في دمشق اللوحة بلمحة لدى أبو وسام الموصلي
عمل مدير مكتب القنصل البحريني وعاد إلى دمشق ليعمل بالتصوير والطباعة
بلمحة سريعة من الزمن، يُخرج الستيني “أبو وسام الموصلي” صورة لطفلة في عقدها الأول ذات شعر مجعد بابتسامة لطيفة، من آلة الطباعة الفورية، يُلصقها على لوح الخشبي ويضعها في كيس ملون، ويسلمها لوالد الفتاة الذي جاء إليه من منطقة ضاحية قدسيا، يودع الرجل زبونه بعبارته الشهيرة “شرفتنا وأسعدتنا”.
سناك سوري-صفاء صلال
في الطابق الأرضي من بناء مكتبة الخولي، يقع محل أبو وسام للتصوير الذي لا يتجاوز بضع أمتار، يبدو المحل أشبه بعلبة كبريت، فيها من الألوان والصور والأدوات والأشغال اليدوية، المُكدسة فوق بعضها البعض كأعواد الكبريت الملونة، وشكل جزءاً من منطقة الحلبوني بدمشق، حتى أصبح محله الصغير علامة يُستدل بها في المنطقة.
لا تفارق الابتسامة العريضة وجه الرجل الذي شاب رأسه، يرى أن الصورة المطبوعة تعيش أكثر من الصور التي تُلتقط بالجوال، «لا تبهت الصور المطبوعة لأنها تحيا فهي ذكرى الماضي والحاضر والمستقبل إنها سجل للحياة» يقول أبو وسام.
اقرأ أيضاً: الأخوان ريحان بائعا الزهرة المباركة في دمشق
“بعد وظيفة دامت ثلاثين عاماً، وجدتُ أن العمل الحر واليدوي خاصة لا مثيل له وممتع”، يقول ويضيف لـ”سناك سوري”، أنه كان مغترباً منذ شبابه في السعودية وعاد إلى البلاد قبل اندلاع طاحونة الحرب بشهور قليلة، وعمل خلال غربته سكرتيراً للملحق الثقافي القطري بالرياض، ومديراً لمكتب القنصل البحريني بجدة.
يُعد “أبو وسام” أول من عمل على طباعة الصور على الخشب في دمشق، ونجح في استقطاب الناس لطباعة الصور في زمن الصور الإلكترونية، متخذاً من مقولة ” عامل الناس كما تحب أن يعاملوك” قانوناً في عمله، فهداياه حاضرة حتى وإن لم تشتر شيئاً.
بكثير من الدقة بسرد التفاصيل يتحدث “الموصلي”، عن شغفه في عمله بطباعة الصور والأشغال اليدوية، فهو الذي أعد لابنته الصغرى علب الضيافة لتخرجها من كلية العمارة، وأهدى أساتذتها المشرفين، قبعة تخرج مشغولة بيديه معيداً تدوير بكرات اللاصق المنتهية، فليست طباعة الصور مهنته بل إعادة التدوير الأشياء كما يعتبر نفسهُ صديقاً للبيئة، فهو يحرص على استغلال كل شيء في محله، يرفع الموصلي الغطاء الأحمر عن طاولته التي يقف ورائها ويهز رأسه بثقة، قائلاً أنها تدويري أيضاً.
يشير الرجل أن زبائنه، زبائن لمدى الحياة، فهو يشترط عليهم إعادة الصورة أو الطلب إن لم يعجبهم، لإعداد صورة جديدة بلمحة خاطفة.
لا يسعى الرجل من عمله أن يصبح غنياً حسب قوله، وإنما رسم الفرح والسعادة بين الناس، فأسعاره زهيدة مقارنة بأسعار السوق.
يرى أبو وسام بثلاثية “المعاملة والسعر والجودة” معادلة نجاحه منذ نصف عقد حتى اليوم، ويسعى لتطوير منتجاته ليكون عن حُسن ظن زبائنه.
اقرأ أيضاً: قدم واحدة وعكازة تعيل أبو كرم في بيع القهوة