .. لأنو أخطر مافي الفيروس هو قابلية وسرعة الإنتشار بالخفاء بطريقة مرعبة ..وخاصة أنو الأعراض ممكن ما تظهر الا بعد مرور 14 يوم وممكن تصل حتى 24 يوم .. لذلك الانعزال رح يحميك ويحمي أحبابك وبلدك
(بسبب التزام الصينيين بالحجر الذاتي، أعلنت السلطات الصينية اليوم السبت عن عدم تسجيل أي إصابة محلية جديدة بفيروس كورونا المستجد، وذلك لليوم الثالث على التوالي .. علماً أنو الصين سجلت 81 ألف اصابة)
توفير المعلومة الصحيحة
المسار الإجرائي في إيطاليا
من الضروري وفي ظل الذعر والتخبط بالمعلومات والنصائح العشوائية، يكون في مصدر رسمي رقمي جبار يوفر كل ما تحتاجه الناس من معلومات ذات الصلة .. ومن أكتر الأمثلة فائدة كندا، بحيث أنشأت الحكومة الكندية منصة رقمية ذكية (وقت اللي بقول ذكية بقصد انو في مجيب آلي بيدردش معك وبتدردش معه .. وبيوفرك كل ما تريد بثواني .. يعني مالك مضطر تبحبش وتضيع) .. وهالمنصة بتوفر كل المعلومات المتعلقة بمواجهة كورونا (الأرقام، اجراءات الوقاية، الخطة الحكومية بالتفصيل الممل من الاستراتيجية حتى الميزانية، مواد للتوعية للطباعة والسوشال ميديا، مستندات وملفات ذات صلة، الخ)
رابط المنصة ورح تلاقوا على اليمين من تحت المساعد الافتراضي. اضغطوا هنا
تصميم مسار إجرائي موّحد
يعني ما يكون الإنسان اللي بيحمل أعراض الفيروس في حيرة من أمره وين يروح بحاله مثلاً عالصيدلية ولا مشفى ولا دكتور أو ياخد دوا على كيفه أو يتصل بالاسعاف … وخاصة انو نحن تربينا على ثقافة طبية غريبة نوعاً ما .. يعني اذا منمرض منشرب سيتامول .. زاد المرض مننزل عالصيدلية .. ما بقى نتحمل وفرطنا منروح عالدكتور .. عم نموت منتصل بالاسعاف!!
من الضروري يكون في خطوات واضحة موحدة ومدروسة تمشي عليها وتفهمها كل الناس .. على سبيل المثال وزارة الصحة الايطالية عملت مسار واضح للي بتظهر عليه الأعراض وهي بالصورة المرفقة .. بالمختصر
1- ممنوع الذهاب إلى المشفى أو الطبيب
2- البقاء في المنزل وعزل ذاتي
3- الاتصال بطبيب العائلة للتوجيه
4- تنفيذ توصيات الطبيب
5- في الحالات الخطيرة الاتصال على رقم معين … وفي حالات الاستفسار عن معلومات معينة الاتصال برقم مختلف آخر (مشان ما يشغلوا تلفون الطوارئ بأحاديث أقل قيمة)
طبعاً الخطوات بتختلف من بلد لآخر بس ضروري جداً يكون في مسار واضح .. ويتوضح عن طريق فيديوهات ورسوم توضيحية بيفهمها الصغير والكبير على السوشال ميديا .. كونها الناس أونلاين وببيوتها!
