كسر أيمي الموبايل في سوريا.. أقل من الجمركة مقابل عقوبات تصل للسجن
أسعار كاوية لجمركة الموبايلات تدفع الشباب للتحايل عليها!
لجأ كثير من السوريين مؤخراً إلى عملية كسر إيمي الموبايل في سوريا رغم أنها غير قانونية. للتنصل من أجور جمركة الموبايل التي تعادل ثمنه أو أكثر ببعض الحالات. رغم أن الموبايل بات حاجة ملحة وليس ترفاً أو من الكماليات.
سناك سوري _ حلا منصور
حصلت “مانيا” 38 عاماً (اسم مستعار)، على هدية من صديقتها المغتربة عبارة عن موبايل من نوع سامسونج a32، شهر كانون الثاني الفائت بسعر مليون و700 ألف ليرة سورية. وحين أرادت أن تجمركه ليعمل على الشبكة السورية، تفاجأت أن أجور الجمركة تبلغ مليون و150 ألف ليرة تقريباً. وهو مبلغ لا تحلم أن تحصل عليه من راتبها الذي لا يزيد عن 100 ألف ليرة.
طلبت الشابة من أحد معارفها أن يسأل عن موضوع كسر الإيمي، لتستدل على أحد الذين يمارسون هذه الطريقة. وترسل موبايلها الذي بات يعمل على الشبكة السورية دون أي مشاكل وبأجر لم يزد حينها عن 50 ألف ليرة سورية. تضيف لـ”سناك سوري”: «ليس من المعقول أن أدفع مليون و150 أجور جمركة. بينما أستطيع أن أجعله يعمل بـ50 ألف ليرة، وأنا أساسا دفعت تلك الـ50 ألف بعد أن استدنتها من شقيقي».
أجور جمركة عالية
يؤكد ”ناصر“ وهو شاب من مدينة حلب، يعمل في إحدى المنظمات الإنسانيّة في سوريا، أنَّ من حقّه مواكبة التطور و اقتناء موبايل بمواصفات عالية، من حيث الكاميرات والأنظمة التي تسمح له بتشغيل تطبيقات وألعاب معينة، وتربطه بخدماتٍ تعليمية عبر تطبيقات معينة لا تعمل إلّا بمواصفات محددة للموبايل. ولكن في الوقت نفسه، يرفض أن يدفعَ ما يقارب التسعة ملايين ليرة سورية، لقاء جمركة هاتف ”iphone 13 pro“على الشبكة السورية. فيما يبلغ ثمن الهاتف ما يقارب الـ 11مليون ليرة. مفضّلاً استخدام موبايل Asus قديم ومجمرك لديه، لإجراء اتصالاته من خلاله.
يرى الشاب الذي يتقاضى راتب يصل لمليوني ليرة شهرياً، أنه ليس من المنطقي أن يدفع ما يقارب ثمن هاتفه الخليوي. ليعمل عبر شبكات الاتصال السورية، والتي تقدّم خدمات لا ترقى لهذه المبالغ. يضيف: «جرّب تطلع برا المدينة باتجاه الريف، ببطل فيك تحكي مكالمة لأنّه ما في تغطية. هل منطقي ندفع ملايين للجمركة على هيك خدمة!».
كسر إيمي الموبايل
رفع أجور الجمركة التي بدأ فرضها منذ عام 2020، قابله رواج كسر إيمي الموبايل في سوريا. حيث يلجأ بعض العاملين في محال الموبايلات وبشكل سري. إلى تغيير imei الجهاز الجديد، واستبداله بـimei آخر لموبايل مُشغّل سابقاً على الشبكة السورية. عبرَ برامج متخصصة انتشرت على مختلف المواقع. تعمل على نسخ imei الجهاز، وهو عبارة عن 15 رقم مخصص لكل موبايل. حيث يتم نسخ هذه الأرقام بواسطة شخص متخصص، من الجهاز المجمرك إلى الجهاز غير المجمرك، لتتعرف عليه الشبكة الخليوية في سوريا.
