الرئيسيةتقارير

قيود السحب تشلّ رواتب بعض الموظفين وأرصدة المودعين

سقوف السحب الأسبوعية تفتح باب السمسرة وتفقد الرواتب قيمتها

تعجز “سهام” 32 عاماً موظفة بمنظمة أممية عن سحب راتبها من المصرف منذ بداية العام الجاري، حيث لا يسمح لها إلا بسحب 500 ألف ليرة أسبوعياً، وللحصول عليها ينبغي أن تعطل يوماً كاملاً من عملها، تحضر في الصباح وتحجز دوراً قد يأتي بعد 4 أو 5 ساعات، وأحياناً تنتهي ساعات الانتظار بجواب: “لم يعد هناك سيولة عودوا غداً”.

سناك سوري-خاص

تلك المشكلة يعاني منها سوريون كثر من يمتلكون رواتب موطنة بالمصارف، كذلك من يمتلكون أرصدة في البنوك وحتى اليوم لا يوجد أي حل لها.

تقول “سهام” لـ”سناك سوري”، إنها ومنذ بداية العام لم تستطع الحصول على راتبها الكامل مرة واحدة، وتلجأ لعدة حيل منها تحويل مبالغ بقيمة 200 ألف ليرة لكل واحد من أصدقائها الذين يمتلكون حسابات في المصرف العقاري، حيث يحق لهم الحصول على 200 ألف ليرة أسبوعياً، لكن هذا الحل يرهق أصدقائها وتشعر بالحرج في كل مرة تطلب إليهم ذلك.

ودخلت السمسرة على خط المشكة، توضح “سهام”، بأن أحدهم عرض عليها شراء حسابها مقابل 30%، بمعنى آخر تحول له على حسابه كل ما تمتلكه ولنفترض أنه مثلاً 10 ملايين ليرة، يصبحون في حسابه بينما يمنحها مقابل ذلك 7 ملايين ليرة فقط، ويحتفظ هو بربح قيمته 3 ملايين ليرة!

الحل بالفواتير!

على كوة السيرياتيل في مدينة اللاذقية يقف عدة شبان يملكون حقائب على ظهورهم، يتقدمون منك حين تهم باستخدام كوة السيرياتيل، ويسألونك إن كان الهدف دفع الفاتورة؟ تخبرهم بنعم فيعطونك خيار أن يدفعونها هم، وحين تصل رسالة تأكيد الدفع على هاتفك تمنحهم قيمتها بدون زيادة أو نقصان.

يقول “أحمد” وهو أحد أولئك الشباب لمراسلة “سناك سوري”، إنه يضطر للوقوف منذ الصباح وحتى ساعات المساء الأولى، وغالباً ما يوكل المهمة لأحد أشقائه كونه ملتزم بالدوام مع منظمة أممية في المدينة.

أرصدة شبه مجمدة

طبيب مقيم في دمشق، فضل الكشف عن اسمه، ذكر لـ”سناك سوري”، أنه يمتلك رصيداً في البنك رفض التصريح عنه لكنه قال إنه بالملايين، وهو لا يستطيع السحب منه سوى ما بين 200 إلى 500 ألف ليرة أسبوعياً بالحد الأعلى، وفي الوقت ذاته فإنه لا يمتلك رفاهية الوقت لينتظر من أجل مبلغ مثل 200 أو 500 ألف ليرة، لا تفي باحتياجات أسرته حتى لمدة يومين أو ثلاثة.

الطبيب قال إنه أوكل شخصاً بمهمة شراء الدولار مقابل سعر أعلى على أن يتم تحويل المبلغ بنكياً، بمعنى آخر مثلاً سعر صرف الدولار في السوق اليوم 11 ألف ليرة بالمركزي، وهو يدفع ما بين 15 إلى 17 ألف ليرة ثمناً للدولار الواحد، حيث يحول مبلغ 17 مليون لحساب أحد الأشخاص ويحصل بالمقابل على 1000 دولار عوضاً عن 1550 دولار، أي يخسر 550 دولار في كل عملية تحويل.

وفي وقت سابق من آب الجاري، دعا مصرف سوريا المركزي المتعاملين مع المصارف، إلى تقديم شكاوى بحال عدم تمكنهم من السحب النقدي سواء الحسابات الجارية أو الودائع، لكن هذا القرار لا يشمل سوى الودائع بعد تاريخ 7 أيار 2025، بينما الغالبية من أطباء ومهندسين وغيرهم يمتلكون أرصدة من قبل هذا التاريخ.

أزمة السيولة التي تعاني منها المصارف السورية لا تزال تُلقي بظلالها الثقيلة على المواطنين، مما يفرض تحديات يومية تزيد من صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية، وبينما يبحث المودعين عن حلول بديلة، تبقى الأزمة قائمة دون بوادر لحل جذري، مما يدفع البعض إلى خيارات غير مأمونة العواقب، في محاولة يائسة للحفاظ على قيمة مدخراتهم وسط اقتصاد غير مستقر.

زر الذهاب إلى الأعلى