في اليوم الأول من رمضان.. اللعنة على الحرب!
ونحن في “حلب” تناولنا طعام إفطارنا برفقة شقيقتي “سوسن” في “ألمانيا” عبر نافذة اللابتوب!
سناك سوري-حلب
على بعد آلاف الأميال جلست أختي “سوسن” وعائلتها يشاطروننا طعام إفطار اليوم الأول في الشهر الفضيل عبر نافذة لابتوبي الصغيرة، بينما كنت وأهلي نتناول إفطارنا بكثير من الغصة، هي سنة أخرى تمر دون أن يلتئم شمل العائلة الكبيرة التي فرقتها الحرب.(تعبير مجازي)
سافرت “سوسن” وعائلتها إلى “ألمانيا” قبل 4 سنوات، وبقيت أنا وأمي وأبي وإخوتي هنا في “حلب” ننتظر العودة إلى حينا الذي دمرت الحرب القسم الأكبر منه، لم يكن فارق التوقيت عائقاً للتشارك بسفرتنا الرمضانية، لقد مثلنا الأمر تماماً كما نمثل الحياة اليوم في بلد يصول الموت به ويجول غير مكترث لطفل أو شاب أو سيدة.
“البرك” “الكبة المقلية” والكثير من أصناف الطعام التي اعتاد الحلبيون وجودها على موائد رمضان كانت موجودة رغم الغلاء، فأنا أمتلك أماً رائعة مدبرة احتالت على الأمر بتخفيض الكمية وزيادة حجم البصل عوضاً عن اللحم واستبدال الصنوبر بالجوز، الحلبيون يعلمون جيداً كيف يدللون أنفسهم حتى بوجود الحرب.
اقرأ أيضاً: ماذا لو أن “ألمانيا” تستضيف قطعة من “الغوطة الشرقية”؟
أنهينا إفطارنا الذي لم يخلُ حتى من التمر والتمر هندي وغيرها من التفاصيل الصغيرة التي تعطي السفرة الرمضانية خصوصيتها، وكان لزاماً على “هدى” أن تتقاسم مع شقيقتي الأخرى “سلمى” تنظيف المائدة والأطباق والصحون، أذكر جيداً كيف كانت “سوسن” الأكثر همة بينهن، لكنها الآن بعيدة وعلينا تدبر الأمر.
بانتظار طبق الحلويات جلسنا نسامر شقيقتي البعيدة، عن ذكريات كثيرة مضت كنا جميعاً نحبس دموعنا، نداري شوقنا لطفلها الصغير، مع كل هذه الحضارة مايزال ينقصنا أن نقبله، ونمسك يده الصغيرة، سيكبر بعيداً عنا، ولن يعيش أيام رمضان معنا، لن يمتلك إلا ذكريات إلكترونية لا تروي شوقاً.
رغم أننا نعيش أيامناً فضيلة والشتيمة فيها ممنوعة أخلاقياً، لكن اللعنة على الحرب ألف مرة، ومن سيلوم لاعن الحرب وساعتها.