يمارس أحمد (٢٥ عاماً) من حمص، هذه المهنة مع شركاء له منذ سنة تقريباً (رفض ذكر عدد الشركاء)، وتصل حصّة كل شخص منهم إلى 5 ملايين ليرة سورية شهرياً. والرقم يتغيّر حسب حجم الإقبال على كسر imei الموبايلات الذي ازداد خلال الثلاثة أشهر الأخيرة. فيما تتراوح أسعار الكسر بين 100 ألف إلى مليون ونصف، وذلك حسب تعقيد وحداثة الجهاز، فالأجهزة الحديثة هناك صعوبة في كسر الأيمي الخاص بها. حسب قوله.
ويشرح أحمد لـ”سناك سوري” أنّ السريّة مهمّة جداً في عملهم، حيث يلجؤون لأسماء وهمية بحيث لا تُعرف أسماؤهم الحقيقية من قبل الزبون. إضافة إلى أن الشخص الذي يستلم الموبايل من الزبون، لا يكون نفس الشخص المسؤول عن كسر ”الأيمي“.
وفي حال ضياع الموبايل الذي تمّ كسر ”الأيمي“ الخاص به، بيّن ”أحمد“ أنّه لا يمكن العثور عليه، لأنّ الأيمي المكسور والموضوع على الموبايل. من الممكن أن يتواجد ذاته على عدّة موبايلات غيره، وبالتالي من الصعب جداً تمييزه. إضافة إلى أن تقديم إبلاغ للجهات المختصة بضياع الموبايل سيعرّض صاحبه لافتضاح أمره و المحاسبة.
تتراوح أسعار الكسر بين 100 ألف إلى مليون ونصف، وذلك حسب تعقيد وحداثة الجهاز، فالأجهزة الحديثة هناك صعوبة في كسر الأيمي الخاص بها
مشاكل قانونية
مشاكل أمنية عديدة يتعرّض لها السوريون، جرّاء كسر imei الموبايلات. الحيلة أحدثت فوضى من الاتهامات بجرائم مختلفة طالت بعضَ السوريين. حيث ظهر المذيع في التلفزيون السوري ”عصام محمود“ مؤخراً في فيديو على فيسبوك، يتحدث فيه عن تعرّض سيّدة من أقربائه. للتوقيف في مطار دمشق الدولي بتهمة الإتجار بالمخدرات. ليتبيّن لاحقاً أن imei جهازها المحمول، مسروق ويتم استعماله من قبل تاجر مخدرات.
فيما قالت المحامية ”زينب فارس“ لسناك سوري، أنّ المادة 67 من قانون الاتصالات، نصّت على أنّ كسر أيمي الموبايل يعتبر جرماً يعاقب عليه القانون> بالحبس لمدة تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات، مع غرامة من مليون إلى أربعة ملايين ليرة سورية. ويشمل الجرم كل من قام بكسر الايمي إضافة إلى صاحب الموبايل أيضا.
أثمان باهظة
وأطلقت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد مؤخرا حملة “جهازك مسؤوليتك”. للحد من ظاهرة كسر إيمي الموبايل في سوريا، عوضاً من أن تخفض أجور الجمركة الكاوية.
وقالت الهيئة إنه وبعد ورود كثير من الشكاوى من أشخاص تعرضوا لإشكاليات فنية وتقنية وجنائية. فإنها قامت بوضع إجراءات فنية لضمان سلامة استخدام الأجهزة من قبل أصحابها وحمايتهم من أي عواقب قانونية.
وأكدت أنها سترسل رسائل نصية لأصحاب الأجهزة الخلوية غير النظامية لإعلامهم في حال كان المعرف الخاص بأجهزتهم مسروقاً أو مستخدماً (دون علمهم). وإعطاء فرصة (لمن يعلم منهم) بضرورة معالجة وضع هذه الأجهزة من خلال مراجعتهم لمركز البيع الذي اشتروا الجهاز منه بما يضمن السلامة القانونية والفنية لاستخدام أجهزتهم. ومنحت مهلة شهر واحد وإلا فإن كل مخالف سيتعرض للمسؤوليات القانونية.