الرئيسيةقد يهمكيوميات مواطن

عن فوبيا السلاح والشيطان والحمقى و”حبة البندورة” الضحية!

سناك سوري-داليا عبد الكريم

“لا تلعبوا بالسلاح فإن الشيطان غالباً ما يلقمه ويتركه ليأتي أحمق ما فيلعب به وتحدث الكارثة”، عبارة لطالما رددتها أمي على مسامعنا حين كنا صغاراً، غير آبهة بكلام أمي “كعادتي” كان خيالي يركض باتجاه بندقية الصيد الخاصة بأبي، لطالما كان يغريني تجربتها، أساساً تجربة مختلف الأشياء من حولي عادة لم أستطع أن أتغلب عليها حتى اليوم.

خططت لجريمتي بكل إتقان، كان ينقصني موافقة شقيقتي التي كانت ترافقني كظلي فلا سبيل لأن أقوم بأي شيء دون موافقتها مخافة إخبار والدي.

بعد محاولات حثيثة أقنعت أختي الرزينة التي أعطتني مباركتها للجريمة بشرط أن تطلق النار هي لكوني مجنونة وقد أقتل أحداً، وافقت بخبث فقد كنت أعرف كيف أخدعها، أتيت بالبندقية حشوتها بالرصاص فلطالما راقبت أبي بتمعن حتى استطعت معرفة كل خباياها، ثم وجهتها من نافذة غرفة نومنا أمسكناها أنا وشقيقتي التي أوهمتها بأنها ستطلق النار.. ماهي إلا ثواني حتى اخترقت رصاصة جدار صمت فترة الظهيرة في قريتي!.

بعد زمن لا أعرف مقداره وجدت أمي والجيران يدخلون غرفة النوم، كذلك وجدت نفسي مختبئة في الخزانة وشقيقتي مرمية على أرض الغرفة، إنها الصدمة فقط!.

مقالات ذات صلة

اقرأ أيضاً:السلاح لعبة بيد أطفال إدلب!

فيما بعد مر الكثير من الأعوام دون أن تتيح لي الظروف التفكير في تحديد موقفي من السلاح بعد تجربتي تلك عندما كنت في سن العاشرة، حتى أتت الحرب وبات السلاح لعبة حقيقية بيد الجميع ليس بيدي أنا وشقيقتي فحسب، وأدركت أني أعاني فوبيا كبيرة منه لدرجة أني لا أستطيع النوم في غرفة تتواجد بها بندقية أو أي نوع آخر من أنواع السلاح الكثيرة، ولا أقصد السلاح الأبيض الذي أستخدمه يومياً أثناء “مناوبتي” كربة منزل!.

وبدأت الهواجس تنتابني، ماذا لو هجم المسلحون، ماذا لو أني اضطررت لاستخدام السلاح…الخ، عبثاً كنت أجرؤ على لمسه أو الاقتراب منه، كنت أتعامل مع الفكرة بهستيرية كبيرة جداً، وفشلت.. أنا التي خضت أشرس المعارك مع الحياة أعلنت استسلامي أمام البندقية!.

ثم تذكرت كلام أمي، عن الشيطان الذي يذخر البندقية ويتركها للحمقى ليقتلونا بها، وتدفأت طويلاً بعبارتها اليوم بعد عشرات السنين، أدركت أنها حكيمة جداً وأن الشيطان خبيث ماكر، بعد أن كنت أرى به حاجة ملحة لكل نفس تواقة للخير، أيقنت أيضاً أن الكثير من الشياطين ساعدتنا على تذخير بنادقنا وأمسكت يدنا لضمان أن تصل تلك الذخيرة إلى الوجهة التي أرادوها، تذكرت أيضاً أن الأحمق وحده من يستخدم بندقية ذخرها الشيطان، كذلك أدرك أن داعش وإخوانه ليسوا بأكثر من مجرمين حمقى حملوا سلاحهم المشيطن ليقتلونا به.

وأنا في خضم انفعالاتي عن الشيطان والسلاح والحمقى، لجأت إلى سلاحي الأبيض فانهلت فيه تقطيعاً لأوصال حبة بندورة شاءت الأقدار أن تكون ضحية على يدي!.

اقرأ أيضاً:كيف تعاملت السلطات الهولندية مع لاجئ سوري ارتكب جريمة شرف؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى