أخر الأخبارالرئيسيةشباب ومجتمع

فريق إنقاذ الحيوانات بطرطوس يعاني التنمر وقلة الدعم المادي

الإنسان أكبر المخاطر .. 80% من حالات علاج الحيوانات ناتجة عن تعنيف البشر

لم يكن النسر الذي عُثر عليه مصاباً بطلق ناري في بلدة السودا، الطير أو الحيوان الوحيد الذي ساهم فريق إنقاذ الحيوانات الضالة في طرطوس بإنقاذه. فالفريق المؤلف من 9 متطوعين ومتطوعات، يعمل على نشر ثقافة الرحمة وحب الحيوانات في المجتمع. ويحاول الاستمرار رغم التنمر وقلة الدعم التي تهدد بإلغاء عمله كفريق والاكتفاء بالعمل الفردي.

سناك سوري-تيماء يوسف

وعثر متطوعون في الفريق على نسر مصاب بطلق ناري بجناحه. ليسعفوه إلى الطبيب ويتلقى العلاج، لكنه فقد القدرة على الطيران، ونُقل إلى ملجأ “سارة” في دمشق حتى لا يتعرض للتجارة أو التحنيط.

فكرة فريق إنقاذ الحيوانات في طرطوس “Animal rescue Tartous” بدأت عام 2021. حين اجتمع مجموعة من الشباب والشابات عددهم 9 لتأسيسه. مدفوعين بأهمية الحفاظ على الحياة البيئية.

الشبان والشابات الـ9 موزعين بين الريف والمدينة، ويساعدون الحيوانات من قطط وكلاب وطيور. والتي يجدونها إما بمصادفتها أو بتواصل أحد الأشخاص معهم. فيرسل لهم صور توثيق للحالة ويحدد مكانها. وهم يبحثون عنها ويعالجونها عند طبيب بيطري وبعد انتهاء فتره العلاج، إما يعاد الحيوان إلى منطقته أو يعرض للتبني في حال كان أليفاً.

المهندسة المعمارية مي عبدو – سناك سوري

حملات تلقيح معدومة

عاشت المهندسة المعمارية “مي عبدو” 34 عاماً في جو عائلي محب للحيوانات. وكان لديها شغف تجاهها منذ الصغر. كما قالت لـ”سناك سوري”، وأضافت الشابة وهي أحد أعضاء الفريق أن الحيوانات الضالة تعاني من أمراض كالبارفو والكاليسي والتهاب الكبد الفيروسي والأكزيما ومنها معدٍ. وذلك نتيجة الشوارع غير النظيفة والحرارة وتناول بقايا الطعام المتعفن والعظام.

وما يزيد الوضع سوءاً بحسب الشابة، عدم وجود حملات تلقيح للحيوانات الشاردة وارتفاع سعر اللقاح، فهو مستورد ويحتاج ظروفاً خاصة لتبريده.

الإنسان أكبر خطر تواجهه الحيوانات

أكبر خطر تواجهه الحيوانات هو الإنسان، فـ 80% من حالات العلاج، ناتجة عن تعنيف بشري باستخدام أساليب عنيفة من ضرب وحرق وخنق كما تقول الشابة.

و يوافقها الرأي الدكتور البيطري “جودت يونس” الذي يساعد الفريق، وقال لـ”سناك سوري”. إن أكثر الحالات الواردة للعيادة ناتجة عن عمليات تعنيف من قبل الأطفال خاصة. كاحتراق بمواد كيماوية أو بترولية، واستخدام مسدسات الخرز.

تعنيف الأطفال للحيوانات ليس خطراً على الحيوانات لوحدها. فهو مؤشر عن كمية العنف المتواجدة لدى الطفل. والتي يجب أن ينتبه الأهل لها ويعالجونها قبل أن تتطور في داخله مع تقدم عمره. ما يمكن أن يقوده لعالم الجريمة أو الوقوع بمطبات خطرة.

يدعو الطبيب البيطري الأهل، إلى تربية أطفالهم على الرأفة التي لا يمكن أن تتجزأ. فالشخص الرحيم سيتعامل برحمة سواء مع الحيوانات أو البشر.

النسر الذي تم علاجه مؤخراً – سناك سوري

صعوبات وتحديات

يواجه الفريق العديد من الصعوبات على رأسها التحديات المادية. ورغم وجود عيادات بيطرية تعالج الحيوانات الشاردة مجاناً. لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فهناك تكاليف المواصلات والإقامة والطعام، تقول “مي” أنهم حاولوا البحث عن متبرعين لكنهم لم يوفقوا.

