الرئيسيةشخصيات سورية

فوزي القاوقجي … قائد انتفاضة ذهبَ لإنقاذ فلسطين فخذله الساسة

تنقّل بين الجيوش حالماً بوحدة العرب وحريتهم

سيلمع اسم الرجل في اللحظات التاريخية لبلاد العرب بدءاً من الثورة السورية الكبرى وليس انتهاءً بنكبة “فلسطين” على وقع. جروح أكلت جسده وتركت أثراً للمعارك التي خاضها.

سناك سوري _ دمشق

ولد في “طرابلس” عام 1890 وانتقل منها إلى “إسطنبول” التي كانت تعرف بـ”الأستانة” والتي دخل فيها المدرسة الحربية، وتخرّج. منها عام 1912 ضابطاً في الجيش العثماني.

عيّنه العثمانيون في أوج الحرب العالمية الأولى في الفرقة المرابطة على خط “بئر السبع- غزة” بمواجهة البريطانيين، لكنه عاد. غداة نهاية الحرب إلى “طرابلس” قبل أن ينخرط في جيش الملك “فيصل” وشارك بحماية الأمير العربي إثر دخول الجيش الفرنسي إلى “سوريا”.

بعد العثمانيين والعرب، أصبح “القاوقجي” ضابطاً في الفيلق السوري ضمن الجيش الفرنسي، وكان الضابط الوحيد الذي احتفظ. برتبته كنقيب والتي نالها لدى جيش السلطنة العثمانية، فيما تم تخفيض رتب الآخرين إلى ملازم، في وقتٍ اكتسب فيه ثقة قادته الفرنسيين في الجيش.

لكنه رغم ذلك، كان يفكر بالثورة على الانتداب، واهتدى على وقع ثورة “عبد الكريم الخطابي” في “المغرب”. لإشعال ثورة مماثلة، فبدأ بالتحضير والتواصل مع قبائل البدو بريف “حماة” منتظراً اللحظة المناسبة.

كانت صبيحة 5 تشرين الأول 1925 تاريخية بالنسبة لـ”القاوقجي” حيث أطلق شرارة الثورة ضد الفرنسيين في “حماة”، مصطحباً جنوداً. فارّين من الفيلق ومسلحين من القبائل هاجموا المباني الرسمية التي ضمت الموظفين الفرنسيين، ما دفع بجيش الانتداب لاستقدام تعزيزات وشنّ حملة غارات جوية. ضربت المدينة وأحدثت مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 300 شخص.

انسحب “القاوقجي” قائد الانتفاضة ومن معه على وقع المجزرة وواصل من البادية نشاطه ضد الفرنسيين ونضاله في مواجهتهم حتى عام 1928 حينما انتهت. الثورة السورية الكبرى واستدعي إلى “عمّان” حيث كلّفته اللجنة الثورية بالسفر إلى “تركيا” لإقناعها بمساندة الثورة دون أن ينجح في مسعاه.

انتقل لاحقاً إلى “السعودية” وعمل على بناء جيشها، لكنه استقال من مركزه بسبب الدسائس التي نصبت له، ورحل إلى “العراق” حيث عمل معلّماً. لـ”الفروسية” وأستاذاً لتدريس الطبوغرافيا في الكلية العسكرية وصار رئيس الخيالة في الجيش العراقي.

بدأت الأحداث تتكشف عن مخطط بريطاني يتآمر مع الحركة الصهيونية للاستيلاء على “فلسطين”، الأمر الذي أدركه “القاوقجي” جيداً فقاد. في عام 1936 حملة من المتطوعين، وصل بهم إلى الأراضي الفلسطينية وأعلن نفسه قائداً عاماً للثورة العربية جنوب “سوريا”.

لاحقاً سينسحب “القاوقجي” وكتيبته من “فلسطين” بقرار سياسي ويتجه إلى “العراق”، لكن البريطانيين نفوه إلى “كركوك”. لتقييد حركته حينها كان شغله الشاغل قضية “لواء اسكندرون” الذي استلبه الأتراك فشارك بوضع خطة لإشعال ثورة تشمل كامل بلاد الشام.

كان “القاوقجي” يقود مجموعة متطوعين لمساندة ثورة “رشيد عالي الكيلاني” في “العراق” قبل أن يتجه بهم نحو “فلسطين”، إلا أن طائرة. بريطانية استهدفته بالرصاص قرب “دير الزور”، فنقل إلى المشفى في “حلب” وتم تدبير نقله إلى “برلين” للعلاج حيث استخرجت من جسده 19 رصاصة وشظية.

بحلول العام 1947، سافر “القاوقجي” من “أوروبا” حيث مقر علاجه إلى “القاهرة” ومنها إلى “دمشق”، وعلى إثر التطورات في “فلسطين”. اقترح “القاوقجي” على جامعة الدول العربية تشكيل كتيبة متطوعين تسلّحهم الجامعة لدخول “فلسطين”. ومواجهة الصهاينة، وعرفت تلك الكتيبة باسم “جيش الإنقاذ” بقيادة “القاوقجي”.

لكن القائد أبلغ مجلس الجامعة أن مستوى تدريب مقاتليه أدنى من المتوسط، وأن سلاحه سيء، ونقل رغم ذلك. مقر قيادته إلى “فلسطين” وبدأ خوض المعارك ضد الإنكليز والصهاينة في أيار 1948، فيما حمّل قيادته السياسية في “دمشق” مسؤولية التخاذل وقبول الهدنة تلو الأخرى.

شعور الخذلان مرة بعد مرة من قرارات الساسة الذين وافقوا على الهدنة الدائمة في اتفاق “رودس” عام 1949، أدى لتقديم. “القاوقجي” استقالته.من موقعه العسكري، واستقر في “دمشق” منعزلاً عن المشهد حتى وفاته عام 1977.

أغمض “القاوقجي” عينيه في “دمشق” للأبد، قائداً ومناضلاً وبطلاً انتصر في معارك كثيرة وهزم في أخرى، لكن اسمه بقي لامعاً. كقومي عربي أراد النصر لأمته وحارب لأجله في مختلف الميادين من “سوريا” إلى “العراق” وحتى “فلسطين”.

اقرأ أيضاً:ابراهيم هنانو… أحرق بيته لأجل الثورة و مات مفلساً! 

زر الذهاب إلى الأعلى