قطع الإتصالات اعتراف حكومي بالعجز أمام الفساد
عقاب جماعي لمنع بعض الفاسدين عن فسادهم
يجسّد قطع الاتصالات خلال فترة امتحانات الشهادة الثانوية اعترافاً رسمياً من الحكومة بوجود فساد فيها أو على الأقل فساد بعض من موظفيها.
سناك سوري _ دمشق
على مدى سنوات، لم تجد وزارة التربية حلاً لمنع الغش في امتحانات الثانوية، إلا أن تنسّق مع وزارة الاتصالات والتقانة، بأن يتم قطع الاتصالات والانترنت خلال الفترة الامتحانية لمنع تناقل الأسئلة وإجاباتها عبر سماعة “البلوتوث” للطالب داخل القاعة.
انتقت الوزارة الحل الأكثر سهولةً بالنسبة لها والأكثر صعوبة بالنسبة لغيرها، أي للمواطن، الذي لا ذنب له إن تقدّم طالبٌ لامتحان فيتم قطع الاتصال عنه والانترنت وقطعه عن العالم ككل.
لم تستطع “التربية” أن تضبط موظّفيها من مدرّسين وإداريين لمنع تسريب ورقة الأسئلة خارج القاعات والمراكز لإيقاف عملية الغش عبر “السماعة” فاختارت أن تعاقب سكان البلاد بأسرهم لإيقاف عملية الغش، على أن الغش لم يتوقف كما يرى كثيرون فله طرق أخرى لن يوقفها قطع الاتصالات.
يمثّل هذا النموذج في التعاطي الحكومي مع مكافحة الفساد، مثالاً صارخاً عن سبل إيجاد الحلول العملية للمراقبة والمحاسبة، على غرار أن تضع مراقباً على الموظف لمنع فساده، فيفسد المراقب ذاته لأن راتبه لا يزيد بشيء عن راتب الموظف الذي يراقبه.
ولا يردّ هذا الطرح مقولة أن الفساد موجود بكل أنحاء العالم، فهذا الرد كان إجابة أمير سعودي جابهته وكالة صحافة استقصائية بريطانية حول فضيحة “اليمامة غايت” فقال لها أن الفساد موجود منذ أيام آدم وحواء.
صحيح أن الفساد موجود، وصحيح أن النفس أمّارة بالسوء، ولكن الأصحّ أن العالم يتقدّم إلى الأمام ولا يتوقّف عند فساد زمان آدم وحواء، فيخترع طرقاً لمعالجة أسباب الفساد والإفساد وليس منع الفساد بقوة القدرة على قطع التواصل، وهذا يجسّد فيما يجسّد اعترافاً حكومياً صريحاً بأن الفساد أقوى من القدرة على مراقبته وبالتالي محاسبة الفاسدين فحسب، بل بأن نقوم بمنع الناس كل الناس من الحديث لبعضهم ظناً بأنها الوسيلة الأجدى لمنع الغش.
اقرأ أيضاً:الاتصالات تحدد مواعيد قطع الإنترنت خلال امتحانات الشهادة الثانوية