الرئيسيةتقاريرسناك ساخن

قرار إلغاء تحديد مراكز العمل فوق قدرة المعلمات: كيف نترك عوائلنا؟

معلمات لم يقبضن رواتبهن منذ شهرين مطالبات اليوم بدفع أجور مواصلات لا يمتلكنها

“راسي عميوجعني من التفكير”، تقولها معلمة مشاركة بالاعتصام أمام مديرية التربية، احتجاجاً على قرار إلغاء تحديد مراكز العمل، الأمر الذي رتب على المعلمين عموماً والمعلمات خصوصاً أعباء كبيرة، فكيف لهنّ أن يقنعنّ أزواجهنّ باللحاق بهنّ في مراكز عملهنّ؟

سناك سوري – خاص

تطالب المعلمة وهي واحدة من عشرات المعلمين والمعلمات اللواتي شاركنّ بالوقفة الاحتجاجية أمس الأحد، بإلغاء القرار، وتضيف لـ”سناك سوري”، أنه صدر في منتصف العام الدراسي، فكيف من الممكن أن تدبر أمورها وتترك عائلتها وابنتها في الصف التاسع، وتذهب إلى حلب بظروف أسبوع وتستأجر منزلاً؟

تضيف: «بتظبط زوجة وأم تترك عائلتها وزوجها وأولادها؟ ما بعرف إذا بتظبط»، وتشير في حديثها أنه وبأفضل الأحوال كان يجب إصدار القرار نهاية العام الجاري، وتمنح المعلمات فرصة عطلة الصيف لتدبر أمرها وأمر عائلتها والتفكير بتروي في خياراتها.

بتظبط زوجة وأم تترك عائلتها وزوجها وأولادها؟ ما بعرف إذا بتظبط معلمة متضررة من قرار وزارة التربية

ما تقوم به حكومة تسيير الأعمال ليس قانونياً، بحسب وجهة نظر معلمة أخرى من المحتجات، وتضيف لـ”سناك سوري”، متسائلة: «على أي أساس سنسافر من محافظة لأخرى؟ هناك أختام وأوراق رسمية بحاجة للتوقيع»، وتؤكد أنه لا يحق لحكومة تسيير الأعمال اتخاذ مثل هذه القرارات، وكل المعلمين والمعلمات قائمين على رأس عملهنّ، ويداومون بشكل يومي ولديهم شواغر كاملة.

تكشف المعلمة المعينة في حلب وتم تحديد مركز عملها في اللاذقية، أنها لم تحصل على راتبها منذ شهرين، فمن أين ستأتي بالأموال لتمويل أجور المواصلات واستئجار المنزل في حلب وسط الظروف المعيشية حالياً؟

“نريد الإنصاف وإلغاء القرار”، تقول المعلمة وتضيف أنهم معلمات ومعلمون غايتهم التدريس يحملون رسالة سامية وليس سلاحاً، فسلاحهم القلم لتعليم الأطفال وإلغاء الجهل والتخلف، وتختم حديثها: “لا نريد جهلاً وتخلفاً، يكفينا ظلماً وقتل لأصواتنا”.

لم أحصل على راتبي منذ شهرين، فمن أين سآتي بالأموال لتمويل أجور المواصلات واستئجار المنزل في حلب وسط الظروف المعيشية حالياً؟ معلمة متضررة من قرار وزارة التربية

وشهد الاعتصام تواجد معلمين ومعلمات من اللاذقية وإدلب، واجتمعوا كلّهم على مطالب إلغاء القرار الذي يأتي بالتزامن مع ظروف معيشية سيئة للغاية، تجعل من فكرة الانتقال مستحيلة، وتقول إحدى المعلمات المعتصمات، إنها بحال أرادت السفر لمحافظة أخرى فإن أجرة طريق في جيبها لا يوجد، وهي مسؤولة عن منزل وعائلة بعد وفاة زوجها.

وتضيف إن ظرفها الإنساني يشبه ظروف زملائها وزميلاتها، مشيرة أن الوضع المادي صفر لم تحصل على راتبها بعد، كما أنها لا تمانع العودة إلى التدريس في إدلب بشرط توفر مواصلات مجانية، وتكرر عبارة “الوضع المادي صفر”.

