فرسان سوريا الجدد – شعيب أحمد

عن الطبقة الجديدة التي يصعب تصنيف درجتها.. لكنها تشبه الجدار العازل
سناك سوري – شعيب أحمد
حين قال “أرنولد الأحمق” إبان الحملة الصليبية على الشرق «إذا كانوا يثقون بمحمّد فليأتي محمّد لينقذهم»، علّق “وول ديورانت” على ذلك بالقول «لم يأت محمد، وإنما جاء صلاح الدين الأيوبي الذي قتل بيده أرنولد، وعفا عن كثير من قادة الصليبيين، فأثبت ثقة المسلمين بنبيهم، ونبل القائد الذي أدبته روح محمّد السامية)).
هذه الروح السامية أو فيما يسميها مؤرخون متأخرون في أماكن أخرى بـ(الرجولة الإسلامية) كانت ثالث ثالوث مكونات الفروسية بعد انتصار (المبادئ الألمانية) و(الأنوثة المسيحية) التي فاخرت بها الامبراطورية الرومانية العالم آنذاك ولعصور تلت إن لم يكن لليوم.
ومع ذلك فلقب الفارس الذي عشقناه في كتابات شكسبير وأساطير الملك آرثر لم يكن ليستحقه إلا المتحدر من أصل النبلاء ومالك الارض.
في بلادنا اليوم و بعد خمس سنوات من الصراع المباشر قرر البعض ممارسة النبالة والفروسية، فطفت على السطح في الشهور الاخيرة طبقة جديدة تمارس النبل والأنانية بحرفية عالية. طبقة من رجال لم يكونوا معروفين من قبل العامة، انتقلوا بسرعة البرق من الشرائح الدنيا للطبقة الدنيا والشرائح الدنيا للطبقة الوسطى ليجدوا انفسهم يشكلوا حاجزاً طبيعياً قوياً يفصل الطبقة الدنيا و ما بقي من الطبقة الوسطى عن الطبقة العليا، هي طبقة رابعة لا أجد ما يشبهها في تاريخ الصراع الطبقي عبر التاريخ.
طبقة لا تشبه الإكوايتس ولا البرغاس ، إنما هي طبقة من العنتريات قام بتشكيلها جملة رجال حاربوا بضراوة (سياسياً وعسكرياً) إلى جانب الحكومة وإلى جانب المعارضة بتشكيلات غير رسمية، وكذلك رجال دين (كهنوت) لم ترق لهم يوماً رغبة التقاعد، كسبوا سمعة جيدة وقصيرة في سنوات مضت، لكنها لم تكن تقارن بحجم تضحياتهم (أو هذا ما خيل لهم)، لذا وحين تبدلت مجريات الصراع، ولاحت بوادر شفاء لهذا البلد أدركوا أنهم إن لم يمارسوا فروسيتهم سيتم وضعهم على الرف، لهذا استعملوا نفوذهم وعنترياتهم فامتلكوا عقارات ضخمة، و ارتبطوا بأنشطة تجارية كبيرة، وانخرطوا بشكل غير مباشر في مؤسسات سياسية عليا عبر شبكة علاقات قوية، وأصبحوا يمتلكون حسابات مصرفية في مصارف محلية وأجنبية لم تكن لتكون لهم لولا فروسيتهم.
ثم دأبوا يمارسوا نبالتهم على ما بقي من أبناء الطبقة الوسطى ككتاب ومسرحيين وأطباء وناشطين عرفوا باخلاصهم للوطن (بالتهديد، بالابتزاز، وبالقتل).
لهذه الانتهازية المرفوضة من المجتمع تجد الجميع يحاربها ببسالة عبر فيسبوك فقط، وبعموميات مشطوحة بعيدا عن ذكر أسماء محددة كما نفعل في هذا المقال، وهو ضابط طبيعي يفرضه حجم العنف في البلاد، ومع كل هذا نستطيع القول أن البلاد قد تتعافى من هذا الوباء، نعم فالشعب الذي جاهد لعدم تقسيم البلاد دائماً يعطي أجوبته ويكرر تأكيداته.
وهنا سأختم بمثال، فالحشرات لا تملك رئتين كما نحن البشر، وتتنفس عبر أنابيب، وحين تنمو وتكبر ليس بوسع تلك الانابيب مجاراتها في نسب تزايد حجمها لهذا هي محكومة بحجم معين لا تتعدى بضع بوصات، لذا نادراً ما نجد حشرة ضخمة، هذا وقس على ذلك كثير ولولا وجود هذا الضابط الطبيعي لما وجد جمهور وشعب. لذا فهذه الحشرات ستبقى في حجمها الطبيعي وستتلاشى كما تلاشى آخرون.
اقرأ أيضاً ليس في حديثي سياسة بل “زكزكة”