عمالة الأطفال في سوريا.. عباس يفضل النبش بالقمامة على المدرسة
عباس ينبش بالقمامة ومحمد يمسح زجاج السيارات.. كيف نوقف عمالة الأطفال؟
تتفاقم ظاهرة عمالة الأطفال في سوريا مع استمرار التدهور المعيشي، حيث لا تخلو شوارع العاصمة في دمشق من الأطفال الذين يعملون في مهن لا تناسب بنيتهم الجسدية أو أعمارهم. في حين من المفترض أنهم يعيشون مرحلة الطفولة بما فيها من دراسة ولعب ومنزل دافئ.
سناك سوري- صفاء صلال
يتدلى نصف جسد “عباس” (13) عاماً داخل حاوية القمامة بمنطقة الشعلان وسط دمشق. يغرف رأس الطفل بين أكوام الأكياس المتكدسة فوق بعضها البعض ويثبت نصف جسده بيد على حافة الحاوية. ويده الأخرى تتولى مهمة “النبش” بين النفايات.
منذ أربع سنوات يتوجه عباس من منطقة دويلعة حيث يقيم إلى شوارع العاصمة متنقلاً فيها، ليجمع ما تيسر من النفايات اليومية. يعيش الطفل مع أشقائه الثلاثة ووالدتهم في المنزل الذي استأجروه في المنطقة بعد نزوحهم من مدينة الحسكة.
أجبرت الظروف الاقتصادية القاسية عباس وإخوته على ترك المدرسة ومزاولة الأعمال القاسية لتأمين قوتهم اليومي.
«لم أحلم بالذهاب إلى المدرسة يوماً»، يقول عباس لسناك سوري، ويردف «الشغل أحسن». لا يمكن أن يُلام “عباس” على رأيه هذا، وهو الطفل الذي استفاق على همّ العمل والسعي.
لا أحلام لدى عباس وكل ما يتمناه الشاب جمع أكبر قدر من النفايات اليومية ليحصل على مال أكثر. يشتري به طعام يومه ويتمكن مع اخوته من دفع إجار المنزل.
يعمل عباس من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الحادية عشر ليلاً بشكل يومي ولا استراحة في عطلة نهاية الأسبوع. ويضيف: «يوم الجمعة بيكون في زبالة أكثر انبسط لأن باخد مصاري أكثر».
وتقدر منظمة اليونسيف للطفولة أن أكثر من 6.5 مليون طفل في سوريا يحتاجون إلى المساعدة. وهو أعلى رقم جرى تسجيله منذ بداية الأزمة السورية عام 2011.
محمد يحصّل رزقه بمسح الغبار
على بعد أمتار قليلة من مكب النفايات الذي يبحث فيه عباس، يقف “محمد” (11) عاماً عند إشارة المرور في منطقة الشعلان ينتظر توقف الإشارة. ليتنقل هو الآخر بين زحام السيارات المصطفة ماسحاً غبار زجاجها ليتمكن من تحصيل رزقه اليومي.
يقول محمد لسناك سوري: «لم يجبرني أحد من عائلتي على ترك المدرسة والعمل بل قررت ذلك طواعياً». ويضيف: «إذا ما اشتغلنا ما نعيش ونموت من الجوع».
الحرب فاقمت ظاهرة عمالة الأطفال
تقول المرشدة الاجتماعية “ريم زيود” لسناك سوري أن ظاهرة عمالة الأطفال ليست جديدة على المجتمع السوري. ولكن الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي فاقما الظاهرة، لافتة أن الأثر السلبي للأمر سيظهر بالمستقبل القريب.
ترى “زيود” أن الحلول متنوعة، مثل فرض عقوبات رادعة على كل من يثبت تورطه بتشغيل الأطفال. بالتوازي مع قيام الجمعيات الأهلية بالتعاون مع منظمة اليونسيف، بضم هؤلاء الأطفال. والعمل على إعادة تأهيلهم على مختلف المستويات التعليمية والثقافية والفنية. وتعليم من بات فتياً منهم حرفا مفيدة بالتعليم المهني يستطيعون من خلالها إكمال حياتهم بشكل لا يسبب لهم الأذى.
يذكر أن محاربة ظاهرة عمالة الأطفال يشكل تحديا حقيقيا يقع على عاتق المؤسسات الحكومية السورية. ومنظمات المجتمع المدني التي تُعنى بالطفل لمكافحة الظاهرة لا سيما مع تزايد أعداد الأطفال في الشوراع.