في أيلول تنتظرنا “أم المعارك”
في أيلول تفصلنا شعرة عن خوض “أم المعارك” أو الوقوع في فخ الأعراس الوطنية الوهمية!
سناك سوري – ياسين حسين
يُطلق على الانتخابات البلدية والمحلية في كثير من بلدان العالم كـ “فرنسا” مثلاً لقب “أم المعارك” نظراً لأهميتها الكبيرة والتي توازي الانتخابات الرئاسية في بعض البلدان أحياناً، وهي تعتبر مؤشراً هاماً للانتخابات البرلمانية والرئاسية.
أهمية الإدارة المحلية تزايدت بشكل مضطرد وسريع في كل دول العالم كونها تعتبر قاطرة للتنمية بكل أشكالها وتعطي المجتمع المدني والمواطنين فرصة حقيقية للمشاركة بصنع القرار عبر انتخاب من يحمل آمالهم وآلامهم إلى هذه المواقع، إضافة إلى كونها مظهر جلي من مظاهر الديمقراطية والمشاركة ونقل وتوزيع السلطات وترسيخ مفهوم (المواطنة).
“سوريا” التي أجرت آخر انتخابات محلية في العام 2011 تستعد حالياً لإجراء انتخابات إدارة محلية جديدة، هذه الانتخابات ستحمل دلالات كثيرة فالأعين موجهة على شفافيتها والديمقراطية والحرية فيها، وفي الوقت ذاته فهي مفتاح التنمية وبوابتها الرئيسية.
إلا أن هذه الانتخابات تقف أمامها حتى الآن مجموعة عراقيل تمنع جعلها مختلفة عن الانتخابات التي كانت تجري سابقاً، وهي تحتاج إزالة لترسيخ ثقافة المشاركة انتخاباً وترشحاً.
قد يكون من أبرز المعوقات، عدم وجود تنافس حزبي حقيقي على مستوى الدوائر فغالبية الأحزاب السورية الوليدة ما زالت ضعيفة، إضافة إلى غياب الوعي الشعبي بأهمية الانتخابات وحقوق الانتخابات وحتى الترشح وبناء البرامج، على اعتبار أنها أشياء جديدة علينا.
وما بين المعوقات والمخاوف يظهر موضوع اللوائح التي اعتدنا عليها سابقاً أن تكون قائمة واحدة لتحالف الجبهة وبعض المستقلين، الأمر الذي كان يعتبره الكثيرون جزء من سياسة إملاء باتت غير مقبولة والمفروض التشجيع على تشكيل عدة لوائح ليكون الناخب أمام خيارات متعددة ولتأخذ الانتخابات زخما ومصداقية ومشروعية.
إلى جانب ذلك هناك مشكلة انتشار معايير غير سليمة للانتخاب لدى بعض الشرائح تتعلق بـ (الطائفية -العشائرية- المذهبية- المصلحية- المناطقية).
اقرأ أيضاً : انتخابات سوريا على الأبواب.. فرصة الشعور بالتمثيل
في هذه الأثناء هناك فقدان الثقة لدى غالبية المواطنين بسبب عدم قدرة المجالس السابقة والحالية على القيام بالواجبات الأساسية والضرورية كموضوع النظافة وتحسين وصيانة الشوارع وتنظيم الأسواق والواجهة البحرية وضبط عمليات البناء ……الخ، فكيف بأمور تعتبر رفاهية لدينا مثل (توفر دور محترمة للعجزة ومساعدة المسنين غير الراغبين بالسكن فيها في بيوتهم – تأمين نقل مجاني للتلاميذ من ذوي الدخل المحدود – مُساعدة العاطلين عن العمل بالبحث عن وظيفة.- إجراء استفتاءات لمشاريع محلية مهمّة …..الخ).
بينما يتحضر رؤوس الأموال الجدد والتقليديين مدعومين من الفاسدين لخوض هذه الانتخابات بكل قوة، وهم خطر كبير على جودة ممثلي الناس في الإدارة المحلية، ما يؤكد على ضرورية التوعية حول اختيار المرشحين الأنسب والأقرب للناس.
يضاف إلى كل ماسبق هناك عدم معرفة بدور الإدارة المحلية ووظيفتها، بسبب غياب دورها السابق والتوعية حولها، لصالح الإدارة المركزية.
تحمل هذه الانتخابات الكثير من الأهمية، وهي تحتاج القيام بالكثير من الإجراءات المسبقة من إجل إنجاحها، فد يكون من أبرزها فتح الفضاء السياسي للعمل والأحزاب الناشئة بكل حرية، لما له من أهمية في الانتخابات وتطويرها وتعزيز دورها.
تحتاج هذه الانتخابات دعماً إعلامياً لناحية التوعية بها وبدور المواطن من جهة، والتوعية بالقانون ونشر المعرفة حوله على اعتبار أنه لايزال مجهولاً بالنسبة لمعظم المواطنين.
دعم وتحفيز المرشحين كل المرشحين، وتشجيعهم على إطلاق البيانات الانتخابية، وإقامة التحالفات التي من شأنها أن تعزز التنافسية.
كما أن من أهم معايير نجاح هذه الانتخابات مشاركة المرأة والشباب فيها انتخاباً وترشحاً، وهذا لن يأتي من دون جهد وعدالة وتوازن ودعم لهاتين الشريحتين.
قضايا كثيرة لابد من طرحها قبل الانتخابات القادمة من الصعب حصرها في هذه السطور، فهذا الملف يحتاج جهداً جماعياً ورؤية واضحة وشجاعة من قبل كل الأطراف في دعم هذه الانتخابات وجعلها فرصة حقيقية للانتقال نحو مرحلة أفضل من الإدارة المحلية، بحيث تكون “أم المعارك” حقاً وليس “عرساً وطنياً” من طرف واحد.
اقرأ أيضاً: الانتخابات مفتاح الحوار بين “الحكومة” و”الإدارة الذاتية”