عبد الحميد الحسين.. من مستخدم في المدرسة إلى أستاذ لتلاميذها
حكاية تحول نوعي في مسيرة إنسان
سناك سوري – عبد العظيم عبدالله
بدأ عبد الحميد الحسين عمله في وزارة التربية كمستخدم، فهو حاصل على شهادة ابتدائية فقط وقد ترك المدرسة مذ كان في سن الثانية عشرة، لكن هذا الواقع لم يعجبه فقرر أن يغيره وكانت البداية من مقاعد الدراسة التي جلس عليها مع أولاده.
يقول “الحسين” وهو مولود في عام 1978 بمدينة القامشلي خلال حديثه لموقع سناك سوري : «عشت ظروفاً صعبةً في حياتي دفعتني لترك المدرسة مبكراً والعمل في مهن مختلفة حتى أتمكن من تأمين مصروف عائلاتي، حتى قمت بافتتاح محل لبيع ألعاب الأطفال والسمانة».
في العام 2008 كانت بداية التحول في حياة الرجل الذي كان قد بلغ 30 عاماً من عمره، حيث تقدم إلى مسابقة التربية بحثاً عن دخل ثابت ومستقر، وقد نجح بها وتم تعيينه في مديرية تربية “الحسكة” بصفة مستخدم من الفئة الخامسة.
ظروف العمل فرضت على “الحسين” أوقات الدراسة حيث كان يصطحب كتبه معه إلى محله الصغير وإلى المدرسة ينتهز كل دقيقة فراغ ليتصفح كتبه ويراجع معلوماته، كما كان للتشجيع والتحفيز الذي حظي به من أفراد أسرته دور في النجاح الذي وصل إليه.
اقرأ أيضاً:علي محمد بعد فوزه بجائزة الإبداع العربي: أشكر فشلي و ضعفي
يقول “الحسين” لـ سناك سوري”:«بداية تعييني كانت لصالح مدارس “المالكية” وقد عانيت كثيراً من بُعد العمل عن منزلي، أخرج الساعة الرابعة فجراً وأعود مع غياب الشمس، ثم أعود للعمل في المحل، وهنا بدأت تراودني فكرة تحسين وضعي والحصول على شهادة علمية تمكنني من تحقيق تحول كبير في حياتي فقررت العودة للدراسة مع ابني وابنتي اللذان يدرسان في المرحلة الثانوية حالياً».
امتحان الوقوف للمرة الأولى أمام الطلاب كمعلم لم يكن صعباً بالنسبة للحسين وهنا يقول:«كنت مستعداً من الناحية النفسية لهذا اليوم، دخلت الشعبة بكل ثقة ولم أشعر بأي خجل أو توتر أو ضعف، بل على العكس أشعر بالفخر عندما أتحدث لطلابي عن تجربتي التي أصبحت مثلاً ودافعاً للكثيرين لإكمال تعليمهم».موقع سناك سوري.
في العام 2012 كانت أولى الخطوات نحو تحقيق الحلم بإكمال التعليم والتي ماتزال مستمرة حتى اليوم حسب “الحسين” حيث تقدم للشهادة الإعدادية، وفي 2013 تقدم للثانوية ونجح إلا أن نجاحه لم يكن كافياً يقول :«عاودت التقديم للشهادة الثانوية مرة ثانية في العام 2014 لأتمكن من دراسة فرع الجامعة المفضل عندي وهو اللغة العربية وبالفعل تحقق الحلم، وهنا أتوجه بالشكر للمدّرسين “عبد الجبار الدرويش” و “رضوان الدرويش” اللذان ساعداني كثيراً، وعلماني دون مقابل».
بعد الثانوية بدأت مرحلة الجامعة التي يقول “الحسين” لـ سناك سوري إنه وضع لها جدولاً زمنياً 6 سنوات، لكنه لم يحتج أكثر من 4 للتخرج من جامعة الفرات وبمعدل جيد جداً أهّله لمتابعة دراسة الماجستير في اللغة العربية.
اقرأ أيضاً:“دلال عباس”.. بعينين مغمضتين نالت الماجستير بتقدير “جيد جداً”
مرحلة جديدة من العمل الحكومي بدأها الموظف بعد أن تم تعديل وضعه الوظيفي من مستخدم فئة خامسة إلى فئة أولى وتحول للعمل كأستاذ للغة العربية في مدرسة “جرمز” بريف “القامشلي”، وهو حلم تطلب منه بذل الكثير من الجهد والصبر والتحمل من عناء السفر إلى “دمشق” والعمل ليل نهار لتأمين متطلبات أسرته اليومية، وهو اليوم يعد رسالة الدكتوراة، وهنا يوجه شكره لمديرة المركز الثقافي في “القامشلي” “فائزة القادري” التي ساعدته خلال مرحلة دراسة الماجستير في تأمين الكتب اللازمة لدراسته.
مسيرة “عبد الحميد الحسين” تشكل نموذجاً يقتدى به حسب ما أكدته مديرة المركز الثقافي في “القامشلي” فائزة القادري” في حديثها مع سناك سوري، وتؤكد أن طموحه والإرادة التي يتحلى بهما تستحق الإشادة.
للتعلم لذة ومتعة لايمكن وصفها حسب “الحسين” وهو ينصح كل شخص ترك دراسته أن يعود إليها، ويرى أن نجاحه اليوم جعله قدوة في المجتمع ومثلاً أعلى يتطلع كثيرون ليفعلوا مثله وأحسن.
اقرأ أيضاً:كيف تحول”أسامة الأحمد” من عامل النظافة إلى أستاذ جامعي؟