عزمي بشارة: لا يجوز أن يكون الحوار الوطني في سورية شكليّاً وإرضائيّاً

إلى أي مدى ترى الإدارة الجديدة في سورية عازمةً على تحقيق حوار وطني سوري شامل، تتمثل فيه جميع مكونات الشعب السوري، وهل ترى خطوات جدّية على الأرض في ما يخص ذلك، بما يشمل إجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة مستقبلاً؟
أي حوار وطني يجب أن ينعقد بالضرورة بمشاركة مختلف فئات الشعب السوري وتياراته السياسية والاجتماعية وانتماءات أفراده المذهبية والدينية والإثنية، بعد إقصاء النظام السابق ومن يواليه. لكن السؤال يتعلق بمدى إلزامية نتائج الحوار لناحية المبادئ الدستورية التي يجب تبنّيها، إذ يُفترض أن يتوصل الحوار إلى حد أدنى من الإجماع المُلزم الذي يمكّن من العيش المشترك، وسقف أعلى من الحقوق والحريات. لا يجوز أن يكون الحوار شكليّاً وإرضائيّاً، بل يفترض أن تنتج عنه مبادئ دستورية مُلزمة يُصاغ الدستور على أساسها.
السلطة الحالية مشغولة جداً وبحق بتوفير الظروف اللازمة لتسيير الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ولا سيما على مستوى توفير الأمن ورفع العقوبات المفروضة والتي تشل الاقتصاد السوري، مستغلةً الاعتراف الدولي بالسلطات الانتقالية.
من الصعب القيام بهذه المهام من دون الانفتاح على فئات الشعب السوري كافّة، ولا يمكن الاستغناء عن العاملين في الدولة، وعن الجزء الأكبر من أجهزتها المدنية. وهذا يتطلب إعادة تثقيف لعناصر هيئة تحرير الشام وغيرها من الفصائل للتخلّي عن زاوية النظر الفصائلية وعقلية العمل المسلح التي لا تثق بغير الموالين، أو العقلية السلفية التي تصنّف الناس بموجب دينهم ومذهبهم ودرجة إيمانهم على مستوى المظهر الخارجي وغيره.
ثمّة تقدم في هذا المجال على مستوى العاصمة وبعض المناطق المدنية، ولا بد من بذل جهدٍ أكبر، هذا إذا توفرت النية لذلك.
المفكر العربي، مدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عزمي بشار لصحيفة العربي الجديد