الرئيسيةسناك ساخر

كارفور الصحة النفسية.. سلسلة مراكز علاج نفسي للمواطن السوري

افتتاح أول "مركز دعم نفسي متكامل": جلسة علاجية بـ 50 ألف ليرة مع جلسة صدمة مجانية

في خطوة نوعية تهدف إلى سد النقص الحاد في الخدمات الصحية النفسية، أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية عن منح تراخيص لعدد من المراكز المتخصصة في “الدعم والإرشاد النفسي” في العاصمة دمشق وعدد من المحافظات. مسؤول في الوزارة وصف القرار بأنّه “نقلة حضارية لمعالجة الآثار النفسية ورفع مستوى الصحة المجتمعية للشعب الذي كان محروماً من الدعم النفسي”.

سناك سوري-مغمورة بالأمل واليأس

مراسلتنا المغمورة بمشاعر الأمل واليأس معاً، قامت بجولة افتراضية في أحد هذه المراكز الفاخرة، وعادت لنا بالتقرير التالي:

بمجرد عبورك الباب وقراءتك لافتة (خدمة نفسية) تتأكد أنك ما زلت على قيد الحياة، وهي بداية جيدة للعلاج. تستقبلك موظفة الاستقبال مبتسمة بينما تشاهد مقطع “لبت لبت هاها”، قائلة: «أهلاً وسهلاً.. جاي على فرصة الجلسة المجانية؟ أم بتحب أشرحلك عن الخدمات؟».

وتبدأ عملية التسويق: باقة “الطبيعي البسيط” (50 ألف ليرة سورية) وتتضمن جلسة فردية مع أخصائي تم تدريبه على اليوتيوب لمدة أسبوع. من خدماتها: “طيب.. يعني شو أكبر هم عندك؟ الكهربا ولا المازوت؟”، و”لا تقلق.. كلنا عنا كهرباء مقطوعة.. إنت لست وحدك”. ثم تمارين تنفس قصيرة (تتزامن غالباً مع لحظة انقطاع الكهربا)، يليها نصيحة: “فيك تسب بس بقلبك”. الهدف أن تشعر بتحسن فوري لمجرد أنك لست الوحيد المريض نفسياً.

تنتقل الموظفة لتعرض “باقة الصمود والانتصار” (200 ألف ليرة)، وتتضمن جلسة مع معالج محترم بخبرة تفوق 14 سنة في تحليل نفسية المواطن الذي “انتظر ثم انتصر”. يحق للمريض الصراخ بأعلى صوته في غرفة التفريغ الانفعالي المبطنة بالستائر القديمة، مع هامش تحذيري: «المركز غير مسؤول عن أي استدعاء للقصف الجوي من الذاكرة».

أما “باقة النخبة”، فسعرها على أساس صرف الدولار في السوق السوداء. تتضمن علاجاً بالواقع الافتراضي حيث يُعرض للمريض فيديوهات لسوريا قبل 2011، لمساعدته على تذكر كيف كانت المدن بلا أنقاض وكيف صارت. تحذير: قد تسبّب نوبات بكاء هستيري أو إنكاراً تاماً للواقع. وتشمل خدمات إضافية مثل “شوف الاستثمار وانسى اللي صار”، حيث يُعرض واقع افتراضي لمشاريع وهمية مثل “برج الفراشات” (المركز غير مسؤول عن الحالة النفسية لسكان المخيمات).

الخدمة الأكثر طلباً

المدير العام للمركز، الذي فضّل عدم ذكر اسمه خوفاً من أن تطلب منه هيئة المواصفات والمقاييس ترخيصاً لمشاعره، قال: «الخدمة الأكثر إقبالاً هي جلسة التقبّل والاستسلام، حيث نساعد المريض على تقبّل فكرة أن كل شيء على ما يرام، رغم أن كل شيء ليس على ما يرام. إنه تناقض علاجي ثوري».

وفي زاوية خاصة.. عرض ترويجي لا يُقاوم. لجميع أبناء الشعب السوري، المركز يقدم جلسة “صدمة مجانية على الطريق”. لا داعي للحجز، فقط اختر أي مكان عام وانتظر. وتشمل محتويات الجلسة:

  • صدمة من سعر سلعة أساسية (تشخيص: ذهول وجودي).
  • قتال شوارع كرمال صفة سيارة (تشخيص: اضطراب غضب).
  • انقطاع مفاجئ للإنترنت بعد ساعة اتصال (تشخيص: اكتئاب رقمي حاد).
  • حرب تخوين وخطاب كراهية على وسائل التواصل (تشخيص: انفصام اجتماعي).
  • عبارة “مانك مخطوفة إنت حرة” (تشخيص: رهاب اجتماعي).
  • سماع خبر سياسي من مصدر ما (تشخيص: تشوش وانقسام في الرأي).

عند مغادرتنا للمركز، سألنا أحد المراجعين عن رأيه، فأجاب وهو يمسح دموعه محاولاً أن يضحك: «منروح.. منضحك.. منتعالج.. ومنعرف إنو آخرتنا نطلع مرضى نفسيين.. بس مريض نفسي برخصة».

هكذا، وفي ظل أزمة إنسانية هي الأصعب نفسياً على السوريين، بات الحل الأخير أن نضحك على جراحنا كي لا تبكينا، وأن ندفع ثمن ضحكتنا من جيوبنا، في دوامة لا تنتهي. النصيحة الوحيدة: “خليك مجنون وعم تضحك.. أحسن ما تدفع كرمال تبكي”.

زر الذهاب إلى الأعلى