اعتصام المعلمين والمعلمات أمام مديرية التربية في اللاذقية – سناك سوري

هل يضمنون أمننا؟

في لقاء مع معلمة أخرى قالت إن مركز عملها الرئيسي إدلب وتعمل في اللاذقية، قالت: “هل يضمن وزير ومدير التربية الأمان؟”، وتبدي المعلمة تخوفاً كبيراً مدعوماً بما تقرأ من تعليقات وتحريض طائفي عبر السوشل ميديا.

إضافة إلى كم الانتهاكات التي تم تسجيلها مؤخراً في قرى ريف حمص الغربي، ما جعلها متخوفة إلى درجة كبيرة تصل حد خسارة وظيفتها ومصدر دخلها الوحيد، فهي معلمة منذ خمس سنوات استمرت بتدريس الطلاب على الرغم من شح الرواتب وقلّتها، ولا تجد أنه من المنصف أن تعامل وزميلاتها بتلك الطريقة، عوضاً عن منحهنّ رواتب لائقة بعملهنّ.

وصدر القرار نهاية الأسبوع الفائت، وبدأ المعلمون والمعلمات احتجاجاتهم منذ يوم الخميس الماضي، واستكملوها أمس الأحد، وقالوا إنهم مستمرون فيها حتى يتم التراجع عن القرار وتحقيق 4 مطالب رئيسية هي: إلغاء القرار وتوطين التعليم وتثبيت العقود وتوسيع ملاك التربية.

المشكلة عامة

والمشكلة عامة تخص المعلمين والمعلمات في كل المحافظات السورية، وكانت “شيماء” التي تعيش مع زوجها وعائلتها في دمشق، قد تفاجأت من القرار الذي شكّل لها صدمة كبيرة، فهو يعني العودة إلى دير الزور وإقناع زوجها وعائلتها بترك دمشق والعودة إلى الدير التي لا يمتلكون فيها حتى منزلاً بعد تدمير منزلهم خلال سنوات الحرب.

واليوم تجد “شيماء” نفسها أمام خيارين اثنين إما العودة إلى مكان عملها في دير الزور، أو الاستقالة، وتقول إن خيار العودة إلى دير الزور حيث مكان عملها الأساسي يبدو مستحيلاً، فالأمر مرتبط بزوجها وعائلتها التي أسستها في دمشق، كما أن العودة إلى الدير تعني استئجار منزل، وراتبها لا يغطي لا الإيجار ولا حتى أجور المواصلات.

ولا يبدو الحال بأفضل بالنسبة للمعلمين والمعلمات من مدينة “إدلب”، كحال “رشا” التي انتقلت من إدلب قبل عدة سنوات، ووضعت نفسها تحت تصرف وزارة التربية التي حددت مركز عمل جديد لها في حماة، تقول “رشا” لـ”سناك سوري”، إن منزلها في إدلب مدمر وقد أسست حياة كاملة في حياتها تزوجت فيها وأنجبت، فكيف ستقنع أطفالها وزوجها بالذهاب وبدء حياة جديدة في إدلب اليوم؟ مضيفة أنها بشوق للعودة إلى مدينتها مجدداً ورؤية أهلها وجيرانها وهو ما ستفعله لكن كزيارة كون حياتها اليوم مرتبطة بمكان تواجد زوجها، “رشا” أكدت أنها لا تمتلك أي حل سوى بالاستقالة بحال لم يتم التراجع عن القرار.

طلبات النقل والاعتماد المالي

على وقع الاحتجاجات أصدرت وزارة التربية لاحقاً، قراراً يقضي السماح بتقديم طلبات النقل، واشترطت في قبول الطلبات عدة شروط من بينها توافر الشاغر العددي والاعتماد المالي، الأمر الذي اعتبره المعلمون تعقيداً، والحل الوحيد هو توسيع ملاك التربية لاستيعاب طلبات النقل كلّها.

فمشكلة توافر الشاغر والاعتماد المالي قديمة منذ عهد النظام البائد، ولا سبيل لحلها سوى بتوسيع الملاك العددي اليوم.

يذكر أن العديد من المدارس في اللاذقية تعاني أساساً من نقص في الكادر التدريسي، خصوصاً في الأرياف على سبيل المثال إحدى المدارس في قرية اسطامو، لم يحصل طلاب الصف الخامس فيها على أي درس جديد بعد شهر أيلول الفائت، نتيجة حصول المعلمة على إجازة من دون راتب وسفرها إلى حيث يقيم زوجها في الإمارات، وحين تقدم المدير بطلب للتربية لإرسال معلمة جديدة كان الجواب بأنه لا يوجد عدد معلمين أو معلمات كافياً.

زر الذهاب إلى الأعلى