فيلم جاكي شان في سوريا… الاستثمار في الحرب
الموارد المُتاحة من الدمار... الاستثمار في الحرب
في أصعب الظروف وأقساها وتحت الدمار والخراب هناك موارد متاحة تحتاج إدارات جيدة تحسن استثمارها وتقديمها للناس وللباحثين عن الاستفادة منها. وهذه الأمر ينطبق على سوريا التي لم تخرج بعد تماماً من حرب ضروس. لكنها تمكنت جزئياً من توفير الأمان اللازم للاستثمار في بعض المناطق.
سناك سوري – بلال سليطين
قبل أيام بدأ في دمشق تصوير فيلم صيني من إنتاج البطل العالمي “جاكي شان” وخرجت بعض الصور من المكان. وهي تظهر عربات عسكرية ودبابات إلى جانب الدمار الذي لحق بالمنطقة نتيجة الحرب.
الحدث بحد ذاته قوبل بانتقادات شديدة من حق أصحابها التعبير عنها براحتهم، لكن من وجهة نظري الشخصية فإن جُلّ هذه الانتقادات (ماهو غير مُسيس منها) جاء من خلفية عاطفية بحتة. وهكذا أمور حسب قناعتي لا تقاس بالعواطف وإنما بالفوائد لاقتصاد يعاني الأمرَّين للنهوض.
في حالة سوريا فإن كل فرصة استثمارية يجب استغلالها حتى ولو كانت بالدمار، وعلى سبيل المثال المنطقة التي تم اختيارها للتصوير والاعتراض خرجت من دائرة الصراع عام 2018. وعلى الرغم من مضي 4 سنوات إلا أنها إلى اليوم تعاني من الدمار بسبب غياب الموارد اللازمة لإعادة الإعمار.
وبالتالي لا يكون الحل بالبكاء على الأطلال بل باقتناص الفرص المتاحة لتوفير الموارد المالية اللازمة. وذلك بعيداً عن السياسية والتسييس فالأموال التي تدخل البلاد ستجد طريقها إلى السوق السورية وإلى تنفُّعِ الاقتصاد منها بأي شكل كان.
اقرأ ايضا: جاكي شان وفيلم في الحجر الأسود.. سوريون: زكاتك خبز وكهربا يا جاكي
على مستوى هذا الحدث البسيط المتثمل بتصوير فيلم واحد في منطقة مدمرة بسوريا توفر كوادر حقيقية تجذب أي مخرج. فإن عدد المستفيدين من الأمر لا يسهل إحصاؤه. من شركة الطيران التي تنقل الطواقم، إلى المعدات التي يتم استئجارها واستثمارها إلى فرص العمل المحلية المؤقتة والسيارات والفنادق …إلخ. هذا بفيلم واحد لكن ماذا لو تحولت سوريا إلى مركز استقطاب شركات الإنتاج التي تصور أفلام الأكشن. ومعظمنا يعلم الاستثمار بالسينما والدراما كم هو مُربح.
هذا مثال من أمثلة عديدة جداً في سوريا يمكن توظيفها بعيداً عن العواطف التي لن تطعم عائلة جائعة في غوطة دمشق. ولن تبني منزلاً مدمراً في مكان تصوير الفيلم.
قد يصعب هذا الأمر على البعض. لكن في الحقيقة فإن سوريا لا تشكل حالة فريدة في العالم اذا ما استثمرت في الحرب. فالعديد من دول العالم التي شهدت حروباً على أراضيها حوَّلتها لاحقاً إلى موارد للاستثمار فيها.
فهناك مايعرف عالمياً بـ سياحة مابعد الحروب (مصائب قوم عند قوم فوائد)، ومثلاً دول مثل “رواندا” و”البوسنة والهرسك” استفادت كثيراً من الاقتصاد السياحي القائم على رغبة آلاف. وربما ملايين السياح في زيارة مناطق شهدت دماراً والاطلاع عليها (آثار الحروب). وبالمحصلة فإن المتضررين من الحرب مستفيدون من هذه السياحة وفي حالة سوريا يجب ان يستفيدوا بشكل مباشر ومضمون.
اقرأ أيضاً: الفساد الإيجابي.. جواز السفر السوري نموذجاً – بلال سليطين
وهناك ايضاً الاستثمار التدريبي. فآلاف الطلاب من دول العالم يزورون سنوياً دول مثل رواندا والبوسنة والهرسك للتعرف على تجربتها في الحرب ودراستها. وكذلك هناك من يذهب للتعلم في معاهد ومنشآت خصصت للتدريب وتقديم التجربة المحلية. وبالمناسبة هناك سوريون كثر بعد عام 2011 سافروا إلى البوسنة ودرسوا فيها تجربتها في تجاوز الحرب. وآخرون سافروا إلى رواندا…إلخ من الدول التي تمت مراجعة تجاربها. بينما استفادت هذه الدول من استثمارها في الحرب.
بحالة سوريا يوجد فرص كثيرة للاستثمار فيما بعد الحرب. قد تكون السينما احدى أوجه هذا الاستثتمار. وقد تكن السياحة، والتعليم. فالمجالات واسعة لكنها تحتاج رصدها بشكل جيد وتقديمها للسوريين للاقتناع بها. وكذلك للمستهدفين بهذا الاستثمار كي يقصدوا سوريا بحثاً عن غايتهم. فهذا أفضل من أن تمتلئ المنشآت السياحية على البحر بحجوزات السوريين وتدور الأموال في جيوب واحدة بعيداً عن جيبة الدولة (اقتصاد الوطن).
اقرأ أيضاً: التَنمُّر على الإصلاحيين – بلال سليطين