دخل الله : خطر الداعشية العلمانية قد يساوي خطر الداعشية الدينية !
سناك سوري _ محمد العمر
أثارت مقالة القيادي البعثي “مهدي دخل الله” قبل أيام في جريدة “البعث” جدلاً واسعاً حول مضمونها الذي اتّهم العلمانيين السوريين بالتطرف .
يبدأ “دخل الله” حملة الاتهام انطلاقاً من العنوان ” الداعشية العلمانية “ و الاتهام بالداعشية ليس بالأمر الهيِّن خاصة و أن كاتب المقال يساوي في المقدمة بين خطر “الداعشية العلمانية” و “الداعشية الدينية” عدا عن فارق واحد هو استعمال أصحاب التطرف الديني للعنف !
تحمل المقالة جملةً من الاتهامات الثقيلة بحق العلمانيين تبدأ بالداعشية مروراً بالدوغمائية و ليس انتهاءً بقلة التفكّر و التبصّر و ضعف المعرفة ! و يؤكّد “دخل الله” موقفه من العلمانية بوصفها داعشية بكل ما للكلمة من معنى و هي تكفيرية علمانية تقابل التكفيرية الدينية .
كما يصف “دخل الله” حادثة شاهدها عن حوار بين ممثلين للمؤسسة الدينية و مجموعة من العلمانيين دون أن يسمّيهم لكنه وصف بعضهم بأنهم “فرسان الداعشية العلمانية” أصحاب الأجوبة المنفرة الرافضة لكل شيء بينما كان المتدينون هادئين و ملتزمين بثقافة الحوار حسب قوله .
تكفّل “دخل الله” بشرح العلمانية للعلمانيين ضارباً مثل “حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي” الحاكم في “ألمانيا” الذي وصفه بأنه الحزب “العلماني الألماني” ! للدلالة على أن الدول الأوروبية العلمانية تحترم المؤسسة الدينية .
طبعاً تجدر الإشارة هنا إلى أن الدستور الألماني لا يفرض علمانية شاملة في الدولة كما هو الحال في “فرنسا” مثلاً و يحوي ظواهراً مثل ( دروس الدين في المدارس و الضريبة الكنسية ) لا تجعله يفصل بشكل حاد بين الدين و الدولة ، في حين أن حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” هو حزب يعتنق أيديولوجيا الديمقراطية المسيحية ما يبعده عن العلمانية و طالما عرف بعدائه للاشتراكيين العلمانيين .
اقرأ أيضاً:النائب “نبيل صالح” يواجه هجوم 60 نائباً بعثياً في مجلس الشعب !
يعود “دخل الله” مرة أخرى لتوضيح العلمانية للعلمانيين فيقول أن الدولتين الأموية و العباسية حين قامتا بالتوسع في أصقاع الأرض باستخدام السيف كانوا ينفذون أمراً ينكره الدين لكن تقبله العلمانية! حيث ينسب “دخل الله” استخدام العنف في التوسع إلى العلمانية لأن طريقة الدين تبشيرية رحيمة حسب قوله ! على الرغم من أن كل مؤرخي العصرين الأموي و العباسي يسمون هذا التوسع “فتوحات” و يعتبرون القتال خلالها جهاداً مفروضاً في أصل الدين ! فكيف تتحمل العلمانية وزرَ توسّع الأمويين و العباسيين بالسيف ؟!
شغل “دخل الله” سابقاً منصب وزير الإعلام فيما يشغل حالياً منصب عضوية القيادة المركزية لحزب البعث و رئاسة مكتب الإعداد و الثقافة و الإعلام المركزي في الحزب و يعرف بخطابٍ إصلاحي بين قيادات الحزب يدعو فيه إلى تغيير لغة الخطاب الإعلامي السائد بما يناسب المرحلة ! إلا أنه رغم ذلك وجّه تهمة الداعشية للعلمانيين على وقع الجدل الدائر في مجلس الشعب حول المسألة بين النائب “نبيل صالح” و النواب البعثيين .
من جهتها اعتبرت أستاذة الفلسفة في جامعة دمشق “إنصاف حمد” و هي عضو في حزب البعث أن مقالة وزير الإعلام السابق تكشف عن منهجية خطيرة حذّرت “حمد” أن يكون هدفها إطلاق الرصاص على علمانية البعث .
فيما تساءلَت “حمد” ما إذا كانت المقالة بمثابة إعلان حرب على العلمانية ابتداءً باتهامها بالداعشية و صولاً إلى شيطنتها و إلغائها ؟ متسائلةً عن إمكانية اعتبار المقال بمثابة البيان رقم واحد للانقلاب على البعث من داخله على منهج وصية مرشد الإخوان المسلمين ؟
تمّنت “حمد” أن تكون أسئلتها منفية و ألّا يكون المقال جزءاً من عمل منهجي بقدر ما هو رأي فردي لا يعبر عن مؤسسة الحزب حسب قولها .
بدورها وصفت وزيرة الاقتصاد السابقة “لمياء عاصي” مقال “دخل الله” بأنه متناقض و يفتقر للمنطق بوصفه العلمانية بالداعشية .
بينما رأى مدير عام مركز دمشق للأبحاث و الدراسات “هامس زريق” أن المقال جزء من حملة لتشويه العلمانية بلصق تهم الداعشية و الإلحاد بها في حين أن المهاجمين تناسوا أن الزمن أصبح مختلفاً و أن هناك منابر خارج سيطرتهم على حد قوله .
اقرأ أيضاً: علمانية الدولة الدينية