ويعاني المجتمع السوري اليوم من أزمة معيشية خانقة، وينصرف معظم المانحين لتقديم المال للأسر المحتاجة أو دعم الطلاب للتحصيل العلمي. ما يزيدمن صعوبة تأمين متبرعين للحيوانات.

كذلك، يواجه الفريق صعوبات ميدانية مثل قلة عدد المتطوعين وزيادة عدد الحالات التي تستدعي العلاج. كما أنهم لا يمتلكون مقراً لوضع الحيوانات فيه. فإما يستقبلونها في منازلهم أو في العيادات البيطرية أو مراكز تحوي أقفاصاً. فالمقر يحتاج لإمكانيات وتمويل كبير غير متوفر، إضافة إلى تراخيص وموظفين وطبيب وأدوية.

وجد الفريق حلاً معقولاً لتلك المشكلة، فتعاونوا مع ملاجئ للحيوانات في دمشق وحلب، يرسلون إليها الحالات الصعبة، كما تقول “مي”.

التعامل مع الحيوانات بطريقة لطيفة هو إنسانية – سناك سوري

التنمر

التنمر واحدة من المشكلات النفسية الكبيرة التي تواجه عمل الفريق في نشر ثقافة الرحمة والمودة تجاه الحيوانات في المجتمع. وبالإضافة إلى الدعم المادي يفتقدون الدعم المعنوي، وقلة تقبل الناس وتعاونهم معهم.

تقول “مي”، إنها تتعرض للتنمر بشكل كبير لكنها ترد بأن الرحمة لا تتجزأ. وتدعو لإيجاد قوانين لحماية الحيوانات من تعنيف بعض البشر، مشيرة أن مساعدة حيوان ضعيف أو وضع ماء للعصافير هو عمل إنساني، بينما ترى في مساعدة البشر واجب.

يوافق “غيث سلوم” 41 عاماً “مي” في حديثها عن الصعوبات. ويضيف بأن ما دفعه للعمل التطوعي في الفريق هو حبه للحيوانات. كما انه يعمل مع شقيقته منذ 12 عاماً على حمايتها وإنقاذها.

“غيث” الذي يعمل بمجال المونتاج يحضر ما أمكن من الحيوانات التي يعتنون بها كالقطط والكلاب وحتى السلاحف، إلى حديقة منزل شقيقته. التي تضم حالياً 25 قطة، كما أن علاجه المستمر للطيور في منزله أكسبه خبرة كبيرة في هذا المجال وساعده اليوتيوب بتطوير خبرته أيضاً.

معظم الحالات الذي تعامل معها الشاب، كانت عبارة عن حوادث دهس بالسيارات أو تسمم أو ضرب بالحجارة. يقول “غيث” ويشير أن المشكلة الكبيرة اليوم هي انخفاض مستوى الوعي بالتعامل مع الحيوانات. مركزاً على أهمية دور الأسرة في هذا الجانب واقترح إدخال مادة في المنهاج المدرسي للاهتمام بالحيوانات وتنمية هذه الثقافة لدى الأطفال منذ الصغر.

فيما يخص التنمر، بات “غيث” يتجاهل المتنمرين ومنتقدي عمله، وبالنسبة له فإن النقاش معهم لا يوصل لنتيجة. مشيراً أن عمله بإنقاذ الحيوانات مستمر حتى لو توقف الفريق.

إحدى القطط التي تم علاجها من قبل الفريق – سناك سوري

بدورها “ريتا رحال” 22 عاماً، ورغم امتلاكها 5 قطط في منزلها، إلا أنها تستقبل حيوانات جديدة باستمرار. كجزء من عملها التطوعي مع الفريق، وحين تنتهي فترة العلاج يعرض الحيوان للتبني أو يرسل للملجأ خارج المحافظة. مشيرة أنها لا تستطيع تجاهل التنمر، إنما تناقش الشخص على أمل أن تحرك فيه شعور الرأفة تجاه الحيوانات.

ويوجد في سوريا العديد من الفرق الشبابية التي تهتم بالحيوانات وتحاول حمايتها. بينما تواجه العديد من التحديات على رأسها قلة الدعم المادي، إضافة إلى نظرة المجتمع الذي مايزال معظم أفراده غير مكترثين بالحيوانات أو العناية بها.

زمالة سناك سوري 2024

إشراف: داليا عبد الكريم

زر الذهاب إلى الأعلى