اقرأ أيضاً: كورونا.. الجيش يرفع جاهزية المشافي والحكومة تعلق عمل الوزارات والأنشطة
حرب الكورونا تحتاج خطة شاملة وليس إجراء تعسفي
لازم الحكومة يكون عندها خطة شاملة علنية مرنة لمواجهة تأثيرات الوباء على جميع جوانب الحياة للمواطن وتطمينه وأهمها الاقتصادية وليس أن تقتصر فقط على الحجر الصحي وتعطيل الحياة اليومية .. مثلاً رئيس وزراء كندا عرض خطته المؤلفة من 27 مليار دولار لكل الناس من خلال فيديو وكان عم يحكي باللغتين الانكليزية والفرنسية .. والمفاجئ بالخطة أنها استراتيجية وتطرقت لتفاصيل ما بتخطر على بال الكنديين أنفسن، متل:
دعم مالي عام للأفراد في كندا، وقف سداد القروض، دعم العقارات، تزويد الشركات بدعم أجور الموظفين لعدم التسريح، تأخير دفع الضرائب، دعم الكنديين خارج كندا عن طريق قروض مالية، رصد 275 مليون دولار للاستثمار في الأبحاث، المساهمة في الاستجابة الدولية ودعم منظمة الصحة بمليونين دولار، والقائمة تطول (طبعاً المشافي والاجراءات الصحية هي أمرها مفروغ منه .. ما بدها تطبيل وتزمير)
الجميع في خندق واحد:
إضافة للدور الرئيسي اللي بتلعبه الحكومات في مواجهة كورونا، فالمعركة بحاجة لمساهمة جميع مكونات المجتمع .. الأفراد عن طريق الالتزام بالاجراءات الحكومية والوقاية الصحية .. الإعلام عن طريق رصد الواقع ومراقبة الجهود وليس التصفيق وتصوير المواكب الرسمية .. القطاع الخاص عن طريق استثمار الأزمة لدعم المجتمع وليس العكس .. مادياً ومالياً ومعنوياً .. المجتمع المدني عن طريق مبادرات التضامن الاجتماعي كجمع التبرعات لدعم المستشفيات أو تقديم يد العون للمسنين الأكثر عرضة للخطر .. المؤثرين وقادة الرأي العام عن طريق رفع الوعي العام ويكونوا قدوة بالالتزام بالاجراءات ويشجعوا عليها عبر وسائل التواصل الخاصة فين!
ايجابيات كورونا من وجهة نظر ريادي
من الواضح أن هذا ليس وضعاً رابحاً لأي بلد وهو يهدد العالم بأكمله الذي أضعفته التوترات التجارية والسياسية. فقد ينخفض النمو الاقتصادي العالمي إلى النصف في حال استمرار انتشار الفيروس. ولكن في سورية قد يكون لهذا الوباء –الذي نتمنى أن يصبح من الماضي بأسرع وقت ممكن- بعض الآثار الجانبية الايجابية من خلال تعقيم ونكش وتحفيز بعض الأدمغة المسؤولة في القطاعات كافة من أجل إعادة النظر والتفكير بأنظمتنا التعليمية والرعاية الصحية والمهنية والرقمية، فقد حان الوقت لقتل الإجراءات والأعباء البيروقراطية التي لا داع لها وإعادة التفكير في طريقة إنجاز العمل في جميع المجالات وتبني تقنيات التكنولوجيا، كالتعليم عن بعد، والعمل عن بعد، وتقديم الخدمات عن بعد، وإلا سنبقى متأخرين وعالقين في العصر الحجري.
ما يجعل الطريق اليوم ممهدة أكثر من أي وقت آخر أمام أصحاب الأفكار ورياديي الأعمال والشركات الناشئة لاثبات أنفسهم وجدوى أعمالهم في مجالات عديدة كمنصات التعليم، الخدمات الصحية، التوصيل، والحلول المالية.
يمكن أن نستفيد
في الوقت الراهن يمكننا الاطلاع على تجارب الآخرين لكي نتمكن من وضع الخطة المناسبة الخاصة بنا، وأخذ كل الاحتياطات على الصعيد العام والفردي.
* أنس عنجريني ريادي سوري وناشط مدني من مدينة حلب يقيم في إيطاليا.
اقرأ أيضاً: سوريا فريق طبي تطوعي ينشط للتوعية علمياً حول كورونا