“عبدي الأطرش”.. عميد المتطوعين السوريين يقترب من اليوبيل الذهبي
بدأ التطوع منذ 48 عاماً رفض بدل تطوع بـ 225 ألف ليرة سورية وأصر على المجان
سناك سوري – رهان حبيب
يؤكد الدكتور “عبدي الأطرش” وهو يطوي سنته الثامنة والأربعين متطوعاً للهلال الأحمر السوري بعد أن استقبل ورافق وودع متطوعين كثر دربهم واحتضنهم كأولاده لخدمة المجتمع، أن خوض التجربة الإنسانية رحلة ممتعة لن يمل منها.
أسس “الأطرش” عام 1971 مع مجموعة رفاقه فرع الهلال الأحمر في السويداء، يقول لـ سناك سوري:«عندما تم تمت الموافقة على التأسيس كنا معاً هيئة تأسيسية متساوون بالمهام دون أية صفات إلا أنني وفي أول انتخابات للهيئة حظيت بالعدد الأكبر من الأصوات ثم تنازلت عن رئاسة الفرع مرتين الأولى لصالح المرحوم الدكتور “نزار ملحس” والثانية للمرحوم الدكتور “جميل الفقيه” من أجل تعزيز عملهم في مديرية الصحة، وفي الثالثة تسلمت الرئاسة بالانتخاب وبقيت كذلك على مدى ثلاثين عاماً، علماً أن الكثيرين ممن عملت معهم في البداية تركوا العمل ولم يبقَ إلا أنا».
يلقبه الهلاليون (أعضاء الهلال الأحمر) بالأب الروحي للهلال، يقول إن هذا شرف له:«أمضيت عمري متطوعاً ومازلت في العمل الإنساني مجاناً مع العلم بأن رئاسة المنظمة في “دمشق” منحت رؤساء الفروع 225000 ليرة سورية شهرياً كمكافأة على أعمالهم اعتباراً من عام 2018، لكني لم أقبلها، عملي كان تطوعياً ومجانياً وسيبقى، ولم أرضَ أن أحرق سنوات الخدمة بقبضة من المال رغم حاجتي».
جمع “الأطرش” بين عمله في العيادة والتطوع إلا أنه كان يخصص في عيادته أيام علاج مجاني، يقول إن المبادئ الأساسية للحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر في الإنسانية وعدم الانحياز والاستقلال والخدمة التطوعية والوحدة والعالمية بقيت شعاراً له وهدفاً في حياته حلم به أثناء دراسة الطب والعمل:«كنت أفتح عيادتي بالمجان لمرضاي مخصصاً يوماً لذلك وأزور الكثيرين منهم في منازلهم دون مقابل و أقدم الأدوية، حتى وصلت لمرحلة التقاعد عام 1999 حينها كرست نفسي لرئاسة فرع الهلال، وعضو لمجلس الإدارة أو المكتب التنفيذي في المنظمة بـ “دمشق”».
على صفحته الشخصية في فيسبوك تكتب فتاة شكراً له، فهو الطبيب العام الذي ساعدها في ولادتها كونها غير قادرة على زيارة طبيب نسائية نظراً لصعوبة الظرف، في الشارع تجد الناس يلقون عليه التحية وينحنون له باحترام.
عندما ابتلت سوريا بهذه الحرب كان عميد المتطوعين السوريين في عقده الثامن من العمر، إلا أن العمل في السلم غير الحرب، يقول:«في سنوات السلم كنا نستعد للعمل في الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والحرائق والكوارث الصنعية مثل الحروب، وللأسف عايشنا الحرب وذقنا مرارتها وقد تابعت مع فرقنا الوافدين وقدمنا لهم الرعاية الصحية والنفسية والغذائية، كما نقوم نحن عناصر الفرع بنقل المرضى من كبار السن ومن ليس لديهم القدرة على الوصول للمشفى وكل من يحتاج المساعدة، إلى جانب مشاركة ومتابعة شبابنا في العمل وتأدية الخدمات في الغوطة الشرقية».
ويتابع: «خلال مرحلتي السلم والحرب استقبلت شبان وودعت الكثيرين من الأصدقاء والمتطوعين، وكم أسعد اليوم بأولادي الذين أتذكرهم بالاسم وأتذكر مواقفهم، هي ذاكرتي التي اغتنت مع الهلال وقد أكون وثقت الكثير منها علناً نستقبل معا مرحلة السلم بعد سنوات الحرب العجاف».
من متطوعين بعدد أصابع اليد إلى 7000 متطوع في السويداء، تحول الهلال، لاينسب الرجل الفضل له في ذلك ويقول:«لم تكن رسالة سهلة لكنها أيضاً لم تكن مستحيلة هي حالة من جس نبض الخير، وقد تكون إشارات بسيطة قادرة على جذب الانتباه لكن العمل على الأرض كان الأكثر أثراً، الخير موجود وإن قل الظهور وأنا بالطبع لا أجير ما وصلنا إليه اليوم من 7000 آلاف متطوع و41 نقطة هلالية من 71 على مستوى القطر، لعملي بل كان ثمرة عمل جماعي حفر عميقاً بالمجتمع ليجمع بذور الخير».
*هل يمكن القول أنك حققت رسالتك وطموحك خلال العقود الماضية؟
الرسالة تحققت في إيصال الخدمات لمحتاجيها لكن الطموح أكبر اليوم بالاستمرار بالعمل وأنا في عقدي الثامن مع شبان الهلال المندفعين للعمل والعطاء وأشهد على نجاحهم في عيون أهلهم على ساحة المحافظة وكل الأمكنة التي وصلنا إليها.
عقوده الثمانية وعمله الدؤوب مكنه من ذاكرة لا تغفل من مرّ زائراً أو شارك متطوعاً أو قدم خدمة بسيطة، ليبقى أحد أقدم متطوعي المدينة صاحب الهمة والعزم ولنهدي التحية في يوم التطوع العالمي له ولأصحاب اللمسات الإنسانية أينما حلو.
يذكر أن الطبيب “عبدي” من مواليد ١٩٣٨ متزوج ولديه ثلاث بنات بعد وفاة ابنه “حسام” مهندساً شاباً، وهو يحتفل اليوم مع آلاف المتطوعين السوريين باليوم العالمي للتطوع الذي يصادف 5 كانون الأول من كل عام.
اقرأ أيضاً:الهلال الأحمر السوري 77 عاماً “كي يسود الحب”