عناوين الصحافة الطائفية بيّاعة – بلال سليطين
الصحافة الطائفية "محتوى هيك بدو الدونر"
الصحافة الطائفية في سوريا.. بسهولة بالغة يمكن ملاحظة عشرات العناوين الطائفية والتي تتقصد وضع أسماء طوائف بعينها كنوع من الجذب والإثارة دون وجود محتوى مناسب لهذه العناوين. وهذا الأمر نجده سواء بالوسائل السورية أو التي تستهدف سوريا أو بالمنطقة العربية عموماً.
سناك سوري – بلال سليطين
لكن موضوع حديثنا هنا هو سوريا تحديداً، ليس بسبب الإيمان بنظرية المؤامرة بل لأن هوية الموقع التي نكتب به “سوريَّة”، وبالتالي يجب عليَّ أن ألتزم بالهوية والسياسة التحريرية إذا ما أردت أن ينشر المقال في هذا الموقع. وهذا موضوع سنعود لتناوله بتقارير لاحقة (هوية المؤسسات وسياستها التحريرية).
بشكل ملحوظ وواضح تتحفنا وسائل الإعلام مؤخراً خصوصاً المواقع الالكترونية بعناوين الصحافة الطائفية من نوع “عشر معلومات لا تعرفها عن طائفة كذا؟”. الوضع المعيشي يتدهور أو يزدهر في منطقة كذا ذات الغالبية من طائفة كذا؟. أو مثلاً كل ما تريدون معرفته عن الكاتب من طائفة كذا…إلخ”.
هل إثارة الجدل مهمة الصحافة؟
هل هذه العناوين مثيرة لبعض القراء؟ نعم. هل دور الصحافة إثارة الجدل؟ نعم. لكن هل هذا الجدل الذي عليها إثارته؟ بالتأكيد الجواب “كلا”.
لأن الجدل يثار حول قضية وليس حول طائفة، فالجدل الذي تثيره حول طائفة إنما هو تحريك لنهر الكراهية الذي قد يكون راكداً. خصوصاً في منطقتنا التي تعيش آثار أحقاد وخلافات طائفية منذ مئات السنين وشهدت إزكاءً لنيران الكراهية طوال السنوات الماضية بشكل واضح.
التنميط والمناصرة
وبالحقيقة وضمن إثارة الجدل ذاتها، فما قرأته بكثير من التقارير ذات العناوين الطائفية هي معلومات مغلوطة. وليست سؤالاً حقوقياً مثلاً يفتح باب النقاش حول قضية من شأن تداولها أن يساهم في مناصرة موضوع معين تحاول طائفة ما تعميمه.
والمناصرة هنا تكون مثلاً على موضوع العنف الذي قد تحلله طائفة ما ويمكن إثباته بفتاوى وشهادات حقيقية ودقيقة. فهذا جدل مفيد جداً للضحايا.
أما عندما توسم الكاتب الفلاني بطائفته. وأهالي قرية بطائفتهم بموضوع لا علاقة له بالدين فإنك كصحفي/ة لا تثير الجدل بل تكرس الصورة النمطية. وتساهم في الكراهية والحقد خصوصاً مثلاً عندما تقول عن “س” وهو يجهر بلا دينيته أنه من “طائفة كذا”.
اقرأ أيضاً: دائماً في حوت فساد بيبقى.. بلال سليطين
غاية إثارة الجدل – الصحافة الطائفية في سوريا
إن غاية إثارة الجدل هنا ليست بناء المعرفة ولا إحداث التغيير الإيجابي، وإنما الجذر العميق لهذه العناوين هو أن الطائفية “بيّاعة”. سواء كانت الوسائل التي تنشر هذه العناوين تعتمد على الإعلانات، وبالتالي تحتاج استفزاز القراء لفتح الرابط والكسب من خلال إيرادات الإعلان والتي تبنى على أساس عدد الزوار.
أو أنها تمول من خلال دول ومؤسسات ومشاريع. و بكلتا الحالتين عملية النشر هذه جذرها أن هذه القضايا بياعة سواء للجمهور أو لممول الوسيلة.(هيك بدو الدونر..أي الممول).
دور الصحفيين/ات
وهنا يأتي دور الصحفيين/ات الذين يحتاجون لفرصة العمل ويجدون في هذه الوسائل ضالتهم. وبالمناسبة لا نتحدث عن وسائل محلية مصنفة بشكل واضح بالصراع القائم في البلاد فقط. بل أيضاً عن وسائل عربية وأجنبية تنشر محتوى مبني على أساس طائفي حول سوريا. فإذا كان الصحفيون مضطرون لكتابة هذه التقارير بحثاً عن الدخل ربما يمكنهم اعتماد معايير أعلى وأكثر صرامة في إعدادها.
المسؤولية الأخلاقية
إن المسؤولية الأخلاقية للصحافة تكمن في التعمق أكثر بالمعلومات. والتحقق منها بشكل دقيق ومن عدة مصادر خصوصاً عندما تكون المعلومات المنشورة “معرفية”. والابتعاد عن أي معلومة فيها أقل نسبة من الشك وعدم التحقق أو فيها تنميط لمجتمع أو قرية أو فرد أو حتى طائفة.
المسؤولية الأخلاقية تكمن في إثارة الجدل لأجل تغيير الواقع نحو الافضل وليس لأجل تسجيل نقاط لصالح طوائف أخرى فهذا خطاب كراهية. والمسؤولية الأخلاقية للصحفي/ة أن يعودوا خطوة للخلف عندما يجدون أن المؤسسة التي يكتبون فيها لا تأخذ منهم أو من غيرهم مواد إلا من نوع “شو عندك عن الطائفة الفلانية اليوم. ولا ينشرون محتوى عن موضوع إلا إذا كان بالإمكان ربطه بطائفة أو بأخرى.
إذا كانت الصحافة الطائفية في سوريا وحول سوريا بياعة اليوم، فإن الصحافة الأخلاقية تُشترى للعمر كله.