الرئيسيةيوميات مواطن

قصة حقيقية.. الطفل طلب بقايا البطاطا المقلية لكن الرصيف التهمها

المشهد البائس الذي لابدّ وأن كثر منا عاشوه يقابله مشهد آخر لا يقل بؤساً

كانت الساعة تشير للـ7 مساءً في ذلك اليوم من أيام شهر تموز الفائت. حين كنت وطفلي نهمّ بالدخول لتناول سندويشة شاورما سريعة. احتفاء بالحصول على “فرنكات آخر الشهر” حين كان طفل صغير يطرق على زجاج محل الوجبات السريعة مشيراً لشاب أنهى وجبته. إلى بقايا البطاطا المقلية في صحنه وبأنه يريد أن يحصل عليها ليتناولها.

سناك سوري-يا ضيعان

إلا أن الشاب الصغير الذي لا يبدو أنه تجاوز الـ22 عاماً من عمره رمق الطفل الصغير بالخارج بنظرة باردة. وعاد ليكمل تصفحه بالموبايل في يده بانتظار وصول الفاتورة.

المشهد البائس الذي لابد وأن كثر منا عاشوه يقابله مشهد آخر لا يقل بؤساً كان نصيبي أن أكون شاهدة عليه أيضاً.

ففي صباح أحد أيام الأسبوع الأول من تشرين الأول الجاري كنت أهمّ بالوصول إلى عملي. حين باغتني مشهد حاوية القمامة وقد تناثر حولها مئات حبات البطاطا المقلية. لم تكن صدفة أبداً أن يبدأ عقلك بإجراء المقارنة بين المشهدين. بين طفل يحلم بقطعة بطاطا مقلية وبين رصيف تلقفها رغم أنه لن يشتهيها.

مجدداً يخطر في بالي لماذا لا يقوم أصحاب المطاعم بتوضيب تلك الوجبات وتركها في الخارج لمن يريدها. أو يقدمها للأطفال والمحتاجين. لماذا لا تخصص المطاعم صحناً فارغاً لكل زبون وتخبره بكل أدب. ألا يأكل من فوق الوجبة الأساسية بل وضع حاجته في طبق آخر والتناول منه وفي حال بقي شيء من الوجبة تمنحه تلك المطاعم لأولئك الذين لا يحلمون بالدخول إليها.

حقاً لماذا، هل هو صعب كثيراً أن نشعر بحاجة بعضنا البعض في ظل المأساة التي نعيشها اليوم. هل صعب أن نمنح بعض الدفء لمحتاج ما.

وبعيداً عن موضوع البطاطا والحاجات الفيزيولوجية. أذكر أني بينما كنت أسير في الشارع رأيت طفلاً صغيراً يحمل بيده ورود ليبيعها. وباليد الأخرى كان يمسح دموعه بحرقة. تحركت عاطفة الأمومة في داخلي اقتربت منه ومسحت دموعه وعلى رأسه سألته لماذا يبكي، فأخبرني أن صاحب المطعم نهره وضربه ليخرج.

كان الموقف مريعاً ليس لأني “رقيقة” فأنا مجرد قطعة حطب يابسة في هذه البلاد. بل لأنه طفل. طفل يا هذا ويا تلك. طفل حرمته الحياة من نعمة التواجد ضمن عائلة تهتم به أفلا نستطيع أن نكون أكثر مسؤولية وننظر إليه على أنه طفلنا.

القليل من الاحترام وربما القليل من المسؤولية وبقايا الطعام في طبقكم. القليل من كل هذا سيحدث أثراً. سيتذكر هذا الطفل حين يكبر أن يكون إنساناً وفي هذه البلاد لا استثمار ناجح أكثر من أن تساهم بإنشاء إنسان حقيقي فعلاً.

اقرأ أيضاً: من خلف زجاج المطعم.. الشقراء الصغيرة نظرت للسندويشة وابتسمت

زر الذهاب إلى الأعلى