في دستور “سوريا” القادم ماهو دين الرئيس وهل الإسلام مصدر للتشريع؟
نقاشات حول المادة الثالثة من الدستور الحالي فما رأيكم؟
سناك سوري _ دمشق
أعادت مناقشات “اللجنة الدستورية” الحديث عن علمانية “سوريا” ووضع الدين في النصوص الدستورية والقانونية.
حيث ذكرت تسريبات من اجتماعات اللجنة المصغرة أن نقاشاً دارَ حول موضوع الدين الإسلامي تحديداً في الدستور المستقبلي وما إذا كان سيتم اعتماده كمصدر رئيسي للتشريع على غرار الدستور الحالي أم لا.
وتنصّ المادة الثالثة من دستور 2012 المعتمد حالياً في “سوريا” على: «دين رئيس الجمهورية الإسلام، الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع، تحترم الدولة جميع الأديان وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألّا يخلّ ذلك بالنظام العام. الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية».
وبعيداً عمّا تناولته وسائل الإعلام حول الطرف الذي أثار القضية وموقف كلٍّ من المعارضة والحكومة تجاه قضية خلافية كهذه، فإن العودة أولاً وأخيراً والقول الفصل سيكون للمواطنين السوريين، الذين سيؤول إليهم أمر الدستور حينما يتم الاتفاق عليه حيث سيعرض على الناس للاستفتاء على قبوله أو رفضه.
وبالطبع لا يمكن اختصار الدستور بمادة واحدة سيتوقف عليها رفضه ككل أو قبوله ككل، إلا أن تأثير هذه المادة لا يتوقف عند حدود كلماتها بل يتعداه إلى تغيير واسع في مواد أخرى وفي قوانين كثيرة أبرزها قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها حالياً في “سوريا”.
يرى كثير من السوريين أن مستقبل “سوريا” يجب أن يتخذ طابعاً علمانياً يتم تجسيده في الدستور والقوانين، حيث لا تمسّ العلمانية مقدسات أحد ولا تحرم أي فئة من السوريين من حرية ممارسة شعائرها وطقوسها، لكنها في الوقت ذاته تبعد الجذر الديني عن القوانين والإجراءات المرعية في مؤسسات الدولة، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك قضيتان ربما هما الأكثر جدلية في فرض العلمانية على القوانين وهما الزواج المدني والمساواة في التوريث بين الذكر والأنثى.
تأخذ مواضيع كهذه مساحات واسعة من النقاش في أوساط السوريين حين يجري الحديث عن العلمانية، وفرض الدين الإسلامي كمصدر للتشريع.
اقرأ أيضاً:النائب “نبيل صالح” يواجه هجوم 60 نائباً بعثياً في مجلس الشعب !
في المقابل يرى كثرٌ آخرون من السوريين، أن وضع الدين الإسلامي كمصدر رئيسي للتشريع، مع الحفاظ على الصياغة الحالية للعبارة الدستورية، يرضي جزءاً واسعاً من المسلمين السوريين، كما أنه لا يفرض الدين كمصدر وحيد للتشريع بل كمصدر رئيسي، على اعتبار وجود تشريعات أخرى لأصحاب الأديان والمذاهب الأخرى من السوريين.
ويعتقد أصحاب هذه الرؤية أن أي تصويت حول مسألة كهذه سينال مؤيدو الاعتماد على الإسلام في التشريع غالبية الأصوات، وأن معظم المصوّتين سيرفضون عدم الاعتماد على الشريعة الإسلامية في معاملاتهم الشخصية كالزواج والطلاق والتوريث.
الجدال حول القضية ليس بجديد، فمع العودة إلى التجارب الدستورية السابقة نجد أنه ومع الاستقلال الأول لـ”سوريا” عن العثمانيين جاء دستور 1920 في عهد “الملك فيصل” والذي نصّ على أن “سوريا” ملكيّة نيابية مدنيّة ودين ملكها الإسلام.
وخلال مرحلة “الانتداب الفرنسي” جاءت محاولة وضع دستور 1930 الذي نصّ على أن “سوريا” جمهورية نيابية ودين رئيسها الإسلام، وبقي هذا الدستور يراوح بين الإقرار حيناً والتعطيل حيناً حتى عام 1950 حين أقرّ دستور جديد للبلاد.
يقول الكاتب الأمريكي “غوردون توري” في كتابه “السياسات السورية والجيش 1945-1958” أن لجنة إعداد الدستور عام 1950 شهدت جدلاً واسعاً بين أعضائها حول المادة المتعلقة بجعل الإسلام دين الدولة أو دين رئيس الدولة فحسب، وانتهت النقاشات إلى المحافظة على صيغة دستور 1930 واشتراط الإسلام كدين لرئيس الجمهورية.
ولم يخالف دستور العام 1973 التجارب السابقة واعتبر أن الإسلام هو “المصدر الرئيسي للتشريع ودين رئيس الجمهورية”، وكذلك فعل الدستور الحالي الذي صوّت السوريون على إقراره عام 2012.
في الوقت الحالي وبينما يتم مناقشة دستور جديد للبلاد بعد الحرب التي عصفت بها، يبدو من الضروري إعادة طرح السؤال على السوريين تحديداً حول نقطة المادة الثالثة المتعلقة بدين رئيس الجمهورية واعتماد الإسلام كمصدر رئيسي للتشريع فما رأيكم؟
اقرأ أيضاً:علمانية الدولة الدينية