كريم… شاب سوري مصاب بالإيدز على الورق والصحة تفتح تحقيقا
تقدّم لمنحة دراسية فوجد نفسه مصاباً بالإيدز.. بانتظار تحقيقات وزارة الصحة
اكتشف الشاب السوري “كريم” أنه مصاب بمرض الإيدز على الورق فقط. وذلك وفق تحاليل أجراها في أحد المخابر ومن بعدها بدأت حكاية الألم واللوعة.
سناك سوري- حلا منصور
لم تشفع التحاليل الموثّقة والمكررة عدة مرات للشاب “كريم” في إزالة اسمه من منظومة الأسماء المصابة بمرض الإيدز. ليبقى مستقبله وحياته وصحة عائلته النفسية والجسدية ضحيّة خطأ لم يتم التراجع عنه حتّى الآن.
« غشّونا ما عاد نعرف شو الصح وشو الغلط» بهذه الكلمات يصف “كريم” الحال الذي وصل إليه هو وعائلته. حيث لم يعلم الشاب صاحب الـ 23 عاماً، وهو طالب طب أسنان سنة خامسة. أنّ التقدّم لمنحة الدراسة في روسيا يمكن أنّ تغيّر مسار حياته ربما للأبد.
وفي التفاصيل، وبعد أربعة أيام من تقدّيم الشاب أوراقه الرسمية التعليمية مع مجموعة من التحاليل الطبيّة، من ضمنها تحليل الإيدز. جاءه اتصال من مركز تحاليل الإيدز بطرطوس يطلب منه إعادة تحليل الدم بشكل ضروري “لأن الأمبولة الخاصة به انكسرت”. وذلك ما حدث. لتأتِ النتيجة بعد أربعة أيام، عبر تحليل “إليزا” التشخيصي، بأنّه مصاب بمرض الإيدز.
يقول “كريم” لـ سناك سوري «صدمت بالنتيجة، أنا بعرف حالي مو ناطر حدا يقلي.. أهلي انهاروا نفسياً ووالدي أصيب بجلطتين دماغيتين».
بررت مديرية صحة طرطوس بأن نتيجة التحليل المذكور، تشخيصية وغير نهائية، فيما سيكون الجواب الفصل لنتيجة التحليل التي ستصدر من مركز التحاليل الرسمي بدمشق.
كيفَ زوّرتْ الحقائق؟
من خلال ممرضة بمركز الأمراض السارية بدمشق، كشفت دون علمها. أنّ ما حصل يحمل إشارات استفهام كبيرة. فقد حصل “كريم” وعائلته، على ورقتين، الأولى حول نتائج التحليل الذي أُجري في دمشق. وتبيّن أنه جرى وفق التحليل التشخيصي ذاته “الإليزا” الذي تم في مركز تحاليل الإيدز بطرطوس. وأنّ الشاب يحمل المرض، وتم التنويه في نهايتها إلى أن هذه النتيجة غير نهائية وهي بحاجة للتأكيد. بالإضافة لورقة ثانية، مرسلة من وزارة الصحة إلى مديرية صحة طرطوس. و تحمل توقيع وزير الصحة الدكتور “حسن محمد الغباش” تقول أن كريم يعاني من نقص المناعة المكتسب، وتوصي بمتابعة المصاب والمخالطين له بالسرعة الممكنة وبشكل هادئ وسرّي. لكن المفاجأة كانت، أن الورقة دون تاريخ أو رقم أو ختم.
رد على الرد.. بالوثائق
بدأ الشك يتسرّب إلى قلب الشاب الذي عانى ظروفاً نفسية قاسية نتيجة ما حدث. وقد تم منعه من السفر بناءً على النتيجة، بالإضافة لإعفائه من الخدمة الإلزامية، بعد إلحاحٍ كبير من مدير مركز برنامج الإيدز بوزارة الصحة. لتسليم دفتره الخاص بالخدمة العسكرية.
أجرى “كريم” مسحة pcr بمخبر خاص بالإضافة لاختبارات سريعة. وأرسل التحاليل لمركز الخطيب الخاص بدمشق، وكانت نتيجة التحاليل جميعها سلبية، أي أنّه لا يحمل أي مرض.
وهنا بدأ مدير مركز الإيدز بطرطوس بالتشكيك بالنتيجة والتهرّب من صحتها بحجّة أن “كريم” يملك كمية قليلة من الفايروس لم تظهر في التحاليل.
يقول “كريم”« أعدت التحاليل بمركز الخطيب بدمشق، وكانت النتيجة سلبية. وبعد تأكدي من أني غير مصاب، أجريت تحليل “ويسترن بلوت” بمركز الدولة وتبيّن أني سليم».
وبعد أن دفعَ الشاب ما يقارب عشرة ملايين ليرة سورية لقاء التحاليل، لإزاحة صفة مرض من الممكن أن يدمّر حياته المهنية والشخصية.رفضَ المعنيون إعطاءه ورقة تثبت أنّه سليم، على الرغم من كمية التحاليل الموثّقة التي أجراها والتي تجزم جميعها أنّه غير مصاب، إلّا بعد تدخّل أشخاص نافذين. ليكتشف كريم أنّ الورقة التي حصل عليها والتي تقول أنّه سليم ولا يحمل فايروس الإيدز، استناداً لنتائج التحاليل الواردة من المخبر المرجعي للإيدز. لا يمكن أن تنال التصديق من وزارة الخارجية ومديرية الصحة بسبب صياغتها غير الواضحة.
أدخل ذلك الخطأ حياة الطبيب الشاب إلى دوامة من المجهول. وترك بصمته في صحة والده الذي كاد يخسر حياته من هول الصدمة. فضلاً عن حرمان “كريم” من السفر والحصول على المنحة الدراسية.
يلخّص الشاب ما جرى بالقول: «كانت تجربة أكتر من صعبة، ولا تعوّض من الأذى النفسي والجسدي والمعنوي والمالي يلي أصابني. ما حدا بيرجعلي صحة أبي يلي راحت، ولا الشهور يلي ضاعت من عمري ووقتي ودراستي».
يذكر أن العائلة تقدّمت بشكوى مفصّلة إلى وزير الصحة شرحت فيها ما جرى معها منذ اللحظة الأولى. ليتم إبلاغهم بأنه تمت إحالة الشكوى من الوزير لمديرية الرقابة الداخلية للتحقيق وهي قيد المتابعة من قبلها. دون الخروج بنتائج تذكر بعد.